حكايات من المونديال (8) بيليه.. بطل رواية ترويض الگرة فى السويد 1958 - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الإثنين 2 ديسمبر 2024 8:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكايات من المونديال (8) بيليه.. بطل رواية ترويض الگرة فى السويد 1958

نشر فى : الأحد 25 مايو 2014 - 5:15 ص | آخر تحديث : الأحد 25 مايو 2014 - 5:15 ص

•• ترويض النمرة أو كاثرين الشرسة، هى رواية من روايات شكسبير التى تعبر عن المرأة بوجهيها الرقيق والعنيف. وقد عُرفت كاثرين الجميلة بكاثرين الشرسة أو المجنونة لانفعالاتها الشديدة بتحطيم كل ما يعترض طريقها كلما تقدم إليها عريس. وقد زادها عنفها شهرة، وانقطع الخاطبون عنها ماعدا بتريشيو (أو رشدى أباظة فى فيلم آه من حواء) الذى استطاع أن يحول كاثرين الشرسة إلى كاثرين المطيعة بحيله وعنفه تارة وادعائه الجنون تارة أخرى!!

إن كرة القدم فى أحيان كثيرة تبدو مثل كاثرين النمرة، الثائرة، المترددة، المتقدمة، المتأخرة. الرقيقة. العنيفة. الحانية. الغاضبة. هى أحيانا تلك المرأة. وبعد تجربة البرازيل المريرة فى 1950.. نجح بتريشيو البرازيلى «بيليه» فى ترويض الكرة.. أو «النمرة سابقا».

•• إذا كانت المجر قدمت طريقة متوسط الهجوم المتأخر فى أوائل الخمسينيات، ولعبت بها فى سويسرا عام 1954، فإن البرازيل فاجأت العالم عام 1958 بطريقة 4/2/4، وبنجوم يفهمونها ويحفظونها، ويطبقون واجبات مراكزها ببراعة، ويضفون إلى جماعية اللعب لمسات ساحرة، وقد صنعت المجر طريقتها خصيصا لهيديكوتى، وبوشكاش وكوتشيش، وكذلك صنعت البرازيل طريقتها من أجل ديدى وجارينشا، وزاجالو.

•• قبل 17 عاما من تاريخ هذه البطولة، ولد أيدسون أرانتس سيمنتو أو بيليه فى أحد الأحياء الفقيرة فى البرازيل.. أما بيليه اللاعب العبقرى، والملك الذى هتف بحياته رئيس جمهورية البرازيل عام 1970، فقد ولد فى السويد عام 1958 وبالتحديد يوم كان يبكى على صدر زميله ديدى لأن البرازيل حصلت على كأس جول ريميه لأول مرة. واسم بيليه الحقيقى مزيج من اسم الأب والأم، جوراموس دونا سيمنتو وسيسلتى أرانتس. ووالده كان لاعبا لكرة القدم، وسجل مرة 5 أهداف برأسه فى مباراة واحدة.

•• هذه هى النهاية، أو ما انتهت إليه البطولة فى 1958، أما البداية فكانت هذا النبأ الذى سجلته صحف أوروبا وأمريكا: السويد تنظم الحدث العظيم.. وقرر الفيفا إلغاء الامتياز الممنوح للقبعة البريطانية، فلا تعتبر بطولة بريطانيا بمثابة مجموعة تصفية تضم إنجلترا، اسكتلندا، ويلز، ايرلندا الشمالية، وإنما تلعب الفرق البريطانية الأربعة فى مجموعات أوروبية مختلفة وتحققت المفاجأة، وتأهلت الفرق الأربعة إلى نهائيات الكأس.

•• بدأت الدورة، ودارت التساؤلات والتوقعات: من يفوز بكأس جول ريميه ؟. ألمانيا الغربية حاملة اللقب وقاهرة المجر فى 1954، أم انجلترا سيدة اللعبة، أم بقايا فريق المجر الذهبى الذى هرب نصفه من الدبابات الروسية ــ فى 1956 ــ التى احتلت بودابست لإخماد ثورة ايرمرى ناجى وصرخته من أجل الحرية؟.

من يفوز بالكأس؟ أوروبا أم البرازيل، باعتبارها المرشحة من أمريكا اللاتينية؟‍. أم هى فرصة السويد العظيمة لنيل هذا الشرف لأنها الدولة صاحبة الأرض والجمهور ؟.

•• فازت البرازيل على السويد 5/2 فى المباراة النهائية، التى تعد من أنظف النهائيات فى تاريخ الكأس، وحصل شعب السامبا والكاريوكا على كأس جول ريميه لأول مرة والواقع أن مشكلة البرازيل فى البطولات الخمس الأولى هى عدم قدرتها على توظيف الموهبة الفردية لصالح الجماعة وتخليها عن الفن عند ظهور العنف، والعصبية الشديدة فى مواجهة الخصم، بجانب سوء النظام والتنظيم الذى يصل إلى حد عدم الجدية وحينما عالجت البرازيل ذلك أحرزت كأس العالم خمس مرات، وهى تستحقها خمس مرات أخرى على الأقل.

قدم البرازيليون عروضا جميلة فى هذه الدورة كانت قمة فى الكرة الهجومية واستطاعوا أن يروضوا تلك البالونة المستديرة كما روضوا مشاعرهم وانفعالاتهم، فلا عنف ولا لعب على السيقان، وإنما على الكرة، وهم يطبقون 4/2/4 ببراعة، وبفهم، وهناك فى خط الظهر بللينى وأورلاندو، وجالما سانتوس ونيلتون سانتوس، والوسط به الأسطى ديدى، وزيتى وفى الهجوم جارينشا الجناح الأيمن، وفافا قلب هجوم، وبيليه مساعد هجوم أيسر، وزاجالو الجناح الأيسر. ومع هذه الطريقة، وهذه الأسماء، كان السحر والفوليا سيكا ــ أو شوطة الموزة ــ، والتى تعرف فى البرازيل بهذا الاسم، واستاذها هو ديدى الذى أسعدنى الحظ والتقيت به فى السعودية حين كان يدرب هناك، وبقدر إعجابى به كلاعب، فقد كان حديثى كله معه عن بيليه، وأسعدنى أكثر هذا الحب الذى شعرت أن ديدى النجم الذى كان يحمله لزميله بيليه النجم الذى أصبح.

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.