رهانات «بين السطور» - خالد محمود - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 9:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رهانات «بين السطور»

نشر فى : الأربعاء 28 فبراير 2024 - 7:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 28 فبراير 2024 - 7:25 م
يعتمد مسلسل «بين السطور» على رهانات عدّة، من بينها هدوء الأحداث الذى يحتاج إلى صبر المشاهد لمعرفة التفاصيل، وهو أمر نجح فيه العمل حتى الآن بسبب القصة المثيرة والأحداث المتشابكة وتتابعها بالتنقل بين الماضى والحاضر.
رغم تكرار التيمة، وكونه مقتبَسا من الدراما الكورية «MISTY»، إلا أن المعالجة الدرامية التى كتبتها نجلاء الحدينى عبر ورشة كتابة أشرفت عليها مريم نعوم، جاءت بطريقة جذابة، وفى إطار مشوق يغلفه غموض مناسب لإيقاع الأحداث فيما مهدت طريقة السرد المُعقدة للغاية التى ذهب إليها المخرج وائل فرج الطريق لصناعة عمل فنى مدهش ومتماسك، كونه يقدم الحكاية بشكل غير مباشر، لتوصيل الرسالة بشكل تشويقى.
ينطلق «بين السطور» من أسلوب «الفلاش باك»، متنقّلا بين أحداث زمنية مختلفة قديمة ومعاصرة، لاستعادة حب قديم لم تكن له ثوابت حقيقية، عبر استدعاء سيل الذكريات دون قصد، حيث يبدأ العمل من حادث سير يودى بحياة لاعب رماية شهير أمريكى من أصل مصرى يدعى جيمى «محمد علاء»، فتنقلب حياة المذيعة الشهيرة هند سالم «صبا مبارك» التى انفردت بحوارات معه قبل رحيله، وترتبط بصداقة مع زوجته «ناردين فرج» منذ أيام الدراسة، لتنكشف تدريجيا تفاصيل لطالما حاولت إخفاءها عن ماضيها مع الحب الأول.
تستدعى جهات التحقيق الإعلامية الشهيرة هند سالم لسماع أقوالها فى علاقتها بالراحل، ويتحوّل الطابع الودّى للتحقيقات فى القضية التى تبدو فيها الوفاة طبيعية إثر حادث السيارة، إلى اتهامات بالقتل العمد، خصوصا مع الظروف الغامضة التى تحيط بتوقيت الحادث وملابساته فى ظل علاقة متوترة مع زوجها وحبيبها المحامى أحمد فهمى الذى يتمسك بالدفاع عنها كونه محاميا وليس زوجا.
ويأخذنا السيناريو ذهابا وإيابا، حيث تتكشّف الأحداث تباعا، فاللاعب جيمى أو جمال، لم يكن مجرّد ضيف بالنسبة إلى الإعلامية الشهيرة، أو زوج لصديقة طفولتها، لكنه حبها الأول الذى لم تستطع البقاء معه فى بداية حياته قبل سفره.
تجد المذيعة نفسها مضطرة للسعى إلى محاورته لتحقيق انفراد إعلامى فى ظلّ منافسة شرسة بينها وبين مذيعة شابة فى القناة، مستفيدةً من رفضه إجراء أى لقاءات عند وصوله إلى مصر للمشاركة فى بطولة العالم للرماية، وموافقته على مقابلتها.
فى كل حلقة، يتكشّف جانب من العلاقات الغامضة بين الأبطال؛ بداية من جمال الذى لا يزال يحب هند رغم فراقهما قبل 20 عاما، وزواج كل منهما، وعدم وجود وسيلة للاتصال بينهما طوال تلك الفترة، مرورا بالعلاقة المضطربة بين هند وزوجها المحامى حاتم عز الدين، لتمسّكها بتأجيل الإنجاب وانشغالها بمستقبلها المهنى.
دون مبالغة فى انفعالات الممثلين أمام الكاميرا وبحالة شغف حقيقى، قدم أبطال العمل أدوارهم بسلاسة، الأمر الذى يُحسَب للمخرج، حيث كان أداء غالبية شخصياته مقنعا فى تقلباته وبتقديمهم أدوار مركبة ومرهقة نفسيا فى أجواء مليئة بالشكوك الصراعات وأمراض إثبات الذات وخاصة صبا مبارك التى يعد «بين السطور» نقلة فى مشوارها الدرامى، حيث أمسكت بخيوط المذيعة التى لا ترى سوى نجاحها، فيما برزت باقتدار مشاعرها بين الكبرياء والضعف، وكذلك أحمد فهمى كزوج حائر أمام حبه رغم فقدان طفله، وكانت شخصيته تمثل محورا مهما فى ضبط الإيقاع النفسى لمعظم الشخصيات المحية والمجتهدة فى أدوارها مثل وليد فواز ونارين فرج ومعهما فى منطقة أخرى الموهوبة سلمى أبو ضيف التى باتت لها ظهور مختلف على الشاشة بفضل جرأة اختياراتها.
نجح المخرج فى اختيار تناقض ظاهرى فى الشكل والكاريزما بين شخصية جمال التى جسّدها محمد علاء، وشخصية حاتم التى قدّمها أحمد فهمى، وهو تضاد أراد من خلاله إظهار الاختلاف فى الاختيارات التى تحدُث لدى الإنسان مع تقدّمه فى العمر.
كما اختار تقديم مَشاهد «الفلاش باك» التى تظهر فيها هند وجمال خلال المراهقة بممثلين آخرين فى مرحلتهما العمرية، ما يُرجعه المخرج للرغبة فى إضفاء مصداقية أكبر على العمل.
كما أنه استطاع أن يتجاوز تحدّيا كبيرا فى توظيف «الفلاش باك» ضمن 4 أزمنة تدور فيها الأحداث، واعتقد أنه استفاد من خبرته السابقة كمونتير فى عدد من الأعمال الفنية.
التجربة بالفعل مليئة بالرهانات؛ بداية من البناء الدرامى المعتمد على الموازنة فى الحلقات بين الأحداث والتعريف بالشخصيات، مرورا بالتلاعب بالخطوط الدرامية فى كل حلقة لخلق حالة من التشويق والترقب.
خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات