للسلطة نهجها فماذا عنا؟ - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 7:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

للسلطة نهجها فماذا عنا؟

نشر فى : الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 - 8:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 - 8:15 ص

تجد السلطة التنفيذية والمصالح الاقتصادية والمالية والإدارية والحزبية المتحالفة معها أو الموالية لها فى وسائل الإعلام التقليدية كالصحافة والبرامج الإذاعية والتليفزيونية مساحتها «المفضلة» لممارسة احتكار الحديث باسم الوطن والمجتمع والدولة، ولإلغاء وجود المواطن الفرد، وفرض صوتها على الناس كصوت ــ الصالح العام ــ أوحد، ولنزع المصداقية عن كل ما عداه تارة تخوينا وتارة تشويها. أما القطاعات الطلابية والشبابية وبعض المجموعات والفاعليات السلمية الأخرى التى تريد لمصر العودة إلى مسار تحول ديمقراطى حقيقى وترفض الهجمة السلطوية على الحقوق والحريات وتنأى بنفسها دوما عن التورط فى خروج على القانون أو فى عنف أو فى تبرير للإجرام الإرهابى الكاره للحياة أو فى استخفاف بحتمية الانتصار لمجتمع يسوده السلم الأهلى والتسامح ولدولة وطنية عادلة وقوية، فلم تعين بعد بدقة لازمة الرؤى والأفكار والتوجهات التفصيلية التى ترغب فى دعوة الناس إلى تأييدها لكى يتغير حاضرنا ومستقبلنا ولم تحدد أيضا المساحات الممكنة لمخاطبة الرأى العام بفاعلية.

وضعية السيطرة على وسائل الإعلام وممارسة الضغط القمعى / الأمنى المستمر على المجموعات المدافعة عن الحقوق والحريات وعلى المجتمع المدنى الذى تغلق أمامه ساحات الفعل العلنى بقوانين قمعية وعلى المواطن المهدد عبر استخدام قوانين قمعية أخرى بالتهجير من المجال العام ما لم يمتثل لصوت «الصالح العام» الأوحد تزينان للسلطة التنفيذية فى مصر: 1) الاستغناء عن السياسة بإماتتها وقصر صناعة القرار على المؤسسات والأجهزة والدوائر الرسمية، و2) الاكتفاء بإنتاج مقولات شديدة العمومية عن دفع الوطن والمجتمع والدولة إلى الأمام لا رؤى ولا أفكار ولا توجهات محددة بها، و3) واختزال المواجهة الضرورية للإرهاب وللعنف فى أدوات عسكرية وأمنية لا ينكر أحد مركزيتها ثم توظيفها لتعميم المعالجة الأمنية لجميع قضايا المواطن والوطن والمجتمع والدولة.

تواصل السلطة التنفيذية نهجها هذا، بينما تتمسك قطاعات شعبية واسعة بدعمها له إن اقتناعا بحتمية «الاعتذار» عن تجربة التحول الديمقراطى وبعدم ملاءمة الديمقراطية والحقوق والحريات لأوضاعنا المصرية أو تسليما بأن مواجهة الإرهاب والعنف لا تستدعى إلا استخدام الأدوات العسكرية والأمنية وبالقطع حضور «الحاكم القوى» أو خوفا من فراغ يضر بالوطن والمجتمع والدولة أو أملا فى تحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمستويات المعيشية ــ وجميع هذه المضامين تروج لها وسائل الإعلام ذات الملكية العامة والخاصة بكثافة بالغة، وتبدو مظاهر التململ على قطاعات أصغر كانت فى خانات التأييد والدعم ولم يعد فى استطاعتها اليوم لا تجاهل الهجمة السلطوية ولا النظر بمعايير مزدوجة إلى انتهاكات الحقوق والحريات.

أما القطاعات الطلابية والشبابية والمجموعات والفاعليات السلمية المطالبة بالعودة إلى مسار تحول ديمقراطى وبرفع المظالم وإنهاء الانتهاكات وإيقاف الإجراءات العقابية التى أنزلت بهم وبغيرهم فى إطار منظومة متكاملة للعدالة الانتقالية تضطلع أيضا بمهام التوثيق والمكاشفة والمساءلة والمحاسبة، فلم تتمكن بعد من تنزيل مبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات إلى قائمة واقعية من الرؤى والأفكار والتوجهات القابلة للاشتباك الإيجابى مع الأوضاع المصرية الراهنة، والقادرة على صياغة بديل واضح المعالم يريد سلم المجتمع الأهلى وتماسك الدولة الوطنية ويعمل على تخليص الوطن من شرى الاستبداد والإرهاب، ويجتهد لاجتذاب القطاعات الشعبية المتململة إلى ساحات معينة بدقة للفعل الإيجابى الملتزم بالسلمية والعلنية من أجل مقاومة الظلم ومن أجل وطن متقدم ومجتمع متسامح ودولة عادلة وقوية.

غدًا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات