الخروج من الجنة - منى أبو النصر - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخروج من الجنة

نشر فى : الإثنين 28 نوفمبر 2016 - 11:20 م | آخر تحديث : الإثنين 28 نوفمبر 2016 - 11:20 م
1- حديث عابر مع صديق بريطاني مثقف عن الذكرى الـ 400 لميلاد وليام شيكسبير، الذي لازال يتلقاه هذا الصديق المثقف كسائر شعبه بكثير من الاحتفاء وإجادة القراءة، مر حديثه عند عرض أفلام مستوحاة من أدبه خلال فعاليات "مهرجان القاهرة السينمائي" أخيرا، والإحالات التي لازال يمنحها تراثه الأدبي والملحمي للمسرح الحديث في بريطانيا، ظل حديثه متقدا حتى انحرف الحديث الدائر بيننا إلى نفق السياسة "المظلم"، وتحديدا محطة "بريكسيت".

2- كان هذا الصديق المثقف من أنصار بقاء بريطانيا داخل نسيج الاتحاد الأوروبي وعدم انفصالها ، قال لي :صوتت لصالح بقائها في الاتحاد الأوروبي، وجد ذلك أكثر توافقا مع عقيدته التعددية والانفتاحية على الوحدة الأوروبية والعالم، يتحدث عن أن معايير فريقه لم تعد تروق للأكثرية كما صدّقت الأرقام، يتحدث عن عمه الذي يعمل فلاحا وأحد أصدقائه الذي يعمل في الصيد، اللذين قاما بالتصويت لصالح "بريكسيت" ،قال: صوتا لصالح "الخروج" من الاتحاد الأوروبي حتى يصبحا أحرارا ،هكذا كانا يرددان ، حرية تبعدهما عن هيمنة "بروكسل"، مقر الاتحاد الأوروبي ورمزه.

3- ليس فقط الحرية، يتابع الصديق، ولكنهما يتطلعان لاستعادة بريطانيا العظيمة، على حد دوافعهما في التصويت، عظمة قوامها الاستقلال وعدم التبعية لشروط الاتحاد الأوروبي، وهي أمور يعتبرها الصديق المثقف مجرد "استقلال نظري" Theoretical independence ، أو بمعنى آخر استقلال افتراضي لا يملك ضمانات أو "خريطة طريق " على حد تعبيره ،وهو ما دفعه للتصويت ب remain أو البقاء في الاتحاد الأوروبي .

4- بعد فترة من إعلان ترامب رئيسا للولايات المتحدة نشرت صحيفة " فاينانشال تايمز" الأمريكية تحليلا لافتا لروبرت شريمسلي بعنوان "فوز ترامب يعنى البريكسيت الأمريكى" ، جاء فيه :كما هو الحال فى استفتاء خروج بريطانيا، انتصر نداء عاطفى مع شعار بسيط على كل تفسير منطقى،وكما هو الحال فى انسحاب بريطانيا من السوق الأوروبية لا يهتم الناس بأنه لا توجد تفاصيل وراء الوعود الانتخابية الهائلة، فالناس يصوتون لصالح التغيير أولاً، ويأتى القلق بشأن التفاصيل لاحقا … "توقفت عند قراءة هذه السطور عند الدوافع التصويتية لكل من الفلاح والصياد سالفي الذكر".

5- يتعجب شريمسلي تعليقا على "حزمة" بريكسيت وترامب،يقول "أصبحنا في قلب الحدث حيث هناك أمة منقسمة نصفين بحيث لا يمكن أن يفهم النصف الأول ولو للحظة ما الذي دفع النصف الثانى للتصويت على هذا النحو، وكلما صاح العقلاء فى الناس إنه لا يمكنكم أن تصوتوا لهذا الرجل أصبح هؤلاء الناس أكثر اقتناعاً بأن هذا الشخص هو ما يريدونه.
ويبدو أن بغض «ترامب» الشديد للنخبة الحاكمة فى البلاد ومثقفيها وليبرالييها وحتى الشخصيات الكبرى فى الحزب الجمهورى أصبح تقريباً أكبر نقطة تسويق لشخصه لدى شريحة من المجتمع اقتناعاً منها بأنها فى أمس الحاجة إلى شىء مختلف".

4- التصويت في الحالتين إذا ذهب لصالح الاختلاف وكراهية النخبة وقبل ذلك كله لصالح استعادة "العظمة" ففي بريطانيا انحاز الأغلبية لاستعادة "عظمة" بريطانيا من جديد، في الوقت الذي صوّت أغلب الأمريكيين لصالح شعار حملة ترامب " Make America great again" " اجعلوا أمريكا عظيمة من جديد"...عظمة وبعدها الطوفان.

5- أين ستسقط قطعة الدومينو المقبلة؟ الأنظار تذهب إلى فرنسا مع صعود اليمين اللافت، وربما هولندا التي تشير استطلاعات رأي إلى أن غالبية شعبها يريدون مغادرة الاتحاد الأوروبي، وكذلك الحال مع الدانمارك، وربما السويد والنمسا وإيطاليا.. عدوى لا فكاك منها.. في وقت تمارس فيه فعليا بريطانيا تبعات "الخروج" ما بين حركة تجارة مبهمة، وتصاعد قلق الأوساط الاقتصادية والسياسية تجاه مصير المملكة المتحدة ،ومعالم غامضة لما يُطلق عليه "الخروج الآمن" الذي تقوده رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي الآن بصعوبة، تحديات ربما تحيلك لشهادة نطق بها يوما الكاتب البريطاني الراحل "كوينتن كريسب" عن مواطنيه قائلا : البريطانيون لا ينتظرون السعادة..هم لا يريدوا أن يكونوا سعداء.. بقدر ما يريدوا أن يكونوا على صواب .
منى أبو النصر صحفية مصرية
التعليقات