قال العامل الفصيح - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 6:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قال العامل الفصيح

نشر فى : الأحد 28 أغسطس 2011 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأحد 28 أغسطس 2011 - 7:55 ص

 أريد أن يفهمنى أحد ماذا سوف أستفيد من محاكمة مبارك؟ أيمكنك أن تخبرنى أنت ماذا سوف يستفيد الشعب المصرى من جراء هذه المحاكمة؟ حقيقة أنا لا أفهم. يقولون إنه علينا أن نتطهر من النظام القديم لكى نبدأ نظاما جديدا.

ولكن هل بمحاكمة مبارك يمكن لنا أن نتطهر؟ أم أننا سوف نتطهر بالتخلص حقيقة من النظام الاقتصادى والإدارى الذى أهلكنا؟ يموت مبارك، يدخل السجن، يعدم أو يرقد فى مستشفى. كل ذلك لا يهمنى فى شىء.

فقد رحل عنا بلا عودة وانتهى الأمر. ما يهمنى اليوم هو استرجاع الدولة لمقدراتها ووعيها وقدرتها على خلق فرص عمل، هو إعادة الأموال المصرية المنهوبة داخليا وخارجيا، هو استعادة هيبة الدولة المصرية العريقة التى غاصت الآن فى الوحل. ما يهمنى فى جملة واحدة هو أن يستعيد الشعب ثرواته التى نهبتها العصابة الحاكمة خلال الثلاثين عاما الماضية وأن تستعيد الدولة الشركات التى تم بيعها لأفراد العصابة المصرية مع شركائهم الدوليين من شركات عابرة للقارات. الشعب يريد تحقيق العدالة الاجتماعية فورا. احتكر «أحمد عز» الحديد وكان يبيعه لنا بأكثر من سعره العالمى.

ماذا يفيدنى اليوم أنه فى السجن؟ ما نريده هو أن نسترجع المصانع التى سرقها بالقانون هو وشركاؤه من رجال الحكم باسم الحرية الاقتصادية. لكى أكون واضحا معك، لقد شهدنا الخير مع نظام امتلكت فيه الدولة أدوات الإنتاج، وأقامت المصانع والمدارس. سعت الدولة المصرية حقيقة لتحقيق العدالة الاجتماعية.

نعم كانت هناك مشكلات فى حقبة الستينيات، كان المدير يحصل على اللحم من الجمعية بجودة وكمية لا يستطيعها من هم مثلى.

●●●

نعم لم تكن هناك ديمقراطية، ولكننى كنت أعيش بكرامة وأركب المواصلات العامة ويتعلم ابنى تعليما محترما ويأمل فى أن يصبح مديرا. ما أقامته الاشتراكية فى مصر ظل كلاب الرأسمالية يبيعونه قطعة قطعة وهم يطلقون الشتائم القذرة الواحدة تلو الأخرى على مصدر رزقهم الأساسى.

فلولا ما أقمناه لما استطاعوا بيعه لأنفسهم وللأجانب بسعر حقير مثلهم. الآن وبعد أن خبرنا النظام الرأسمالى لمدة خمسة وثلاثين عاما، واستمعنا إلى حديث البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، ماذا كانت النتيجة؟ أحفادى لا يتعلمون شيئا فى المدارس. المدير لديه أربع سيارات وجيش من خدم، وأصبحت لا أراه لأن سيارته الفارهة يضع على نوافذها الستائر. واختفت المواصلات العامة وأصبحت غير قادر على دفع قوت عائلتى ووجدتنى مضطرا أن أمد يدى لأحط البشر. أصبحت مواطنا بلا كرامة.

واليوم وبعد الثورة على الأوضاع ماذا أجد على الساحة السياسية. ليبراليون يبيعون لنا الوهم فى زجاجات فاخرة ويروجون لنفس النظام الاقتصادى الرأسمالى العفن مع لحن خافت للعدالة الاجتماعية، هؤلاء سوف يستكملون مسيرة مبارك الاقتصادية بدرجة فساد أقل ولكنها لن تكون كافية إلا لرفع مستوى الأغنياء والإطاحة بنا تماما، كما أجد على الساحة تيارات الإسلام السياسى التى تدعو أيضا للنظام الرأسمالى، وهؤلاء سوف يدخلون مصر فى نفق مظلم من الأهوال الاقتصادية برفعهم مبدأ «التجارة شطارة»، تجارة النصابين والسماسرة بأحكام الشرع. يعيشون فى عالم مضى ويريدون أن يسقطوا هذا العالم المتخيل وغير الواقعى على الواقع الحالى بغرابة لا تضاهى. والجميع غافل عن حقيقة عدم وجود طبقة رأسمالية مصرية وإنما ثلة من طفيليين.

أما الإعلام المملوك بالكامل لأصحاب المال وذوى المصلحة يعزفون بكل وقاحة للتصفيق لنظام ينهار فى العالم. الشعب يريد نظاما ديمقراطيا بمعنى أن يحترم حقوق الإنسان ويدافع عن الأقليات ويكون هناك تداول للسلطة، ولكن مع تطبيق نظام اقتصادى اشتراكى تمتلك فيه الدولة الهيمنة على الاقتصاد. هذه هى الحقيقة المقدسة لمن يفهم طبيعة الدولة المصرية وطبيعة الشعب المصرى. ولكنهم للأسف يعرفون طبيعة الشعب الأمريكى أو اللبنانى أو البريطانى. علينا أن نبدع نظاما مصريا وهذا لن يكون إلا نظاما تمتلك فيه الدولة مقومات الاقتصاد على الطريقة المصرية وليست السوفييتية بالتأكيد.

كان يتكلم باقتدار وثقة، سألته عن مهنته فعرفت أنه كان عاملا فى مصنع للطائرات الحربية فى طريق حلوان منذ نهاية الخمسينيات حتى نهاية السبعينيات. ومنذ الثمانينيات وهو يعمل فى أعمال عدة حتى انتهى به المطاف السائق تاكسى. فلاح فصيح أو قل عامل فصيح من أرضنا الطيبة.

خالد الخميسي  كاتب مصري