الجيش ينهي عن المنكر؟! - ريم سعد - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 10:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجيش ينهي عن المنكر؟!

نشر فى : الإثنين 28 أكتوبر 2013 - 3:00 م | آخر تحديث : الإثنين 28 أكتوبر 2013 - 3:00 م

تابعت بدهشة و بانزعاج أيضاً، روايات عديدة لأصدقاء و لآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي حول ما صادفوه من مضايقات على يد كمائن الشرطة العسكرية على الطرق السريعة خلال إجازة عيد الأضحى الماضية.

تركزت تلك القصص على طرق بعينها على رأسها طريق العين السخنة و الطرق المؤدية إلى سيناء و غيرها من الطرق التي يقوم الجيش بتأمينها. لم يتذمر أحد من إجراءات التفتيش الطويلة على اعتبار أن الوضع الأمني يقتضي ذلك و أن السلطات من واجبها تأمين الطرق و ما إلى ذلك. غير أن المدهش في الأمر أن الغرض الأساس من التفتيش كان البحث عن زجاجات الخمور و تكسيرها و دلق محتوياتها على الأرض أو مصادرتها و هو أمر على حد علمي لا علاقة له بتأمين الطرق، أو باعتبارات الأمن القومي، أو بأي شئ يمت بصلة لما نتصور أنه دور الجيش.

لا نعلم بالطبع على أية قاعدة قانونية ارتكزت تلك الإجراءات، و من الواضح أيضا أن سبب تلك الإجراءات غير معلوم حتى لدى القائمين على تنفيذها، بدليل التنوع الكبير في الأسباب التي ذكرها أفراد الشرطة العسكرية لمن حالفهم الحظ و حصلوا على إجابة على تساؤلهم.

في إحدى الحالات طلب أفراد الكمين فاتورة شراء الزجاجة من السوق الحرة و لما اعترض صاحبها قائلاً أنه اشتراها بشكل قانوني من السوق المحلية، أجابه الضابط أن هذا الطريق ملك للجيش و أن من حقه أن يفعل ما يريد. في إحدى الحالات أجبر الشخص على فتح علب البيرة المحلية التي كانت بحوزته و سكبها على الأرض كإجراء عقابي فيه من الإذلال ما فيه. و في حالة أخرى أوقف الظابط أحد الأشخاص و بعد الاطلاع على بطاقة هويته و معرفة أنه مسلم صادر المشروبات و نهره لأن ما يفعله حرام و يتعارض مع الدين الإسلامي.

العديد ممن تعرضوا لهذا التصرف المتعسف لم يفصحوا عنه علانية، و هو أمر مفهوم بما أن حيازة الخمور رغم قانونيتها تضع الشخص في مرمى الانتقادات الاجتماعية و الدينية. أضف إلى ذلك أن تلك القضية تدخل في نطاق ما يعرف بهموم "اللايف ستايل" و التي ينظر إليها على أنها ترف لا يهم سوى الأقلية التي لا تشعر بآلام الشعب و معاناته.

أحيلكم هنا إلى المقال الممتاز لوائل عبد الفتاح "لا دولة حديثه بدون حرية شخصية"، و الذي نشر بجريدة التحرير بتاريخ 20 سبتمبر 2013، و يتناول فيه قيام الإخوان بتصوير الحرية الشخصية كترف و كتهديد للهوية و فرض الشعور بالذنب تجاه من يدافع عنها. و يرى عبد الفتاح أن الحرية الشخصية و"اللايف ستايل" ليس همّاً نخبوياً، بل هو مطلب جماهيري يراه كان عاملاً حاسماً في خروج الجماهير في 30 يونيو. يقول عبد الفتاح "قالت الجماهير فى الخروج الكبير: إنهم يريدون تغيير هويتنا/ و كانت تقصد «اللايف ستايل». الهوية و اللايف ستايل يتداخلان الآن، بشكل سيضع الحريات الشخصية بعد قليل فى قلب معركة بناء نظام جديد لا سلطوي. يحترم الفرد، لا يقمع باسم الثقافة السائدة للمجتمع. "

لا يقتصر الأمر على الإسلاميين، فالحريات الشخصية هي الثغرة المفضلة لكل متسلط، و هي النقطة الأنسب لتسلل التسلط و التحكم دون الحاجة إلى الاستناد إلى قواعد قانونية أو غيرها. هذه ليست تفاصيل تافهة و لا يجب أن نتحرج من الحديث حولها. هي تصرفات كاشفة و خطيرة في رأيي، خاصة في لحظة كهذه يتم فيها تشكيل علاقات جديدة بين مكونات المجتمع و السلطة و على رأسها دور الجيش و علاقته بالسلطة و المجتمع.

يجمع الكل على أن الدور الرئيس و الشرعي للجيش هو حماية الحدود، و يتناقش البعض بخصوص أهمية و حدود دوره الاقتصادي، و تحتد المناقشة الخاصة بدوره السياسي. هل الجيش الآن بصدد فتح مجالات جديدة يتسع فيها دوره ليشمل الرقابة الاجتماعية، و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ أتمنى بشدة ألا يكون الأمر كذلك.

التعليقات