ضباب الانتخابات - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 6:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضباب الانتخابات

نشر فى : الإثنين 29 نوفمبر 2010 - 9:31 ص | آخر تحديث : الإثنين 29 نوفمبر 2010 - 9:31 ص

 هبط تراب العاصفة الانتخابية بعض الشىء، فى انتظار ظهور نتائجها كاملة. بعد أن حجبت ضبابية الرؤية عن الأنظار عددا من التطورات السياسية المفاجئة، التى تبدو غامضة ومحيرة والتى سوف يكون لها تداعياتها فى المستقبل القريب.

وكانت الجولة السريعة التى قام بها الرئيس مبارك فى دول الخليج فى ذروة المعركة الانتخابية، التى صورها زعماء الحزب الحاكم على أنها نقطة تحول حاسمة فى مستقبل مصر، دليلا على أن المشكلات لم تكن قابلة للانتظار، وان الحاجة ماسة لإعادة النظر فى علاقات مصر الخارجية مع دول عربية وأفريقية، بعد أن باتت بعض المشاكل تمثل عبئا على مصر داخليا وخارجيا.

كان من أولى القضايا التى ركزت عليها مباحثات الرئيس مبارك فى الخليج، ذلك المصير الغامض الذى انتهت إليه القضية الفلسطينية.. وبدا أن المخرج الوحيد من وجهة نظر مصر هو استمرار المفاوضات الفلسطينية ــ الإسرائيلية مهما كان.. بحجة أن وقف المفاوضات سوف يؤدى إلى استمرار بناء المستوطنات، و«بحيث لن نجد الأرض التى تقام عليها الدولة الفلسطينية فى استمرار إسرائيل فى بناء المستوطنات، وسوف ينتشر الإرهاب ضد إسرائيل وضد كل من يساندها».

ويحمل هذا التحذير فى باطنه دلالات عديدة. فهو ليس موجها إلى إسرائيل بقدر ما هو موجه إلى العرب والفلسطينيين. يحضهم على مواصلة المفاوضات، وبالأخص إلى أبومازن وجماعته التى يشتد داخلها تيار المعارضة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل ما لم توقف الاستيطان كليا فى الأراضى الفلسطينية..

خصوصا أن المقترحات التى تردد أن واشنطن قدمتها إلى تل أبيب، تضمنت رزمة من الحوافز والمساعدات السخية العسكرية والسياسية مقابل تجميد الاستيطان ثلاثة أشهر، يتم التفاوض خلالها على قضايا الحدود، مع استثناء القدس من تجميد المستوطنات.

ومن الواضح أن هذا المنطق يتسق مع السياسة الأمريكية للابقاء على باب المفاوضات مفتوحا بغير نهاية لترفع عن نتنياهو كل أشكال الضغوط وتسوغ له استمرار المماطلة فى الدخول فى محادثات جديدة حول القضايا الأساسية. وقد أثبتت التجربة فى تاريخ طويل من المفاوضات العقيمة، أن إسرائيل لا تتورع سواء كانت هناك مفاوضات أم لم تكن، عن انتهاك الوعود والالتزامات وتمضى فى مشاريع البناء..

ليست فقط فى الضفة والأراضى المحتلة عموما ولكن فى قلب القدس نفسها. وهى تستغل فى ذلك موقف التخاذل الأمريكى والصمت العربى الذى يخدع نفسه بوهم المفاوضات. والذى يتحتم على مصر أن تعيد قراءة دلالاته فى القرار الذى اتخذته إسرائيل ببناء جدار عازل بينها وبين مصر.

وليس صحيحا ما رددته بعض التصريحات بأن هذا الجدار لا يعنينا.. فالأرجح أن تقيم عليه إسرائيل معابر تتحكم من ناحيتها فى الخروج والدخول دون أن يكون لنا سيطرة عليها، كما هو الحال مع المعابر بين إسرائيل والأراضى المحتلة. وقد تستغله إسرائيل فى مشكلة تدفق المهاجرين الأفارقة الذين يتسللون إليها.

غير أن المفاجأة الحقيقية كانت فى تفجر العلاقات بين مصر وإثيوبيا، التى استخدمت لغة الحرب بسبب قضية مياه النيل. وعلى الرغم من أن الصحافة الإثيوبية امتلأت بمقالات عن سيناريوهات للحرب متوقعة بسبب عدم انضمام مصر إلى اتفاق تقاسم مياه النيل، إلا أن المسئولين فى مصر ظلوا ينفون نفيا قاطعا وجود خلافات مع إثيوبيا تصل إلى حد العداء. ونفت مصر أن تكون قد ساعدت المتمردين فى إثيوبيا. وهو ما يقطع بأن ثمة أسبابا أخرى لهذه الأزمة بين البلدين غير الأسباب المعلنة هنا وهناك!

على أن الحالة الضبابية التى غطت على المناخ العام فى مصر بسبب الانتخابات، لم تستطع أن تمنع حدوث تطور سياسى وإعلامى غير مسبوق. حين تمت المصالحة بين الرئيس مبارك وأمير قطر.. مصالحة سعى إليها الطرفان فيما يبدو، لحل خلافات وتعقيدات شخصية وسياسية انعكست على مواقف عربية فى السودان والقضية الفلسطينية والعلاقات مع إيران والموقف فى لبنان.. كما أزاحت كثيرا من الشكوك والهواجس التى أحاطت بقناة «الجزيرة» وتغطيتها الإخبارية لمصر.. فلم تعد هى العدو الإعلامى الأول!
وعندما يتبدد ضباب الانتخابات، فسوف ينجلى كثير من الغموض حول هذه المشاكل المحيرة!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات