صرت أسمع أكثر فى الأيام الأخيرة شكاوى من محادثى فى العالم العربى من أن إسرائيل ــ يقتصر النقد دائما على نتنياهو ــ لا تريد سوى الطغاة فى حيينا. ما الذى يهمنا نحن الديمقراطيين من الربيع العربى والمظاهرات والأزمة الاقتصادية الفظيعة واللاجئين والعمليات. ويستل من يتحدثون إلى أدلة قاطعة فى زعمهم تُبين كيف ينظم مبعوثون إسرائيليون حتى هذه اللحظة حقا جماعة ضغط قوية من اجل الرئيس المنتظر السيسى عند القيادة العليا فى الادارة فى واشنطن. ويقولون فى اطلاق نار من الخاصرة إن نتنياهو يُصر على عدم التشويش على بشار فهو لا يريد سواه فى القصر.
وأقول ويدى على قلبى إنهم صادقون. لأن وجود الحكام المستبدين خيرا لنا. وإن نظرة إلى دول العالم العربى الـ 22 تمنحنا شعورا بأن وجود رئيس ذى قبضة حديدية يمسك بالأجهزة الأمنية وبالجيش أجدى علينا. وكل مغامرة أخرى باسم حرية التعبير وحقوق الإنسان ستفضى إلى مشكلات.
أصبح السيسى قد ألقى بملاحظة ساحقة إلى كل من يطورون توقعات تُبين أن ليس هذا وقت الحلم بالديمقراطية. فهو سيبنى الدولة والاقتصاد والاستثمارات والسياحة ويصفى الحساب مع الإسلاميين قبل ذلك. فهنيئا مريئا. لأن الشىء الأساسى من وجهة نظرنا أنه وعد بألا تكون سيناء مركز إرهاب موجه على ايلات، أما ما بقى وهو مشكلة تسعين مليون فى مصر فليس مشكلتنا.
إن ثلثى مواطنى الدول المجاورة ــ مصر وسوريا ولبنان والأردن ــ وفى دول الغلاف الثانى أيضا ــ السعودية والمغرب وتونس والعراق ــ هم شباب حتى سن الثلاثين. وعدد منهم خريجو جامعات، والجزء الأكبر منهم عاطلون عن العمل وخائبو الآمال، ولا تحسب السلطة لهم حسابا إلا حينما يخرجون للتظاهر عليها. ولا صلة لنا بهم. فليستمروا على التغريد فى الشبكات الاجتماعية ــ فمدوناتهم جذابة جدا، صدقونى. لكننا نريد صلة، فوق الطاولة أو تحتها، بالمستبدين فقط.
وفى الختام أقول إن هذا ليس زمان حسنى النفوس. فنحن باسم المصلحة الأنانية نصوت لبشار ونؤيد السيسى ونحن مستعدون لبذل جهد لتبقى الأسرة المالكة الأردنية، ولا يهم الآن أن يشوش نصر الله على انتخاب رئيس جديد فى لبنان أو أن يتلقى رئيس وزراء العراق المراوغ نورى المالكى أوامر عمل من طهران فقط.
لن نعوق المستبدين عن إطعام الجماهير وتجنيد المستثمرين وإنشاء المصانع وأن يطرحوا فى السجون كل من أرادوا. وتحطم الإدارة فى واشنطن رأسها بالديمقراطية وحرية التعبير. أما نحن فلا نغامر. فبقاء المستبدين خير لنا.