سيناريو «يوم القيامة».. حرب استئصال روسيا! - مواقع عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيناريو «يوم القيامة».. حرب استئصال روسيا!

نشر فى : الأربعاء 30 مارس 2022 - 9:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 30 مارس 2022 - 9:00 م

نشر موقع 180 مقالا بتاريخ 27 مارس للكاتب سميح صعب تناول فيه الخطأ الغربى فى عدم المحاولة لنزع فتيل الأزمة مع روسيا، بل شن الغرب حملة لمحو روسيا من على الخريطة واستئصال كل ما يمت لها بصلة، إلى جانب استمرارهم فى إشعال الحرب الأوكرانية من خلال تزويد كييف بالأسلحة، وهو ما يراه الكاتب لا يترك لبوتين فرصة لأن يتراجع، وهو ما سينتج عنه حرب تتصادم فيه القوى النووية.. نعرض منه ما يلى.
يُهدّد طول الحرب الأوكرانية وغياب أفق الحل السلمى، بمحوٍ متزايدٍ للخط الفاصل دون تطورها إلى مواجهة مباشرة بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة ثانية، برغم تهيب الجميع الانزلاق إلى هاوية تقود إلى حرب عالمية ثالثة بين قوى مسلحة نوويا هذه المرة. إنه سيناريو «يوم القيامة» بامتياز.
فى تورط مقنّع بالحرب، لا تزال الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسى تُغرق أوكرانيا بالسلاح وفق وتيرة متصاعدة، من الصواريخ المضادة للدروع إلى البحث عن أنظمة صواريخ سوفياتية ــ روسية من طراز «إس ــ 300»، وكان لافتا للانتباه سؤال أمريكا لتركيا عما إذا كانت مستعدة لإرسال صواريخها من طراز «إس ــ 400» إلى أوكرانيا. وتعتزم أمريكا تعزيز شحنات أوكرانيا «الفتاكة» بمليارات جديدة من الدولارات، من دون صرف النظر نهائيا عن احتمال إيصال المقاتلات البولندية والبلغارية من طراز «سوخوى ــ 29» إلى الداخل الأوكرانى، ونشر صواريخ «الباتريوت» الأمريكية فى سلوفاكيا، مقابل نقل الأخيرة صواريخها من طراز «إس ــ 300» إلى الجوار الأوكرانى. بدورها، ألمانيا التى كانت تحاذر فى بداية الحرب إرسال خوذ إلى الجيش الأوكرانى، ترسل آلاف الصواريخ المضادة للدروع وللطائرات يوميا. أما بولندا، فقد ذهبت أبعد من ذلك، إلى حد المناداة بإرسال قوة أطلسية من مائة ألف جندى لحفظ السلام فى أوكرانيا؛ وبقدر ما يبدو هذا الاقتراح غير واقعى بقدر ما يعبّر عن الحنين إلى أيام الكومنولث البولندى ــ الليتوانى الذى كان يحتل أوكرانيا فى القرن السادس عشر!
• • •
شحنات الأسلحة المتدفقة تترافق مع خطاب غربى يهيئ لعالم لا مكان فيه لروسيا. هكذا أوحت مداولات القمم الغربية الثلاث فى بروكسيل الأسبوع الفائت، وما رافقها من مواقف وتصعيد. والرئيس الأمريكى يعد أوروبا بتعويضها الغاز الروسى بغاز أمريكى من الآن وحتى العام 2030، ويعتبر أن الاستمرار فى الاعتماد على الطاقة الروسية لم يعد يستقيم «أخلاقيا» بعد هجوم روسيا على أوكرانيا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عضوية روسيا فى مجموعة العشرين، وأنه لا بد من طرد روسيا واستبدالها بأوكرانيا.
تقود الولايات المتحدة حملة سياسية واقتصادية وثقافية لاستئصال كل ما يمت بصلة إلى روسيا. وهى حملة تستنفر الغرب للدفاع عن النظام العالمى القائم، فى ما يتجاوز أوكرانيا بكثير. من هنا هذه الجذرية فى المواقف الأمريكية. فالرئيس الروسى فلاديمير بوتين ليس أقل من «مجرم حرب» و«ديكتاتور قاتل» فى نظر بايدن، والسيناتور الجمهورى ليندسى غراهام يدعو إلى اغتياله لوقف الحرب. وزير المال الفرنسى برونو لومير لا يقبل ثمنا لغزو أوكرانيا بأقل من «تدمير وانهيار» النظام الروسى. وناطق باسم رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون يقول صراحة إن الغاية من العقوبات غير المسبوقة على روسيا هى «إسقاط نظام بوتين».
وسائل إعلام وكتّاب غربيون لا يستطيعون كبح جماح حماستهم فى الدعوة إلى «محو روسيا عن الخريطة» السياسية. كاتب العامود فى صحيفة «الواشنطن بوست» ديفيد إغناتيوس، يدعو إلى المضى فى الحملة على روسيا حتى تُوقّع على اتفاق استسلام مماثل لاتفاقى استسلام ألمانيا واليابان فى الحرب العالمية الثانية. ويستفظع أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة تكساس كريستوفر لاين فى مقال بمجلة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية هذا الخطاب ويقول إن المناشدة العاطفية للرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى أمام الكونجرس ووسائل الإعلام ومجموعات الضغط الموالية لأوكرانيا فى الولايات المتحدة نجحت فى تصوير أوكرانيا وكأنها خط الدفاع الأول عن الديمقراطية فى العالم، علما أن منظمة الشفافية العالمية صنفتها فى المرتبة 122 فى سلم الأنظمة الفاسدة من أصل 180 بلدا تراقبها المنظمة. لكن ألم يُقسّم بايدن العالم إلى «فسطاطين» أنظمة ديمقراطية ضد مستبدة.
• • •
يستغرب الخبير فى الدراسات الدفاعية والسياسية فى معهد كاتو الأمريكى للأبحاث تيد غالن كاربنتر سياسة واشنطن التى «تتميز بالعاطفة المفرطة والحدة ووصول العداء لروسيا إلى مستويات سامة» ليصل إلى استنتاج بأنه لا يمكن الولايات المتحدة التعامل مع روسيا وكأنها كوريا الشمالية، علما بأن السياسة الأمريكية حيال بيونج يانج، لم تؤدِ إلى نتائج إيجابية. هل من قبيل الصدف أن يختبر كيم جونج ــ أون أقوى صاروخ لديه عابر للقارات فى الوقت الذى كان قادة حلف شمال الأطلسى مجتمعين فى بروكسيل فى قمة استثنائية لمناقشة كيفية تصعيد الضغط على روسيا.
الحملة «الصليبية» المتبعة حيال روسيا، لا تترك فسحة لبوتين كى يتراجع، ولا تبعث بإيماءة ولو من بعيد لزيلينسكى كى يدخل فى مفاوضات جدية لوقف الحرب. وهذا يعنى أن الغرب يعتقد اليوم أنه أوقع روسيا فى الفخ وأن الاستراتيجية الغربية تقوم على دعم أوكرانيا بالسلاح والمال كى تُنهك الجيش الروسى وتُؤسس لمناخ فى داخل روسيا يصير فيه من المتعذر على بوتين الاستمرار فى سدة القيادة، وتاليا الوصول إلى وهم خروج الروس فى تظاهرات عارمة إلى الشوارع فى «ثورة ملونة» تخرج أليكسى نافالنى من السجن إلى الكرملين!
مثل هذه السياسة تنطوى على مخاطر تصعيد النزاع إلى خارج الحدود الأوكرانية. إذ من قال إن بوتين سيقف غير مبالٍ أمام شحن الغرب السلاح إلى أوكرانيا لقتل الجنود الروس. إن القصف على قاعدة عسكرية أوكرانية لا تبعد سوى 12 كيلومترا عن الحدود البولندية / الأطلسية، هى رسالة لا لبس فيها عن إمكانات تمدد الحرب، وعن قدرات الجيش الروسى. وفى تغطية وسائل الإعلام الغربية لوقائع الحرب، كان ثمة تساؤل يتردد كثيرا على ألسنة خبراء عسكريين غربيين، حول سبب عدم ظهور الأنواع المتقدمة من الأسلحة الروسية فى الحرب الأوكرانية. قد يكون الجواب على ذلك هو التحسب لاحتمالات توسع النزاع.
وقبل بايدن، رؤساء أمريكيون كثيرون قطعوا تعهدات بعدم التورط فى حروب فى الخارج، ثم وجدوا أنفسهم فى قلب آتونها. والمضى فى إرسال السلاح و«الفرق القتالية» إلى تخوم روسيا يتجاوز عامل الردع، ومناورات «الرد البارد» التى يجريها حلف شمال الأطلسى بمشاركة عشرات آلاف الجنود فى النرويج غير بعيد عن الحدود الروسية، قد تتحول «ردا ساخنا» فى أى لحظة.
• • •
كل ذلك، يُقلّص المسافة الفاصلة بين عدم التدخل، والتدخل المباشر. وعندما يُهدّد بايدن بأنه سيرد إذا استخدمت روسيا الأسلحة الكيميائية فى أوكرانيا، ماذا يعنى هذا؟ وما لم يقله بايدن، قاله الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عندما أورد مثالا عما فعلته فرنسا وأمريكا وبريطانيا عام 2018 فى سوريا عقب تقارير عن استخدام الجيش السورى السلاح الكيميائى فى خان شيخون، فى تذكير بقصف صواريخ من البحر شنّته الدول الثلاث على مواقع سورية عامذاك.
ويقول مدير التحليلات السابق فى وكالة الاستخبارات الأمريكية «سى أى إى» للشئون الروسية جورج بيبى، إن «جون كينيدى استخلص درسا أساسيا من أزمة الصواريخ الكوبية ألا وهو أن زعماء القوى النووية يحتاجون إلى نزع فتيل الأزمات، من طرق مساعدة بعضهم البعض على إيجاد تسويات متبادلة تحفظ ماء الوجه».
هذا لا ينطبق أبدا على واقع أمريكا اليوم التى تستميت فى الدفاع عن النظام العالمى الذى أرست أسسه بعد انهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتى قبل أكثر من ثلاثين عاما.
إن المسألة تتجاوز أوكرانيا. وفى كلام الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس قبل أيام ما يُفصح عن الهدف الأوسع بقوله «إن النقطة الأساسية تكمن فى أن ثمة مبادئ تتعرض للخطر هنا (أوكرانيا) ويمكن تطبيقها عالميا فى كل مكان».
وبخطى ثابتة يقترب الغرب من الصدام المباشر مع روسيا، وهو قد هيّأ لهذه اللحظة منذ الشروع فى ضم دول أوروبا الشرقية إلى حلف شمال الأطلسى. وهذا يطرح سؤال: هل تأخرت روسيا فى الرد؟
النص الأصلى

التعليقات