ميلودراما الكرة المصرية! - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ميلودراما الكرة المصرية!

نشر فى : الإثنين 24 فبراير 2020 - 11:10 م | آخر تحديث : الإثنين 24 فبراير 2020 - 11:10 م

** مباريات كرة القدم مثل أفلام السينما والدراما. لها سيناريو غير مكتوب، وغير معروفة نهايته، ولا يمكن لخيال أى مؤلف وإبداع أى مخرج رسم النتيجة وتوقعها. لكن الشىء الغريب أن كثيرا من مباريات الأهلى والزمالك يسبقها دائما وغالبا تعليق مختصر من أبسط المشجعين وأكثرهم: «ربنا يستر».. وهو ما يعكس حالة من التخوف لما يمكن أن تسفر عنه مباراة بين أكبر ناديين فى مصر من شغب وأحداث.
** نعم. فأفلام الكرة المصرية مثل نوع من الدراما ومن التمثيليات التى تزخر بالحوادث المثيرة والمفاجآت وتتسم بالمبالغة فى كل شىء فالممثلون يبالغون فى التعبير عن العواطف والانفعالات، كما يبالغون فى الحركات التمثيلية، لكى يؤثروا فى المتفرجين.. وشخصية الرجل الشرير فى الرواية مبالغ فيها كما أن البطل دائما كريم الخلق جميل الصورة، والبطلة دائما حسناء طيبة طاهرة النفس.. وتقع فى الرواية حوادث ومغامرات غير معقولة ومع ذلك تنتهى دائما نهاية سعيدة أو فيها إيحاء بأن النهاية سعيدة ولطيفة حتى لو لم تكن معقولة..!
** لكن هذه المرة فى مباراة السوبر بالإمارات بين الزمالك والأهلى جاءت النهاية درامية إغريقية أو هندية فى فيلم من إنتاج سينما بوليوود.. اللعب والبهجة انتهت بالضرب واللكم وبالكر والفر.. ولن أتحدث عن المستوى.. وهو دون المستوى بشكل عام، لكن السؤال المهم هو: هل تلك هى المرة الأولى التى تشهد فيها مباراة بالكرة المصرية مثل هذا السلوك المشين أخلاقيا؟ ولماذا حدث ما حدث فى أبو ظبى ولماذا يحدث ما يحدث فى أوساط اللعبة بمصر بعد هذا الذى حدث فى أبو ظبى؟
** أولا إن عدم التعامل مع الفوضى الكروية السائدة منذ سنوات وراء هذا الذى جرى ويجرى. ويضاف إلى ذلك ازدياد درجات الاحتقان، نتيجة تصريحات وتجاوزات إدارية وإعلامية غير مسئولة من جانب لاعبين ومدربين والاعتراض على قرارات الحكام لأتفه الأسباب فى أتفه المباريات، وبالتالى كان ما ترتب عليه ترك الأمور تمضى دون تدخل حاسم هو حالة الفوضى التى شاهدناها فى الملعب عقب مباراة السوبر وحالة الفوضى التى نعيشها الآن فيما بعد مباراة السوبر.. وذلك مع زيادة حالات الاحتقان نتيجة محاولات زرع الفتنة بين جماهير الأهلى والزمالك من جانب صناع الفتن وتجار الخراب الذين يعملون على هدم المجتمع المصرى وفقا لخطة ممنهجة وعمل شيطانى لا يعرف التوقف.
** يمكن صياغة كتاب كامل فى أسباب تدهور حال الكرة المصرية أخلاقيا، فالقضية ليست الأهلى والزمالك وحدهما، ويكفى أن نتابع صخبا واحتجاجا وتشويحا ورفضا وسلوكا سيئا وغير رياضى وخرافات تصدر وتعلن يوميا دون أن يوقف إنسان واحد هذا التهريج، لكن الأهم من هذا كله هو الفهم المغلوط للاحتراف.
** منذ عام 1990 وعند تطبيق الاحتراف فى الكرة المصرية تم تصدير فكرة تقول إن الاحتراف هو الفوز بالمال، كم يقبض اللاعب، وكم يقبض المدرب، بينما الاحتراف شىء آخر فى مفهومه. فهو التفوق والتميز والإبداع والابتكار. وهو تفرد الشخص المحترف فى مهنته بمهارات ومواهب لا يملكها غيره. ولغياب تلك المفاهيم تحول الاحتراف إلى منطق الهبش والنبش والخطف. والفوز بأكبر قدر من المال فى أقصر وقت. وهو ما أدى إلى سقوط قيم النجاح والأخلاق وقيم الرياضة ومعانيها ورسالتها وأهميتها.. وساعد على ذلك خطاب رياضى مغموس فى الجهل، مثل أن لاعبا بعينه يدفع به مدربه فى الدقائق الأخيرة لأنه يعلم بقدرة اللاعب على التسجيل فى الدقيقة الأخيرة. ومثل أن هذا الفريق يفوز بالسحر وأن حارسا للمرمى يحمى مرماه بالسحر، فأصبح ما يصدر للجمهور هو أن هناك لاعبا آخر أقوى من كل هؤلاء الذين يتعبون ويعرقون ويلعبون فى الملعب.. تماما كما جعلنا كل حكم فى مباراة هو سبب الهزيمة فالمهم ألا نكون نحن السبب؟!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.