بناء مدن شاملة ومستدامة.. خطوة نحو إنقاذ مصر من التكدس السكاني - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 12:39 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بناء مدن شاملة ومستدامة.. خطوة نحو إنقاذ مصر من التكدس السكاني


نشر في: الخميس 1 ديسمبر 2022 - 2:39 ص | آخر تحديث: الخميس 1 ديسمبر 2022 - 2:46 ص

تفتتح الدولة المصرية يوما تلو الآخر، مدن جديدة ومستدامة، بتكلفة تقدر بمليارات الجنيهات، وذلك لعلاج واجتثاث أزمة التكدس السكاني، والثورة على فكرة العيش حول الوادي والدلتا التي توارثناها عبر آلاف السـنين، والاستغلال الأمثل لمواردنا الطبيعية والتماشي مع نظم البناء الحديثة التي تتناسب مع مقدرات الدولة ومكانتها بين دول العالم.

ومن خلال الورقة البحثية التي أصدرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، نستعرض جهود الحكومة في بناء هـذه المدن الجديدة خلال السنوات الأخيرة، حيث سبقها بعض المحاولات على استحياء لتفريغ القاهرة وسحب جزء من التكدس السكاني بالقاهرة الكبرى لأطراف المدينة بمدن مثل الشروق وبدر و6 أكتوبــر والعبور وغيرها من المدن الجديدة التي بنيت خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، إلا أنها لم تنجح بالقدر الكافي في تقليل الكثافة السكانية بالمحافظات الحضرية.
وخاصة إقليم القاهرة الكبرى، بوصفه الأكثر جذبا للسكان، والهجرة الداخليـة مـن مختلفـة المحافظات علـى مدار السنوات، فمثلا إقليم القاهرة الكبرى، عام 1970 كانت مساحته تقـدر بحوالي 52 ألف فدان، وعدد السكان 5.6 مليون نسمة، والكثافـة الصافية تقـدر بـ250 نسمة/ فدان، فيمـا كانت الكثافة الإجمالية تقدر بــ100 فـرد/ فـدان، فيما أصبحت المساحة في 2015 حوالي 140 ألف فدان بزيادة 240%، وبلغ إجمالي عـدد السكان حوالي 16.8 مليون نسمة بزيادة 300%، فيما وصلت الكثافة السكانية الصافية لحوالي 500 نسـمة/ فدان وهي كثافة مرتفعة جدا، وقدرت الكثافة الإجمالية بــ140 نســمة/ فـدان.

وتعـد القاهرة واحدة مـن أكثر المدن كثافة سكانية حول العالم، فوفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت الكثافة المأهولة بالقاهرة 7.52 ألـف نسـمة/كم2، هـذا إلـى جانب حجـم الهجـرة الداخليـة التي تسـتوعب القاهرة النصيب الأكبر منها، فوفقا لتعـداد عام 2006 بلغ إجمالي المهاجرين إلى القاهــرة 804.4 ألف نسمة حوالي 16.8% مــن إجمالــي الهجــرة الداخليــة.

وهـو مـا يؤكد عدم قـدرة المدن التي سبق بناؤهـا على حل المشـكلة منذ الثمانينيات، وقد يرجع ذلك إلى عدم جاذبية هذه المدن لغالبية المواطنين فـي هذا التوقيت، ففي حينها كان السـكن فـي هـذه المدن بمثابـة "نفـي" لسكانها، فيتطلـب الذهـاب إلى وسط العاصمة قطع عشــرات الكيلومتــرات وتكبد أموالا باهظة بخلاف عناء الطرق الوعرة في هـذا الوقـت؛ لذا كان تحمل هذا العناء بشكل يومي لبعض العاملين والطلاب لإتمام شؤونهم العمليــة والدراسية أمرًا شــبه مســتحيل، فكان شـراء وحـدة سـكنية بهذه المدن الجديدة مجرد اســتثمار عقاري إذ ربما يؤتي ثماره يوما ما.



هــذا إلى جانب عدم كفاية ما تم تنفيذه من وحدات سكنية لتضاهي الزيادة السكنية خلال العقود الأخيرة، فما نفذ خلال 38 عامـا (2013-1976) يعـادل ما تم تنفيذه في 7 سـنوات (منذ 2015 حتى 2021)، فخلال الفتــرة (1976 – 2005)، والتي تعادل 30 سـنة تـم تنفيـذ 1.2 مليـون وحـدة سـكنية، بمتوسـط 42 ألف وحدة سكنية سنويا، فيما زادت معدلات البناء قليلاً في الـ8 سنوات التالية (2005 - 2013)، ليصبح إجمالي المنفذ 383 ألف وحدة بمتوســط 48 ألف وحدة سنويًا، في حين كانت الزيادة السكانية خلال الـ38 عاما تقدر بحوالي 48 مليون نسمة، أي بمتوسط زيادة 315.8 ألف أسرة سنويًا (بفرض أن متوسط حجم الأسرة 4 أفراد)، في حين كان متوسط عـدد الوحدات المنفذة لا يتعدى 45 ألف وحدة سنويًا.

بالإضافة إلى أن غالبيـة الوحدات المنفذة كانت من قبل القطاع الخاص، والذي لا يتناسب ماديًا، مع شريحة عريضة من المجتمع المصري، خاصة في ظل غياب حلول أو خطة للدولة على مدى عقـود، مما تسبب في ظهور وتنامي البناء العشوائي والمناطق غير الآمنة، والضغط على شبكات المرافق غير المؤهلة للزيادة العشوائية للسكان.

لذا كان وقوف الحكومة على أسباب ومحددات أزمة التكدس السكاني سبيلاً أساسـيًا في وضع حلول للأزمة، على رأسها بناء مدن جديدة تمنع المزيد من البناء العشوائي، وتحوي مشروعات إسـكان متنوعـة (اجتماعي – متوسط – فاخر - سـياحي)، ذات جودة تنفيذ عالية تحظى بثقة المواطن، وبوسائل تمويل ميسرة تتناسب مع كل الفئات خاصة محدودي الدخل.

ومن الملاحظ مما عرض من مخططات المدن الجديدة الجاري تنفيذها أنها مدن متكاملة ومستدامة، فهي تحوي إلى جانب المناطق السكنية، مناطق خدمية وترفيهية، ودور عبادة، ومناطق استثمارية وصناعية ولوجستية توفر الآلاف من فرص العمل لسكان هذه المدن، فضلاً عن شبكة طرق وكباري
ومحاور رئيسة وشبكة مواصلات جماعية (أتوبيسات النقل الجماعي – قطارات السكك الحديدية – مترو الأنفاق – القطــار الكهربـي السـريع – المطـارات – الموانـئ) تربـط المدن الجديدة بجميع المناطق المحيطة بسـهولة ويسر وبتكلفة مناسبة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك