وزير التعليم السابق الهلالي الشربيني يكتب: التجربة اليابانية في التعليم الأساسي (1) - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:37 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وزير التعليم السابق الهلالي الشربيني يكتب: التجربة اليابانية في التعليم الأساسي (1)

الهلالي الشربيني وزير التعليم السابق
الهلالي الشربيني وزير التعليم السابق

نشر في: الإثنين 10 فبراير 2020 - 10:28 م | آخر تحديث: الإثنين 10 فبراير 2020 - 10:28 م

فى الفترة من 10ــ17 أكتوبر 2015 حينما كنت وزيرا للتربية والتعليم زرت دولة اليابان ضمن وفد بهدف الوقوف على ملامح التجربة اليابانية فى التعليم الأساسى ومدى إمكانية تطبيق أنشطة التوكاتسو فى النظام التعليمى المصرى، وقد خرجت من هذه الزيارة بحقائق تستحق الدراسة والتأمل، تتمثل فى أن اليابان قد واجهت فى بداية حقبة «ميجى» فى منتصف القرن الـ(19) معظم التحديات التى تواجه الدول النامية فى التعليم الأساسى حاليًا، والتى تتمثل فى نقص المدارس والمدرسين، وعجز التمويل، واعتماد أساليب الحفظ والتلقين، وترهل الإدارة التعليمية، وانخفاض جودة التعليم.

وفى منتصف القرن الـ(19) قررت اليابان تطوير نظامها التعليمى كى يقدم تعليمًا وطنيًا موحدًا تحت إشراف الحكومة المركزية، ومن ثم جمعت المعلومات عن الأنظمة التعليمية المتقدمة حينذاك، وفضلت فى البداية تبنى التنظيم الأمريكى للمدارس فى ثلاث مراحل هى الابتدائى والإعدادى والثانوى، وتبنى النظام الفرنسى فى الإدارة المركزية، ونقل المقررات الدراسية الأجنبية وترجمتها وتعيين خبراء أجانب، ودفع رواتب مجزية لهم، لتدريب المعلمين ومتابعة جودة العملية التعليمية، وفى الوقت نفسه أرسلت بعثات إلى الخارج من اليابانيين كى يحلوا محل الأجانب عند عودتهم، كما ركزت على تعزيز دور المعلم باعتباره صاحب رسالة مقدسة لخدمة الأمة اليابانية، وفى هذا الإطار تم تخصيص رواتب مجزية للمعلمين، وتوفير بدلات الملبس لهم، وإعفاء الطالب المعلم من المصروفات الدراسية، والخدمة العسكرية، ومن ثم استطاعت اليابان تحقيق نسبة 99% بدلا من 55% فى الالتحاق بالتعليم الأساسى، فى فترة لم تتجاوز العشرين عامًا.

والواقع أن النظام التربوى اليابانى يستمد أهم مقوماته من طبيعة مجتمعه، وروح أمته، واحتياجات وطنه، ولا يأتى انعكاسًا لنماذج تربوية خارجية، ويهدف التعليم الأساسى إلى بناء جيل قادر على تحمل مسئولية تقدم الأمة، وتوفير أساس يساعد كل فرد على أن يعيش حياة كريمة. وتعود أسباب سرعة تطور هذا النظام منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى أن هناك إرثًا من احترام التعليم العام وعلمانيته، والوحدة اللغوية، والوحدة الوطنية.

ويستوعب النظام التعليمى فى اليابان مائة فى المائة من السكان حتى المرحلة الجامعية، ويعتمد على مبدأ المساواة بين جميع الطلاب دون اعتبار للانتماءات الطبقية أو القدرات الذهنية، فلا يتم فصل الطلاب المتفوقين عن بقية الطلاب؛ حيث إن الهدف الجوهرى يتمثل فى ارتقاء الجماعة ككل والافتراض بأن جميع الطلاب لديهم قدرات وعلى المعلم أن يعمل على تنميتها بشكل متوازن بين الجميع.

وفى إطار هذا الافتراض بضرورة المساواة بين الجميع وتنفيذ الحق الدستورى لكل مواطن فى التعليم يتم الانتقال من مرحلة تعليمية إلى أخرى أعلى بدءًا من التعليم الابتدائى حتى المرحلة الثانوية بشكل تلقائى، ولا يعنى ذلك أن الطلاب لا يتعرضون للامتحانات، ولكنها تكون امتحانات دورية، بالإضافة للواجبات المنزلية، وتقرير نهاية الفصل الدراسى حول قدرات كل طالب.

وتحدد وزارة التعليم القواعد الأساسية للمناهج، ثم تترك لدور النشر الخاصة تأليف الكتب وفقًا لتلك القواعد وعرضها على وزارة التعليم لمراجعتها والموافقة على بعضها، وغالبًا ما يقوم مدرس واحد بتدريس عدد من المواد الدراسية ما عدا المواد التخصصية مثل الفنون والموسيقى، كما يقوم المعلمون بزيارات دورية إلى منازل الطلاب للاطمئنان على المناخ العام لاستذكار الطلاب من ناحية، ومن ناحية أخرى لتأكيد التواصل مع الأسرة.

وهناك قوانين فى اليابان خاصة بالتغذية المدرسية، وأخرى خاصة بالصحة العامة والنظافة، ويوجد بكل مدرسة خطة مفصلة حول صحة الطلاب وكيفية المحافظة عليها.

ونظرًا لإدراك الطلاب أن التعليم هو السبيل للحصول على وظيفة جيدة بالدولة يعد الطلاب اليابانيون الأكثر إقبالًا فى العالم على الدراسة، على الرغم من طول السنة الدراسية؛ حيث يصل عدد أيامها إلى 240 يومًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك