مهمة بلينكن فى السعودية والخليج - رخا أحمد حسن - بوابة الشروق
الثلاثاء 14 مايو 2024 11:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مهمة بلينكن فى السعودية والخليج

نشر فى : الثلاثاء 27 يونيو 2023 - 7:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 27 يونيو 2023 - 7:40 م

استغرقت زيارة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إلى السعودية ثلاثة أيام من 6 ــ 8 يونيو 2023، وقد سبق زيارته إعداد مكثف لها بعقد عدة اجتماعات سواء على المستوى الثنائى الأمريكى السعودى، أو الجماعى الأمريكى الخليجى، تناولت قضايا أمنية وعسكرية واقتصادية وتجارية واستثماراتية، وزيارة مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان للسعودية فى 7 مايو 2023، وبحث جميع القضايا الأمنية والأزمات والتحديات القائمة والمرتقبة فى المنطقة مع المسئولين السعوديين.
وقد توافق قبل مغادرة بلينكن نيويورك إلى الرياض أن ألقى كلمة أمام المؤتمر السنوى لمنظمة إيباك للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية نوه فيها إلى العلاقات الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تكون أكثر أمنا عندما تكون إسرائيل قوية، والتعهد بعدم سماح الإدارة الأمريكية لإيران بالحصول على أسلحة نووية أو الاستمرار فى إثارة عدم الاستقرار فى المنطقة، ومضى واشنطن فى عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية وفقا للاتفاقات الإبراهيمية، ونوه إلى إن ذلك بالنسبة للسعودية سيحتاج وقتا وجهدا، لكنه ممكن. وأشار عابرا إلى حل الدولتين للقضية الفلسطينية.
وتوافق مع وصول بلينكن إلى الرياض يوم 6 يونيو أن كانت إيران تعيد افتتاح سفارتها فى الرياض، وقنصليتها العامة فى جدة، بناء على اتفاق الرياض وطهران على إعادة العلاقات بينهما فى جميع المجالات، والعمل بكل الاتفاقيات السابق توقيعها بين البلدين. وكانت السعودية قد أعلنت إعادة علاقاتها مع سوريا ودعوة الرئيس بشار الأسد للمشاركة فى القمة العربية فى 19 مايو 2023 رغم اعتراض واشنطن على التعامل مع النظام السورى قبل تسوية الأزمة السورية سياسيا.
• • •
وقد بحث بلينكن فى الشق الأول من زيارته للرياض العلاقات الأمريكية السعودية بكل جوانبها، سواء مع ولى العهد ورئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أو مع وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، بهدف توثيق العلاقات بين البلدين الحليفين على مدى 80 عاما، وتعزيز المشاركة الأمنية والدفاعية، والتدريبات العسكرية المشتركة، حيث إن التسليح بالأسلحة والمعدات والأجهزة الحديثة للجيش السعودى يعتمد أساسا على الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب العقيدة العسكرية والتدريب وقطع الغيار. وبحث التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب والعمل على الحيلولة دون وصول الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة إلى تنظيمات وجهات غير حكومية. والتعاون المشترك فى الوساطة بين طرفى الصراع المسلح فى السودان ــ الجيش وقوات الدعم السريع، والعمل على إلزام الطرفين بالهدن العديدة التى يتفق عليها دون احترامها، والعمل على ضمان توصيل الإمدادات للمدنيين السودانيين. ودعم التعاون المشترك من أجل الاستقرار الإقليمى، وردع أى قوة إقليمية أو أجنبية، وتأكيد السعودية على دعم جهود السلام التى تقودها الأمم المتحدة فى اليمن والتى أتاحت خفض التصعيد وخلق فرص أفضل للسلام منذ بدء الحرب فى اليمن. ورحب بلينكن بدعم السعودية لأوكرانيا بما فى ذلك التعهد فى بداية هذا العام بتقديم مبلغ 400 مليون دولار أمريكى مساعدات لها. وأكد وزير خارجية السعودية أنهم لا يستجيبون للضغوط بشأن حقوق الإنسان، وأن ثمة خلافات بينهم وواشنطن فى هذا الشأن. وأشار إلى أن السعودية تطور برنامجا نوويا مدنيا، ويفضلون أن تكون الولايات المتحدة من بين مقدمى العروض لهذا البرنامج. وأكد أن الصين شريك مهم للسعودية ودول المنطقة. وأن التطبيع مع إسرائيل مفيد للمنطقة، لكنها ستكون فائدة محدودة بدون مسار للسلام ومعالجة للقضية الفلسطينية، وأشار إلى أن الحكومة السورية ألزمت نفسها إلزاما واضحا بالعمل على معالجة مطالب المجتمع الدولى بشأن الأزمة السورية واللاجئين والنازحين، وأن الحوار معها يسهم فى حل المشكلات الإنسانية فى سوريا.
وشارك بلينكن فى الشق الثانى من الزيارة فى الاجتماع الوزارى للتحالف الدولى لهزيمة داعش، والذى شارك فيه ممثلو نحو 85 دولة ومنظمة، ممثلة بوزراء الخارجية أو كبار المسئولين، والسعودية من بين الأعضاء المؤسسين للتحالف وشاركت بفاعلية فى الضربات الجوية ضد داعش فى سوريا والعراق، وساهمت فى عام 2018 بمبلغ 80 مليون دولار أمريكى. وقد مثل جامعة الدول العربية الأمين العام المساعد. وقد خسرت داعش فى عام 2019 كامل المناطق التى سبق أن سيطرت عليها عام 2014، ولكن ما يزال التنظيم يمثل تهديدا للعودة فى بعض المناطق، وضرورة مواصلة الحرب ضده فى سوريا والعراق حيث تشن خلايا التنظيم المختبئة هجمات محدودة فى سوريا والعراق ضد القوات الأمنية. كما يتبنى التنظيم هجمات فى الدول الأخرى، ويشكل خطرا مستمرا على الصعيدين الفكرى والثقافى لعدد من المجتمعات. وبحث مشكلة إعادة العناصر الإرهابية إلى دولهم الرافضة عودتهم لما يرون أنهم بمثابة قنابل موقوتة قد تعود لممارسة أعمال إرهابية، ومشكلة إعادة تأهيل وتثقيف العناصر الإرهابية وإبعادهم عن الفكر المتطرف والتعصب المؤديين للعنف، وهى عملية تحتاج وقتا وجهودا مكثفة من خبراء التربية والتثقيف. واتفق المجتمعون على أن التطرف والإرهاب بجميع أشكاله وموارده يجب ألا يرتبط بأى جنسية أو عرقية أو دين، وأن لا يكون مبررا لاتخاذ أى إجراءات للتفرقة العنصرية، وأهمية التعاون مع أفريقيا لمكافحة الإرهاب.
وقد تمثل الشق الثالث من زيارة بلينكن فى عقد الاجتماع المشترك الخليجى الأمريكى على مستوى وزراء الخارجية، وقد تضمن البيان الصادر عقب الاجتماع التأكيد على أهمية مواجهة الإرهاب والتطرف فى جميع أنحاء العالم، ودعم الحقوق والحريات الملاحية والتصدى للتهديدات الموجهة ضد السفن، والترحيب باستئناف العلاقات بين السعودية وإيران، والتنويه بالأهمية الاستراتيجية للعلاقات الأمريكية الخليجية، وتعزيز التشاور والتنسيق والتعاون فى المجالات جميعها الرامية إلى تعزيز السلام والأمن والاستقرار والتكامل والازدهار الاقتصادى فى الشرق الأوسط، والتزامهما بدعم الدبلوماسية لتحقيق تلك الأهداف، وأهمية مشاريع البنية التحتية فى تعزيز التكامل والترابط بالمنطقة والمساهمة فى الاستقرار والازدهار على الصعيد الإقليمى.
وبحث الطرفان فى هذا الإطار الأزمة اليمنية وحلها سياسيا بمساهمة الأمم المتحدة، والإمدادات الإنسانية، والدعم الاقتصادى لكل مناطق اليمن، وحل مشكلة ناقلة النفط صافر أمام الشواطئ اليمنية. وتأكيد الالتزام بحل الدولتين للقضية الفلسطينية، وبأى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن تبادل الأراضى، والحفاظ على الأماكن المقدسة فى القدس، ودعم السلطة الفلسطينية. والتأكيد على التوصل إلى حل سياسى للأزمة السورية وفقا لقرار مجلس الأمن 2254 والترحيب بالجهود العربية لحل الأزمة السورية على أساس خطوة مقابل خطوة. و«أكد المجتمعون مجددا دعمهم للقوات الأمريكية، وقوات التحالف التى تعمل على تحقيق الهزيمة لداعش فى سوريا وأدانوا جميع الأعمال التى تهدد سلامة وأمن هذه القوات»، وواضح أن هذه الفقرة فيها ترضية للولايات المتحدة الأمريكية إزاء عدم رضاها عن التعامل مع النظام السورى.
• • •
الاتفاق على دعم الجهود الدبلوماسية لوقف الصراع فى السودان، وضمان توصيل المساعدات الإنسانية، والإشادة بالتعاون القائم بين مجلس التعاون الخليجى والعراق، وبالإصلاحات الاقتصادية والتعافى من الصراع وعنف داعش مما يعزز قدرات العراق فى مكافحة الإرهاب. وفيما يتعلق بالحرب فى أوكرانيا، أهمية احترام مبدأ السيادة والقانون الدولى، والالتزام بالامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها ضد وحدة الأراضى والاستقلال السياسى لأى دولة، وحث المجتمع الدولى لتكثيف الجهود للتوصل لحل سلمى، وإنهاء الأزمة الإنسانية، ودعم اللاجئين والمشردين، وتسهيل تصدير الحبوب والإمدادات الغذائية الأخرى.
الالتزام الأمريكى بأمن المنطقة وتأكيد الجانبين التزامهما بحرية وأمن الملاحة فى المنطقة وعزمهما مواجهة أى أعمال عدوانية أو غير قانونية فى البحر أو فى أى مكان آخر، ما من شأنه تهديد الممرات الملاحية والتجارة الدولية والمنشآت النفطية فى دول مجلس التعاون الخليجى، ودعمهما معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مجددين دعوتهما إلى إيران للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويلاحظ عدة أمور منها:
ــ إعادة تأكيد استمرار وبقاء الولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة وأن لهم علاقات استراتيجية مهمة مع دول المنطقة لا يقارنونها بعلاقات هذه الدول بأطراف أخرى.
ــ استخدام بلينكن لغة هادئة أقرب للتصالحية عند تناول الأزمة السورية، أو علاقات الدول الخليجية العربية مع إيران، ولم يرد لا فى البيان الختامى ولا فى التصريحات الصحفية أثناء الزيارة عند الحديث عن مهددات الملاحة البحرية، والأسلحة النووية، إشارة مباشرة لإيران وكل ما طلب منها هو التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وجاءت الدعوة للالتزام بعدم انتشار الأسلحة النووية بما يجعلها تتضمن كل دول المنطقة بما فيها إسرائيل.
ــ تمت معالجة عدم التوافق الأمريكى الخليجى بشأن إنتاج وأسعار البترول بصياغة عامة تميل لترجيح استمرار التعاون دون إبراز الخلاف لارتباط الموضوع بالسلعة التصديرية الأساسية للدول الخليجية العربية وأنها لن ترضى بممارسة ضغوط عليها.
ــ عدم التقاء وجهة النظر الأمريكية بشأن التطبيع مع إسرائيل مع مطلب السعودية والدول الخليجية بأهمية إنجاز حل الدولتين على حدود 4 يونيو 1967 وأن ذلك يسبق التطبيع فى الجدوى والأهمية، خاصة أن السعودية صاحبة المبادرة العربية للسلام فى الشرق الأوسط.

رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة.
التعليقات