تركيا تدخل مرحلة الحكم الخطر للرجل الواحد - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 3:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تركيا تدخل مرحلة الحكم الخطر للرجل الواحد

نشر فى : الأربعاء 27 يونيو 2018 - 9:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 27 يونيو 2018 - 9:15 م

فاز رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية أُخرى فى تركيا فى الانتخابات العامة التى جرت هذا الأسبوع. ومن الآن فصاعدا سيتمتع أردوغان بصلاحيات أوسع بكثير. واعترف مرشح المعارضة للرئاسة، محرّم إينجة، الذى حصل على 30% من أصوات الناخبين، بفشله، لكنه فى الوقت عينه أكد أن «تركيا تدخل الآن مرحلة الحكم الخطر للرجل الواحد».
ويبدو أن ما قاله مرشح المعارضة يعبّر بصورة ملطفة عن الواقع الذى تشكل فى تركيا خلال السنوات الأخيرة. فقد نجح أردوغان، المؤيد لـ«الإخوان المسلمين»، والذى يفتقد أى كوابح، فى محو إرث مصطفى كمال أتاتورك، ولا سيما إلغاء مؤسسة الخلافة، وفصل الدين عن الدولة، وإقامة نظام حكم ديمقراطى علمانى. كما أن أتاتورك ابتعد عن الدول العربية، ورأى أنها تشكل عبئا يمس باحتمال تقدم تركيا، وطوّر سياسة كانت وجهتها الغرب.
إن الوضع القائم فى تركيا الآن يثير كثيرا من المخاوف والشكوك. وفى هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى أن نتائج الانتخابات التى تم إعلانها مشكوك فيها، لكن على ما يبدو لن يعرف أى شخص النتائج الحقيقية، فضلا عن أن المعارضة لن تجازف بخوض مواجهة مع أردوغان، الذى لن يتردد فى استخدام القوة.
ومن المعروف أن أردوغان أعد العدة لانتصاره هذا منذ وقت طويل. فقد أقام ميليشيات شعبية كانت تقوم بمسيرات فى المدن بين الفينة والأخرى، وتنشر الرعب بين السكان وتدعوهم إلى دعم الحاكم. وهذه الميليشيات أنقذت أردوغان فى أثناء الانقلاب العسكرى فى يوليو 2016، عندما استجابت لندائه ووقفت فى وجه الضباط والجنود. وفى إثر هذا الانقلاب أقدم أردوغان على فصل 150.000 شخص، بينهم ساسة وصحفيون وقضاة وموظفون وعناصر من الجيش والشرطة، من عملهم، وأغلق عدة وسائل إعلام.
بالإضافة إلى ذلك أصدر أردوغان أوامر تقضى بفتح مدارس إسلامية، يتعلم فيها التلامذة حب الجهاد والدفاع عن «تركيا الإسلامية الجديدة». وفى ظل كل هذه الظروف كان من الصعوبة عقد مهرجانات انتخابية للمرشحين المتنافسين فى ساحات المدن، ومعروف أن بعض المهرجانات التى أقيمت تعرضت للهجوم وتم تفريقها.
عمل أردوغان طوال سنوات كثيرة على تعزيز مكانته فى رأس الهرم السياسى التركى. فقد بدأ مسيرته السياسية سنة 2002 عضوا فى البرلمان، ثم أصبح رئيسا للحكومة، وبعد ذلك رئيسا للدولة واسع الصلاحيات. ونجح فى إدخال تعديلات على الدستور تجعل رئيس الدولة يمتلك صلاحيات مطلقة. وكان من المقرر أن تجرى انتخابات الرئاسة فى ديسمبر 2019، لكنه قرر تبكيرها من منطلق الثقة الذاتية الكبيرة بأنه سيفوز فيها ويصبح حاكما مطلقا للبلد. وهذا ما حدث فعلا.
فى ظل وظيفة أردوغان الجديدة كحاكم مطلق لتركيا، فإنه يحظى بصلاحيات أوسع ليست مقبولة فى أنظمة الحكم فى الغرب. كما تم إلغاء منصب رئيس الحكومة. وسيتولى أردوغان منصب القائد الأعلى للجيش والشرطة، وسيكون المسئول المباشر عن الوزراء، ومن خلالهم عن المنظمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التى تُعتبر الأساس لإدارة شئون الدولة كلها.
وسيكون أردوغان مسئولا عن تعيين نصف قضاة المحكمة العليا والمدعين العامين، ويقوم البرلمان، الذى يحظى فيه بأغلبية، بتعيين النصف الباقى. وما يمكن قوله إن أردوغان نجح فى إقامة نظام حكم ديكتاتورى شخصى بحماية الديمقراطية.
وإزاء هذا كله سيكون من الصعب على المعارضة التركية أن تقف فى وجه حكم أردوغان. لكن هذا يجب ألاّ يمنع أحزاب المعارضة من أن تسعى لأقصى حد من التعاون والتنسيق والإصرار على الوقوف فى وجه «الحكم الخطر للرجل الواحد»، كما وصف ذلك المرشح المنافس له.

تسفى مازائيل
دبلوماسى إسرائيلى سابق
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات