من أول الكلام حتى لا يساء فهمنا فالمقصود هنا هو الرئيس الأسبق مبارك، أما علاقة الرئيس السيسى بالموضوع فلأنه فى أحد لقاءاته الأخيرة مع رجال الأعمال كشف الغطاء عن المافيا التى تتحكم فى اللحوم المستوردة.
نعم هناك مافيا تتحكم فى الواردات من القمح والسكر واللحوم وبالتالى فى أسعارها ولا يستطيع أحد غيرهم الدخول إلى هذه الداوئر وإلا فالويل له حيث تمحورت المافيات فى تحالف بغيض مع بعض رجال السلطة فى الماضى واحتمت بهم
وأمامنا قصة مر عليها عشرة أعوام كاملة ضاعت فيها وخلالها فرصة حصول البلاد على لحوم رخيصة من السودان والتى لو تم تنفيذها لوصل سعر كيلو اللحم المشفى إلى سعر منخفض جدا ولكن هناك أيادى خفية ضربت الصفقة فى مقتل بعد الاتفاق عليها فى إطار أعمال اللجنة العليا المصرية السودانية المشتركة التى اجتمعت بالخرطوم برئاسة د. عاطف عبيد، رئيس الوزراء آنذاك، وتم توقيع الإتفاق بين وزيرى التموين المصرى والتجارة السودانى على استيراد 30 ألف طن لحوم سودانية مقابل سلع مصرية مما يشجع الصادرات المصرية إلى السودان فهى مبادلة تجارية سلع مصرية وليس نقدا أجنبيا مقابل لحوم مبردة سودانية وليست مجمدة.
الذى حدث بعد ذلك لا يخطر على بال أحد فقد أسالت الصفقة لعاب مافيا استيراد اللحوم وشعرت أنها ستكشفها وتكشف أرباحها الخرافية والتى تصل إلى 400% وأصابتهم بالذعر رغم أن حجم الصفقة صغير لا يقارن بحجم ما يستوردونه من لحوم بلغت آنذاك 475 ألف طن فى السنة ولكنها كانت رسالة إنذار إلى المتاجرين باللحوم واحتكارهم الاستيراد وفرضهم أسعارا عالية سوف تكشفها أسعار اللحوم السودانية والتى لن يتجاوز سعر الكيلو منها آنذاك 15 جنيها للمستهلك.
تم الاتفاق واستعد الطرف السودانى لاستقبال الوفد المصرى الذى صدر قرار رئيس الوزراء بتشكيله لممارسة عمليات الكشف البيطرى والفحص الصحى ومراقبة الذبح يتم بعدها شحن اللحوم إلى مصر بـ1750 جنيها للطن على 75 رحلة جوية بواقع 40 طنا فى المرة الواحدة ثم تنقل من مطار القاهرة بشاحنات مبردة لحساب هيئة السلع التموينية لتقوم بتوزيعها على المجمعات الاستهلاكية.
على أرض الواقع كشفت البيروقراطية المصرية العتيدة عن أنيابها واصطدمت الصفقة بكم هائل من التعويق من 30 جهة على الأقل وفق وزير التموين آنذاك، كما دقت المافيا طبول الحرب لضرب الصفقة وإبطال مفعولها وقامت خطتها على محورين أولهما ما حدث بين مجموعة الوزراء فى الوفد المرافق لرئيس الوزراء فى زيارته للسودان والذى كان يضم وزراء المالية والتموين ووزيرة الدولة للتعاون الدولى وبعد أن بدأ الاتفاق يأخذ طريقه للتنفيذ وبينما وزيرا التموين والتعاون الدولى المتفاهمان والمتعاونان يضعان اللمسات الأخيرة وخطة التنفيذ دخل عليهما وزير المالية وقال لهما : على جثتى تنفيذ هذا الاتفاق ودارت مناقشات مستفيضة بينهم وأقبل الليل فاتفقوا على التصعيد إلى رئيس الوزراء للاتصال بالرئيس بالقاهرة وذهبوا إليه فى غرفته وبعد شرح الأمر له قال : الوقت متأخر زمان الريس نايم.
ولكن المافيا كانت صاحيه فهرع أحد كبار رجال الأعمال إلى السودان وقال لهم لماذا تصدروا لحوما مقابل سلع مصرية؟ إننا مستعدون لاستيرادها بمقابل نقدى وبأسعار أعلى.
ضاعت الصفقة فى واحدة من قصص مافيا الاستيراد التى لاتزال قائمة وطال انتظار تفكيكها.