تساؤلات حول المظهر الجمالى للشوارع - محمود عبد المنعم القيسونى - بوابة الشروق
الخميس 7 نوفمبر 2024 12:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تساؤلات حول المظهر الجمالى للشوارع

نشر فى : الخميس 30 نوفمبر 2023 - 7:35 م | آخر تحديث : الخميس 30 نوفمبر 2023 - 7:35 م

كمواطن مسن زار معظم دول العالم يجد نفسه دائما يقارن مشاهداته فى الخارج بمشاهداته بالوطن، وبالمقارنة يصطدم بظواهر غير منطقية وصادمة تحتاج بالتأكيد لتقويمها للصالح العام ــ وأكرر للصالح العام ــ وأبدأ بمشمول اليافطات العملاقة والتى كل عدة شهور يتم تقصير المسافة بينها لتحجب كل ما هو جميل، فالمعروف أن الغرض من هذه الإعلانات ــ وهو المتبع فى جميع دول العالم ــ هو الدعاية للمنتجات والسلع أو للنشاطات التجارية والفنية والسينمائية أو المشاريع العقارية، لكن لاحظت خلال سنى هذا القرن ظاهرة تتزايد وفعلا تنفرد بها مصر وهى الدعاية الضخمة للعاملين بالمهنة الإنسانية أى الأطباء، فصور الأطباء بأوضاع وبوزات مختلفة مع إبراز تخصصاتهم أصبحت تثير علامات استفهام، فهل نقابة الأطباء تسمح بهذه الظاهرة الفريدة؟
لاحظت فى أثناء تحركاتى فى الشوارع أن القائمين بواجبات الحراسة على المنشآت الأجنبية أو الهامة يتحدثون فى المحمول، مما يشكل تقصيرا مؤكدا لأنه يؤثر بالسلب على اليقظة والالتزام بواجباتهم، فيجب عدم حمل المحمول فى أثناء مهمة الحراسة. ثم هل بمصر مهندسو تخطيط مدن؟ فقد لاحظت أنه كلما تم الانتهاء من تنفيذ مشروع عملاق ويتم إزالة كامل المخلفات وتسوية ورصف الأراضى حوله وإتمام عملية نظافة الموقع، فجأة تتحرك الحفارات والبلدوزرات للقيام بحفر ذات الأرصفة ــ التى تم رصفها وتسويتها ــ ولعشرات الكيلومترات لمد كابلات كهربائية أو مواسير لأغراض مختلفة، فينقلب الحال رأسا على عقب ما يثبت ويؤكد أن هذه العملية لم تكن فى الحسبان عند وضع المخططات الهندسية للمشروع… أو بعد مد الشوارع وسفلتتها وبناء الأرصفة على أجنابها تبدأ عمليات حفر هذه الشوارع بالعرض لمد كابلات الكهرباء ومواسير الصرف وهى ظواهر وتصرفات مكلفة، وتؤكد على قصور واضح فى التخطيط المستقبلى. وبمناسبة الشوارع والمحاور والطرقات ننفرد بوضع مطبات أسفلتية سوداء من نفس خامات الطرق ونفس اللون وكأن الهدف هو تشكيل كمائن أو فخاخ لإصابة السيارات وركابها، حتى لو كانوا ملتزمين بالسرعة القانونية، فمن الصعوبة تمييز موقع المطب ما يتسبب فى ارتطام الركاب بأسقف السيارات مع احتمال إصابة المركبة بأضرار، أليس واجبا دهان كامل المطبات بلون فسفورى براق يحقق الهدف؟

• • •

إن نيل مصر من الصعوبة ــ للمواطِنة أو المواطن ــ الاستمتاع بمشاهدته إلا لو سدد رسوما أصبح من الصعب تسديدها، فمعظم المبانى المخالفة للقوانين على أجناب النيل تتبع جهات حكومية فقط فى حين تطبق القوانين بصرامة على القطاع الخاص، وهذه ظاهرة لا توجد فى جميع دول العالم التى بها نعمة الأنهار حيث يمكننا السير لعشرات الكيلومترات ونحن مستمتعون بجمال ونعمة النهر، فمحظور بناء أى جدران تحجب الرؤية. أيضا خلال سنى القرن الحالى، فإن قيام مستثمرين جادين بتشييد قرى سكنية ضخمة جميلة مكتملة الخدمات والحدائق، ويتم إحاطتها بأسوار للتحديد والأمن فيقوم مواطنون بمعظم رأس مالهم بشراء وحدات لعائلاتهم لضمان حياة خالية من التلوث والضوضاء… ثم يقوم المسئولون عن المدينة أو الحى المقام بها هذه المشاريع العملاقة والجادة ببيع الأراضى الملاصقة لهذه القرى والمنتجعات (والمخصصة لتكون مساحات خضراء جمالية) وعلى مداخلها بلا أى شروط أو قيود، ليتم بناء مبانٍ شيطانية متنوعة من مطاعم بمطابخ ومداخن وقهاوٍ ومحلات تجارية وبقالة وبائعى الخضر وورش صيانة السيارات ومحطات بنزين ومعارض سيارات وأثاث، كلها على بعد أمتار ومطلة على جانب الوحدات التى قامت أسر بشرائها بمعظم رأس مالهم بهدف الراحة والبعد عن التلوث والضوضاء، لينقلب الحال إلى موقع شعبى وسوق متكامل شديد الضوضاء والتلوث والزحام بكم هائل من السيارات والموتوسيكلات والسياس والمتسولين، ما يؤذى سكان هذه القرى ويحبط آمالهم ويؤكد انعدام التخطيط الحضارى تماما والسعى فقط لتحقيق مكاسب مادية (هناك مثل صارخ بمدينة السادس من أكتوبر).

• • •

قانون التصالح الجديد على مخالفات البناء والذى يلزم المواطنين سكان العقارات المخالفة بطلاء كامل العقار للحفاظ على المظهر الحضارى والقضاء على التلوث البصرى كشرط للتصالح، سيواجه مشاكل لا حصر لها لصعوبة تجميع موافقات جميع سكان العقار على تسديد نصيبهم فى تكاليف الدهان، وهى حالة منتشرة انتشارا هائلا وتعانى منها جميع اتحادات سكان العقارات (سمعت عن إعلامى مشهور كان يسكن فى عقار مكون من ثمانية وعشرين شقة وللعقار اتحاد ملاك، واجهوا مشاكل لا حصر لها حيال تجميع مصاريف العقار الخاصة بمرتبات الحراس وكهرباء المصاعد وصيانتها والمياه وإصلاحات وطلاء العقار، مما أدى إلى قيام الإعلامى وساكن آخر بالتكفل بتسديد كامل المصاريف شهريا عن العقار بالكامل وهى حالة منتشرة انتشارا هائلا وسط العقارات السكانية) لذلك أقترح قيام بنك الإسكان أو أى بنك بمنح قروض ميسرة ومقسطة بدون فوائد على عدة شهور لسكان العقارات المخالفة لضمان تحقيق المطلوب للصالح العام.
كلما تحركت على الطرق الدائرية ولسنوات ألاحظ بوضوح (وهذه ملاحظات لم أشاهد مثلها قط خارج مصر) كما هائلا من العقارات المخالفة على أجناب الطريق وقد تم هدمها أو هدم عدة طوابق منها، لتترك على هذا الحال سنوات حتى تشكل مظهرا بالغ القبح وغير حضارى بالمرة ويناقض جمال مشاريع الطرق العملاقة، كما أن كل هذه العمارات وهى بالمئات غير كاملة، فقط طوب أحمر وكمرات أسمنت وتُترك لسنين على هذا الحال البالغ القبح بلا طلاء خارجى ولا نوافذ ولا أى اعتراض أو تسجيل مخالفات وكأن مسئولى الأحياء والمحافظات إجازة لعدة سنوات، أليس من الواجب إجبار المخالفين على رفع المخلفات والطوابق المهدمة ونقلها لمواقع خارج كردون المدينة ــ تحددها المحافظات ــ وإجبارهم على إتمام التشطيبات الكاملة لعقاراتهم؟
ثم كل هذه المخالفات التى نشاهدها يوميا أليس خلفها مهندسون وافقوا على التصميم للبناء، ومقاولون أشرفوا على بناء آلاف العقارات غير المرخصة بالمخالفة لقوانين الدولة؟ وهل تم بناء هذه العقارات العملاقة فى يوم وليلة وبسرعة لم تسمح لمسئولى الأحياء بوقفها وتحرير المخالفات ومصادرة المعدات والخامات؟

• • •

علامات الاستفهام لا حصر لها، فالدولة تنفذ مشاريع حضارية عملاقة جمالية بينما هناك ولسنين طويلة من اجتمعوا على تحدى القوانين ونشر القبح فى كل مكان حولنا، وهناك من أهملوا واجباتهم ومسئولياتهم وسمحوا بهذا الكم الضخم من المخالفات والقبح ولسنين.

محمود عبد المنعم القيسونى المستشار السابق لوزير السياحة ووزيرة البيئة
التعليقات