هامش للديمقراطية.. ما تحدثه بنا الشمولية والسلطوية من تشوهات - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 12:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هامش للديمقراطية.. ما تحدثه بنا الشمولية والسلطوية من تشوهات

نشر فى : الثلاثاء 29 أكتوبر 2013 - 8:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 29 أكتوبر 2013 - 8:15 م

نعود إلى البدايات: إذا كان حضور التنظيم الديمقراطى للدولة وللمجتمع يضمن بقدر معتبر حقوق المواطن وحرياته ويمكنه من السعى إلى تحقيق ذاته وممارسة المبادرة الفردية، فإن الفاشيات ونظم الحكم الشمولية والسلطوية تحدث بقمعها وبانتقاصها من الحقوق والحريات وبإلغائها لوجود الإنسان الفرد تشوهات خطيرة فى مواطنات ومواطنى الدول والمجتمعات التى تسيطر عليها. والكثير من التشوهات هذه ينضح من حالتنا المصرية الراهنة.

من جهة أولى، تصنع الفاشيات والنظم الشمولية والسلطوية عبر ممارسة القمع والتهديد به مواطنا خائفا يبتعد عن الاهتمام بالشأن العام والسياسى، ويمتنع عن طلب المعلومة أو الرغبة فى معرفة حقائق الأوضاع، ويتجاهل عمدا انتهاكات الحقوق والحريات التى تفرض واقعها الأسود على دولته ومجتمعه، ويعجز عن الدفاع عن حقه فى الكرامة الإنسانية والحرية والمساواة.

من جهة ثانية، تصنع الفاشيات والنظم الشمولية والسلطوية عبر عمليات تشويه وتزييف الوعى ــ حين تتسم هذه بالفاعلية ــ مواطنا مؤيدا لغياب الديمقراطية تهليلا أو صمتا، ومقتنعا بمقولات «أعداء الوطن» و«الخونة» و«الطابور الخامس» وبخطاب «حماية الوطن من المتآمرين»، وغير معترض على الانتقاص من الحقوق والحريات أو القمع طالما لم يمسه أو يمس دائرته القريبة، وقد يصل عدم الاعتراض هذا إلى حدود قبول ارتكاب نظم الحكم لجرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية.

من جهة ثالثة، تصنع الفاشيات والنظم الشمولية والسلطوية عبر تشويه الوعى مواطنا تحركه نوازع الانتقام ومن معارضى نخب الحكم، وينتج مع غيره فولكلور التشفى الشعبى المستمتع بأنباء الاعتقالات والحبس والتحفظ والمتعطش لشائعات الإفك والزيف.

من جهة رابعة، تصنع الفاشيات والنظم الشمولية والسلطوية عبر ضغطها المستمر على المدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان من هؤلاء كمواطنات ومواطنين مجموعة من «مطاريد الديمقراطية» الذين يتحولون تدريجيا على وقع الرفض العام والمجتمعى إلى مجموعة مغلقة على ذاتها لا تسمع إلا لبعضها البعض.

من جهة خامسة، تصنع الفاشيات والنظم الشمولية والسلطوية عبر المساحات العامة والإعلامية الواسعة التى يتيحها غياب المعلومة والحقيقة لتشويه من بعض المواطنات والمواطنين طوائف من المتورطين فى تشويه وتزييف الوعى وتعطى لهم الألقاب الملائمة للأوضاع القائمة ــ كألقاب الخبير والمتخصص والمحلل وأحيانا المفكر ــ وهم فى حقيقة الأمر إما أبواق لنخب الحكم أو للمؤسسات العسكرية والأمنية أو لشبكات المصالح الاقتصادية والمالية أو مدعى فكر وأحيانا معارضة لا هم لهم إلا تشويه أصحاب المبادئ والمدافعين عن الحقوق والحريات.

غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات