لا نحتاج إلى أى فتوى - محمد موسى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا نحتاج إلى أى فتوى

نشر فى : الأربعاء 26 مارس 2014 - 6:35 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 مارس 2014 - 8:47 ص

مرة أخرى يتحدث باسم الإسلام، وباسم الله تعالى، فيرحب بحكم الإعدام الجماعى المتوقع فى أحداث العنف بالمنيا، ويسأل: أوراق إيه ومفتى إيه، تنفيذ الإعدام فورا.

إنه أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وما أدراك ما الأزهر.

«حصن الوسطية» الذى أصبح بعافية، وطلابه لا يكتفون بهدم أسواره ومطاردة أساتذته وتعرية أستاذاته، بل يحملون المولوتوف ويجاهدون فى سبيل رابعة وضحاياها، ويموت بعضهم فى عمليات إرهابية، كما حدث لطالب أصول الدين فى الشرقية قبل أسبوعين.

«منارة الإسلام المعتدل» أصبح المصنع الأول لرجال الإخوان والتيارات السلفية، ووقود عمليات الجهاد فى المستقبل. لكن المفارقة أنه مصنع المتطرفين من الجانب الآخر أيضا. ها هو سعد الدين الهلالى أستاذ الفقة المقارن بالأزهر يدعو لتنفيذ الإعدام دون استشارة زميله المفتى.

ليس غريبا على الرجل، فباسم الله والإسلام أيضا أبلغنا، نحن المصريين الغلابة من خارج الفسطاطين، أن السيسى ومحمد إبراهيم من رسل الله.

إنه يتحدث باسم ربنا.

قال بالنص فى بداية فبراير: ابتعث الله رجلين كما ابتعث من قبل موسى وهارون. ما كان لأحد أن يتخيل أن هؤلاء من رسل الله عز وجل، وما يعلم جنود ربك إلا هو. خرج السيسى ومحمد إبراهيم، (تصفيق حاد) تحقيقا لقول الله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله.

أشعر بالعار لأن الشيخ لا يعرف أن الضمير فى «قاتلوهم» يعود على الكفار وليس على الإخوان، ولا كفار بيننا. وأشعر بالرعب من هدوئه وهو يقول بثقة: وما يعلم جنوده إلا هو، فكيف عرف الهلالى؟.

أستاذ الفقه يواصل حربه. يرفض إحالة أوراق 529 إخوانيا إلى المفتى أمس الأول، ويطالب بتنفيذ الإعدام على الفور، لأنه «وفقًا للفقه الإسلامى، إذا أصدر القاضى حكما، فإن الحكم ينفذ فورا، دون حاجة إلى تعقيب من المفتى أو الاستئناف».

يتحدث هنا باسم الفقه الإسلامى.

يبارك الشيخ الأزهرى للقاضى الذى «أراح ضميره، هنيئا له»، فيتحدث باسم الضمير.

من الأفضل لهذا البلد أن يصمت شيوخ التحريض والنفاق والجهل من كل الجهات. فتاوى التحريض والوعيد كانت تملأ القنوات الدينية، وأغلقتها الدولة، لكن الجنون والجهل لا يموتان. ومصر لا تحتمل الآن هذا النفخ فى النار.

حتى الفتاوى الفكاهية، مثل أن علامة شيفروليه حرام لأنها صليب متنكر، تحرض على العنف وسفك الدماء فى النهاية.

لا تحتاج مصر الآن إلى فتاوى دينية من أى نوع، لا فيما يخص فيلم نوح، ولا فيما يتعلق بقرارات من محكمة المنيا. على وقع طبول الحرب، تدخل مصر نفقا مرعبا من القتل والقتل المضاد، رغم أن معركتنا أهم وأكبر وأشد وطأة من صراعات غبية وضيقة الأفق.

العقل يتخلى عنا حين يدفعنا إلى دوائر الدم التى لا تنتهى فى شهر أو عامين، وينسينا معركتنا المصيرية، وهى الحياة قبل الموت. نسبة الفقر فى مصر هى الرقم الوحيد الذى يحافظ على نسبة ارتفاع سنوية لا تقل عن واحد بالمئة، وكل ماعدا ذلك فى تراجع، وانخفاض، واحتضار.

سؤال من فيروز فى مسرحية «جبل الصوان»:

اللى بيندفع حقه ناس، هل هو أغلى من الناس؟

لا يوجد شىء أغلى ولا أهم ولا أكثر قداسة من الإنسان، البنيان الذى شيده الله، وهدمته أطماع الإنسان.

محمد موسى  صحفي مصري