دستور على رفوف «الاتحادية» - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دستور على رفوف «الاتحادية»

نشر فى : الأحد 26 يوليه 2015 - 9:10 ص | آخر تحديث : الأحد 26 يوليه 2015 - 9:10 ص
لا تستقيم الامور لنظام حكم، إذ ما قرر حرق القواعد التى أوصلته إلى السلطة، ولم تشفع أغلبية الصندوق مهما كانت نسبتها لأنظمة تلاعبت فى الاسس الدستورية التى حددت صلاحيتها ونظمت العلاقة بينها وبين باقى مؤسسات الدولة.

خلال حفل الإفطار الثانى للأسرة المصرية الذى أقيم قبيل عيد الفطر بثلاثة أيام قال الرئيس عبدالفتاح السيسى لضيوفه:«إن الدستور الحالى للبلاد طموح جدا ورائع، لكنه يحتاج مزيدا من الوقت حتى ينفذ».

كلام الرئيس يوحى بأن الدستور «الطموح الرائع» الذى حاز على ثقة نسبة غير مسبوقة من المصريين، تم ركنه على إحدى رفوف قصر الأتحادية فقط «كى نباهى به الأمم»، ولن نتمكن من إنفاذ مواده وتحويلها إلى واقع إلا فى الوقت الذى يراه الرئيس مناسب.

الدلائل التى تعزز «ركن الدستور على الرف» أكثر من أن تحصرها هذه السطور لكننا سنعدد أبرزها، بدءا من علاقة الرئيس بـ«البلدوزر» إبراهيم محلب رئيس الحكومة، فبالرغم من منح الدستور صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء تصل إلى حد مشاركة رئيس الدولة فى وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها كما نصت المادتين 150 و167، الا أن محلب تحول مع مرور الوقت إلى موظف يسعى دائما إلى ارضاء رئيسه واقناعه أنه فى حالة حركة دائمة بغض النظر عن حجم الانجاز، وانتهى به الأمر إلى تعنيفه على العلن أمام جمع من الوزراء والمسئولين.

تأخير انتخابات مجلس النواب، والدخول فى متاهة القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، دليل آخر على تجاهل الدستور الذى نصت المادة 230 منه على البدء فى إجراءاتها خلال مدة لا تتجاوز 6 أشهر من تاريخ العمل بالدستور.

إن تعمد تأخير انعقاد مجلس النواب مرتبط فى الاساس بأن تظل السلطة التنفيذية بلا رقيب يراجعها ويحاسبها، كما أنه يحجب عن المواطنين اية رؤية مخالفة، أو صوت معارض قد يمثل بديلا مستقبليا للنظام الحالى، فضلا عن أنه يجعل رئيس الدولة ينفرد باصدار القوانين والتشريعات.

لقد قيدت المادة 156 من الدستور حق الرئيس فى اصدار القوانين، وربطته بوجود «ما يوجب الاسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير»، والواقع أن ماكينة التشريعات الرئاسية أسرفت فى استخدام الحق الدستورى وخرج منها منذ تولى السيسى سلطته قبل عام وشهر أكثر من مائتى تشريع، من المفترض وفقا للدستور أن تراجع وتناقش تحت قبة البرلمان المقبل وأن يقرها المجلس خلال 15 يوما من انعقاده، فإن لم تقر أو تعرض من الأساس زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، وهو ما سيضع مصر أمام هزة تشريعية لم تتعرض لها منذ تأسيس الحياة النيابية.

إن الجدل الذى صاحب الإعلان عن مواد قانون إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، ومشروع قانون مكافحة الإرهاب، ومن قبله قوانين الخدمة المدنية، وحماية المنشآت، وجواز تسليم المتهمين الأجانب إلى بلادهم، وحماية المنافسة ومنع الاحتكار، والتظاهر.. إلخ، كان أولى به أن يُثار تحت قبة البرلمان، وهو ما كان سيوفر العديد من المعارك المجانية التى اختلقتها السلطة مع فئات الشعب المختلفة فى كل مشروع قانون يطرح للنقاش العام.

الثقة المستمدة من صندوق الاقتراع فقط لا تكفى لبناء شرعية جديدة، والالتزام بالقواعد الدستورية هو الضمانة الوحيدة لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، والتلاعب بتلك القواعد اسقط أنظمة سالفة والتاريخ ليس بعيد.

«نحن الآن نكتب دستورا يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة.. نكتب دستورا نغلق به الباب أمام أى فساد وأى استبداد، ونعالج فيه جراح الماضى.. نحن الشعب المصرى، السيد فى الوطن، هذه إرادتنا، وهذا دستور ثورتنا. هذا دستورنا» من ديباجة الدستور.

Saadlib75@gmail.com
التعليقات