لمن يعرف شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية تمام المعرفة يعلم جيدا أنها لم تعد كالسابق.

فتخترق الآن مساحات طويلة أزيلت منها الأشجار، الغابة المطيرة بجنوب منتجع كانكن الشهير، بطرف شبه جزيرة يوكاتان في جنوب شرق المكسيك، كما تخترق الآلاف من أعمدة البناء الضخمة الأرض، على مسافة كل 15 مترا، استعدادا لمد خط قطار "ترين مايا" الجديد.

ويجرى إنشاء خط قطار ترين مايا لنقل ملايين السياح من شواطئ الكاريبي، عبر مواقع المايا الأثرية العديدة، وسط الغابة المطيرة المارة بشبه جزيرة يوكاتان.

ورغم أن من المأمول أن يعطي مشروع البنية التحتية الهائل، دفعة ضرورية للسياحة، في إقليم مكسيكي فقير نسبيا، فإن جماعات الحفاظ على البيئة، وتجمعات السكان الأصليين، وجهت انتقادات للمشروع بسبب المخاوف من تأثيره السلبي على الحياة الطبيعية بالإقليم.

وتم تدشين المرحلة الأولى من خط السكك الحديدية، الذي يبلغ طوله 1554 كيلومترا، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف من بدء أعمال التشييد.

ولكن يقسم المشروع العملاق للرئيس أندريس مانيول لوبيز أوبرادور الغابة المطيرة نصفين، مما يسبب ضررا لا يمكن إصلاحه للنظام البيئي، وفقا لما يقوله روجو الخبير في علم الأحياء والناشط.

ويشير روجو إلى نظام الكهوف الكائنة تحت المياه بالمنطقة، ويقول: "في الأسفل يوجد خزان المياه الجوفية، التي يعتمد عليها كل الناس والنباتات والحيوانات في المنطقة".

ويبلغ طول خط القطار في مرحلته الأولى 473 كيلومترا، ويمر جزئيا على خط حديدي سابق، ومن المقرر الانتهاء من إقامة الخط بكامله، بما في ذلك 34 محطة في خمس ولايات بحلول نهاية شباط/فبراير الحالي.

وتعد غابة سيلفا مايا التي تمتد عبر أراضي المكسيك وجواتيمالا وبليز، أكبر منطقة للغابات المطيرة في الأمريكيتين بعد منطقة الأمازون، وتوجد بها أطلال مدينة شيشين إتزا الكبرى للمايا.

وسيكون هذا الموقع ضمن المواقع التي سيربطها خط السكك الحديدية الجديد، الذي سيشمل أيضا مسارات قطارات للركاب العاديين، وأخرى لقطارات البضائع.

ورغم معارضة نشطاء البيئة للمشروع، هناك بين السكان مؤيدون له، ويرون فيه فرصة جيدة للتنمية، وتحسين الدخول، حيث أن التجمعات السكانية التي عانت من التهميش، ستدخل الآن في طور الانتعاش من السياحة، لأن القطار سيتوقف في كانكن.

وسوف يستفيد السكان المحليون لأنهم سيتمكنون بيع منتجاتهم اليدوية والحرفية مباشرة إلى للسياح، أو العمل في الفنادق.

ومنذ بدء تنفيذ مشروع الخط الحديدي، الذي يشرف عليه الجيش، زادت تكلفته بمقدار ثلاثة أمثال، لتصل إلى 500 مليار بيزو (29 مليار دولار). كما تشارك شركات أوروبية في تنفيذ المشروع.

ولكفالة تنفيذ مشروع خط ترين مايا، ولمواجهة الدعاوى القضائية التي أقامها نشطاء البيئة لوقفه، أعلن الرئيس المكسيكي القومي واليساري التوجهات، أن المشروع مسألة أمن قومي للبلاد، ويخضع لسيطرة الجيش.