لم يعد غامضا - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لم يعد غامضا

نشر فى : الجمعة 30 سبتمبر 2016 - 10:05 م | آخر تحديث : الجمعة 30 سبتمبر 2016 - 10:05 م
أثار حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى، الاثنين الماضى، عن وجود خطة لنشر الجيش فى مصر كلها خلال 6 ساعات من أجل حماية الدولة، الكثير من علامات الاستفهام، بشأن الأسباب الحقيقية التى دفعته إلى اطلاق مثل هذا «التصريح الغامض»، والذى يوحى بوجود مخاطر حقيقية تهدد استقرار النظام.

كثيرون اجتهدوا فى تفسير «ما بين سطور» التلويح الرئاسى باستدعاء الجيش، بعد نزوله مرتين إلى الشوارع فى السنوات الخمس الماضية، وذهب البعض إلى القول إن مؤسسة الرئاسة تستشعر خطرا حقيقيا، من امكانية تفجر توترات واضطرابات اجتماعية فى الفترة المقبلة، جراء الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تواجهها البلاد، والغلاء الفاحش الذى يطحن عظام الفقراء.

البعض الآخر رأى ان كلام الرئيس موجه إلى قوى التطرف والإرهاب، التى تحاول استدراج مصر إلى حالة الفوضى الموجودة فى سوريا والعراق، وتكثيف عمليات العنف ومحاولات الاغتيال، والتى كان آخرها مساء أمس الأول، بتفجير سيارة ملغومة بالتجمع الأول، بالقرب من منزل المستشار زكريا عبدالعزيز عثمان النائب العام المساعد.

فريق ثالث حاول ان يفسر «التصريح الغامض»، بوجود «مؤامرات خارجية» تستهدف الضغط على الرئيس، لإجباره على اختصار مدته الرئاسية الأولى، أو على الأقل منعه من الترشح لولاية ثانية يحل موعدها فى العام 2018.

وجهات النظر السابقة لها وجاهتها واحترامها، لكنها ليست مبررا حقيقيا لذلك التلويح الخطير القادم من «غيط العنب».. فالمؤامرات الخارجية والعنف والارهاب لا يحتاج إلى ذلك التلويح، خصوصا ان الرئيس اكد بنفسه خلال لقاءاته المتعددة مع الكثير من المسئولين فى نيويورك اثناء حضوره اجتماعات الأمم المتحدة، ان الدولة تحرز تقدما هائلا ضد الارهابيين، وان هذه الظاهرة آخذة فى الانحسار، أما بالنسبة للوضع الاقتصادى فرغم قسوته الشديدة، الا انه لم يصل إلى مرحلة الغليان، التى يمكن ان تسبب توترات وهزات اجتماعية عنيفة تقلق النظام، وبالتالى يستدعى التلويح بورقة «نشر الجيش فى 6 ساعات».

فى تقديرى ان السبب الحقيقى وراء تلويح الرئيس بنشر الجيش، اتضح بشكل جلى يوم الخميس الماضى، عندما قضت محكمة الأمور المستعجلة، بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وما ترتب عليها من نقل تبعية جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة.

هذا الحكم الذى وصفه المحامى الحقوقى خالد على، صاحب الدعوى الأصلية لبطلان الاتفاقية، بأنه يعد اغتصابا لسلطة مجلس الدولة الذى يختص وحده بنظر الاشكالات الصادرة منه، جاء قبل اسبوع واحد على بدء دور الانعقاد الثانى للبرلمان، وبالتالى فإن الحكومة، يمكن ان تقوم الآن برفع الاتفاقية إلى مجلس النواب من أجل التصديق عليها، بعدما أزال الحكم الموانع القانونية، التى كانت تحول دون اتمام ذلك الأمر، كما ان البرلمان بتكوينه وتركيبته الحالية، تجعلنا على يقين، انه سيمررها فى «6 ساعات».

تدرك مؤسسة الرئاسة أن أخطر تحدٍ واجهته خلال الفترة الأخيرة، وتحديدا عبر التظاهر فى الشارع، كان بعد موافقة الحكومة على تسليم الجزيرتين إلى السعودية، وانه حال صدق مجلس النواب على الاتفاقية، فإن السيناريوهات ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات، وان الاعتراض فى الشارع سيحدث بلا شك، لكنه سيضم تحت مظلته هذه المرة، كل من لديه مظلمة أو شكوى أو ثأر قديم مع النظام.

لم يعد التلويح الرئاسى باستدعاء الجيش غامضا إذن.. والجميع أصبح مدركا ان النظام أرسل رسالة استباقية بعزمه على مواجهة اية احتجاجات أو اضطرابات محتملة، حال تصديق البرلمان على تسليم الجزيرتين.
التعليقات