النشاط الخامل - داليا شمس - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النشاط الخامل

نشر فى : الأحد 28 ديسمبر 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأحد 28 ديسمبر 2014 - 8:30 ص

حملة مقاومة خطف الأطفال على فيسبوك، دشنتها آيات جودت، لتجميع إعلانات حول الأطفال المفقودين ولمتابعة القضايا المتعلقة بالموضوع وكذلك تحريات الشرطة، بعد أن لاحظت ومجموعة من المهتمين زيادة أعداد الأطفال المخطوفين خلال السنوات الثلاث الأخيرة. (سجل المجلس القومى للأمومة والطفولة حوالى 337 حالة عنف ضد الطفل فى الفترة من يناير إلى يوليو 2014، من بينها حالات خطف وإتجار، معظمها تتركز فى القاهرة والجيزة، ومن بعدهما الإسكندرية، سواء لطلب فدية أو تجارة أعضاء أو تسول). فجأة اكتشفنا أننا نعيش فى ميلودراما لحسن الإمام، وأن جملة « أنا بنته بس الحرامية خطفونى وأنا صغيرة» التى كنا نرددها على سبيل الدعابة والسخرية من أفلام الأبيض والأسود، ما هى إلا واقع مؤلم يعيشه عدد من الأهالى نظرا للانفلات الأمنى، وقد يستمر بهم الأمر لشهور وأيام، هذا إذا انتهى الموضوع بخاتمة سعيدة.

•••

دعتنى الزميلة أميرة النشوقاتى لزيارة الموقع الذى يضم حوالى 24 ألف شخص، بمناسبة يوم التدوين والكتابة ضد خطف الأطفال واستغلالهم الذى دعت إليه الحملة، الاثنين الماضى. وحدثتنى أيضا عن تطبيق أندرويد (يالهوى-Yalahwi) الذى صممه شابان يعملان بالبرمجة (سعيد على وأحمد ثروت)، وهو يساعد فى عمليات تتبع الأثر وقد يستخدم أيضا فى حالات التحرش، فعندما تشعر الضحية بالخطر فى إمكانها أن تعطى إشارة أوتوماتيكية، بواسطة التطبيق، لصديق أو لفرد من العائلة. وبالفعل قام بتنزيله أكثر من عشرة آلاف شخص حتى الآن، على هواتفهم المحمولة.

•••

أعداد المتابعين للحملة والمتحمسين لها، والمبادرات الأخرى المشابهة التى نجد إشارات لها على الصفحة، تجرنا إلى موضوع حشد المواطنين على الإنترنت ومدى القدرة على التفاعل وإحداث تغيير من خلال عالم النشطاء الافتراضيين. قطعا وقّع معظمنا على بيانات شجب أو شكاوى من خلال الوسائط الإلكترونية، وكبسنا مرارا وتكرارا على زر «لايك أو أعجبنى» على فيسبوك أو غير بعضنا صورة البروفايل الخاص به، لإظهار دعمه لقضية ما.. فى إشارة واضحة لصانع القرار أننا نرفض هذا الأمر أو ذاك، وأن ما يسمى بالرأى العام غير راض عن كذا.. لكن إلى أى مدى يكون لهذا النوع من الأنشطة تأثيرا حقيقيا على مجريات الأمور؟، والحديث هنا لا يقتصر بالطبع على ظاهرة خطف الأطفال ولا يقلل من التجربة أو روح المبادرة المشكورة التى تساعد بالفعل فى نشر صور المخطوفين على الأقل، بل ينطوى على رغبة فى تحليل ما نقوم به يوميا عندما نضغط «أعجبنى» تأييدا لفكرة بعينها خاصة فى المجال السياسى أو «نشيَر فى الخير» دون عناء يذكر ودون مخاطرة فعلية.

•••

على هذا النحو، نوفر قطعا معلومات لا بأس بها للعاملين فى مجال قياسات الرأى ــ إن وجدوا ــ ومادة خام للسادة المراقبين ــ إن أحسنوا استخدامها، ونحن جالسون فى الصالون، لا ننتمى لحزب أو جماعة أو تنظيم نقابى، بل نرتدى جوارب شتوية للوقاية من البرد. وهو ما يطلق عليه (Slacktivism)، كلمة مشتقة من (slacker) أو خامل بالإنجليزية. يشعر المواطن بنوع من راحة البال أو أنه فعل شيئا للقضية المثارة، ربما يخرج عن سلبيته ويحشد آخرين على صفحته، ما يولد لديه إحساسا بالرضا عن الذات، لكن أصدقاء الصفحة ليسوا بالضرورة أصدقاء فعليين، لأن شبكة المعارف على فيسبوك وتويتر تشمل أناسا تعرفهم معرفة سطحية أحيانا أو لديهم علاقات من فرعية إلى عميقة أو مجهولين.. وهذا النوع من العلاقات الهشة أو الضعيفة قد يساعد على نشر الأخبار وتبادل المعلومات، إلا أنه لا يؤدى إلى عمل منظم، يزعج وحده السلطات أو يضغط عليها.

•••

الباحث إيفجنى موروزوف نشر كتابا فى أعقاب ثورات الربيع العربى، بعنوان «وهم الإنترنت» (The Net Delusion)، مشككا فى قدرة الإنترنت على تغيير وجه العالم، وذلك بعد الحفاوة البالغة التى أحاطت بدور الشبكات الاجتماعية فى الانتفاضات العربية. وهو يشرح وجهة نظره قائلا: «أنتمى فى الأصل لجمهورية بيلاروسيا السوفيتية السابقة، وهى كما تعلمون ليست واحة للديمقراطية، لذا فقد كنت دوما مهتما بتأثير التكنولوجيا على إعادة تشكيل المجتمعات السلطوية وجذبها إلى مزيد من الانفتاح. بعد حصولى على مؤهل جامعى، التحقت للعمل بمنظمة أهلية تستخدم وسائط الميديا الحديثة لدعم الديمقراطية فى جزء كبير من الاتحاد السوفييتى السابق. وبعد فترة اكتشفت أننى كنت مثاليا للغاية، وأن الديكتاتوريات لا تسقط بهذه السهولة.. بعضها استمر، وبعضها أصبح أكثر قمعية، عندئذ قررت ترك وظيفتى والتفرغ للبحث ودراسة العقبات التى قد يشكلها انترنت فى مواجهة محاولات الدمقرطة». حتى لو أثار رأيه حفيظة البعض، إلا أنه جدير بالنقاش، خاصة عندما يتعرض لدور الإنترنت المرحلى فى حياة البعض: بدأوا بنشاط على مواقع التواصل لدعم قضية معينة، ثم عندما شعروا بفاعلية حشدهم، انتقلوا إلى المجال العام، إلى أرض الواقع، فالعمل الميدانى والنشاط الافتراضى يكملان بعضهما البعض، ولا يمكن لأحدهما أن يكون بديلا عن الآخر لتحقيق التغيير، ما يفسر استهداف نظام مبارك للشباب الذى كان يشارك فى مظاهرات «كفاية» مثلا وفى الآن نفسه ناشط على الإنترنت.

كما لا يمكن أيضا لمبادرات المواطنين أن تكون بديلا عن أداء أجهزة الدولة للدور المنوط بها، سواء فى إيجاد الأطفال المخطوفين أو قطع الآثار المسروقة والتى يتم حصرها أحيانا بواسطة نشطاء الإنترنت. تعاطفكم وحده لا يكفى.

التعليقات