صبر العالم إزاء إسرائيل كآخر دولة كولونيالية آخذ بالنفاد - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صبر العالم إزاء إسرائيل كآخر دولة كولونيالية آخذ بالنفاد

نشر فى : الأحد 28 أغسطس 2016 - 9:05 م | آخر تحديث : الأحد 28 أغسطس 2016 - 9:05 م
ليس الآن ثمة رئيس دولة فى العالم (باستثناء دول العدو) يرفض استقبال رئيس الحكومة الإسرائيلية. وليست هناك تقريبا دولة فى العالم، بما فى ذلك أغلبية الدول العربية والإسلامية، تنفى شرعية وجود إسرائيل كدولة لليهود. ولا يوجد الآن ولا فى الأفق المنظور برامج عمل لتقليص أى مساعدات خارجية لإسرائيل أو للتعاون التجارى معها، لا فى الاتحاد الأوروبى ولا فى الولايات المتحدة، بل إن قرار الاتحاد الأوروبى الذى ينصّ على وصم المنتجات التى تصل من المستوطنات فى المناطق [المحتلة] لا يتسبب بأضرار اقتصاديـة فعلية. وبموجب معطيات محدّثـة لمصرف إسرائيل المركزى فإن التصدير [الإسرائيلى] إلى أوروبا انخفض خلال العقدين الأخيرين بنسبة 10% وانخفض حجم التبادل التجارى مع الولايات المتحدة بنسبة 3%، لكن سرعان ما تم تعويض ذلك فى دول آسيا ودول جديدة.

صحيح أن هناك جامعات فى العالم لا تتحمس لاستضافة باحثين إسرائيليين فى مؤتمرات دولية، وأن بعض شبكات الطعام ترفض شراء المنتجات الإسرائيلية، لكن فى السنة الفائتة وصلت الاستثمارات الأجنبية فى إسرائيل إلى 285 مليار دولار، أى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سنة 2005 التى بدأ فيها نشاط حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS) وفى مارس الفائت تم سنّ قانون فى ولاية إلينوى الأمريكية يمنع عقد صفقات مع الشركات التى سحبت استثماراتها من إسرائيل، وبموازاة ذلك أعلن أن 20 ولاية أخرى فى الولايات المتحدة تنوى سنّ قانون شبيه.

عندما تكون مثل هذه المعطيات الإيجابية ماثلة أمام الجميع يصعب إقناع الجمهور الإسرائيلى العريض بأن السياسة التى تتبعها الحكومة فى المناطق [المحتلة] تلحق أضرارا سياسية به وبالدولة، كما يصعب إقناعه بنجاعة حركة المقاطعة، أو تخويفه مما يتوقع أن يحدث فى المستقبل.

وبوسع من يشاء أيضا الادعاء أن دول العالم «المتنور» تمنح إسرائيل رخصة غير مقيدة لفعل ما ترغب فيه، مثلا بناء مستوطنات جديدة، ومصادرة أراض فلسطينية، واحتجاز جثامين«إرهابيين» [فلسطينيين] فى الثلاجات، وتنفيذ اعتقالات إدارية بأعداد قياسية. إن هذا كله يتقزّم مقارنة بالمذبحة الرهيبة فى سورية التى راح ضحيتها 300,000 إنسان حتى الآن، وبعملية التطهير فى تركيا، وبقطع الرءوس فى العراق، وبالعمليات الإرهابية فى بلجيكا وفرنسا.

هناك كثيرون يعزون هذا النجاح وبحماسة ملفتة إلى حنكة رئيس الحكومة بنيامين لنتنياهو، لكن الصحيح أن المنظمات الإسلامية المتطرفة هى المسئولة عن ذلك أكثر بكثير من سياسة رئيس الحكومة أو حنكته.

مع ذلك وبالرغم من هذا الوضع الجيد لإسرائيل، من المهم القول إن مكانة إسرائيل تستند إلى بطاقة الاعتماد التى حصلت عليها فى السابق كونها دولة ضحايا المحرقة النازية، لا إلى تصنيفها دولة«هاى ــ تك». كما أن حقها فى الوجود يعتمد أساسا على أسس أخلاقية وعلى الشعور بالذنب من طرف معظم دول العالم.

إن بطاقة الاعتماد تدفع فى العادة إلى غفوة، وتمنح صاحبها الشعور بأنه لا توجد حدود إلى أن يتم تجاوز الإطار المسموح به. وما تزال إسرائيل على ثقة بأن بطاقة الاعتماد التى حصلت عليها أبدية، وأن ما كان هو ما سيكون، لكنها قائمة الآن عمليا على سحب سياسى زائد من دون إذن، وعلى قروض مشروطة منحتها إياها دول تنشأ فيها الآن أجيال جديدة. وهذه الأجيال الجديدة هى التى سيواجهها الجيل الإسرائيلى المقبل فى المجتمع الدولى، ومنذ الآن يتبين أكثر فأكثر أنها ستكون أقل قدرة على الفهم وضبط النفس.

ثمة الكثير من الإشارات القوية إلى أن صبر العالم إزاء إسرائيل آخذ فى النفاد، وإلى أن الأجيال الجديدة المذكورة بدأت منذ الآن بتسخين المحركات لمواجهة صفات الوقاحة والتعالى والاستخفاف التى تتسم بها وكان يُنظر إليها ذات يوم باعتبارها أخلاقية، وتعتبر إسرائيل اليوم آخر دولة كولونيالية فى العالم. وبناء على ذلك فإن الجيل الإسرائيلى المقبل هو الذى سيدفع الديون السياسية التى تتسبب بها الحكومة الحالية.

فى هذه الأثناء تستمر الحكومة الإسرائيلية فى التخويف من أعداء ليست لديهم قوة حقيقية لمحاربتنا، لكنها لا تفعل أى شىء من أجل الحفاظ على أصدقائها، وهذا هو جبل الجليد الضخم الذى ينتظر إسرائيل من وراء الأفق فى وقت يواصل فيه القبطان والملاحون الرقص على ظهر السفينة.
التعليقات