«الشروق» تنشر نص حيثيات حكم القضاء الإداري ببطلان التنازل عن «تيران وصنافير» - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 7:33 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تنشر نص حيثيات حكم القضاء الإداري ببطلان التنازل عن «تيران وصنافير»

ارشيفية
ارشيفية
كتب- محمد نابليون:
نشر في: الثلاثاء 21 يونيو 2016 - 4:17 م | آخر تحديث: الثلاثاء 21 يونيو 2016 - 6:59 م
حصلت "الشروق" على الحيثيات الكاملة لحكم محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية وما ترتب عليها من التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.

صدر الحكم برئاسة المستشار يحيى دكروري وعضوية المستشارين عبدالمجيد المقنن وسامي درويش، نواب رئيس مجلس الدولة.

وقالت المحكمة في حكمها غير المسبوق إن أعمال السيادة ليست نظرية جامدة وإنما تتسم بالمرونة وتتناسب عكسياً مع الحرية والديمقراطية، فيتسع نطاقها في النظم الديكتاتورية ويضيق كلما ارتقت الدولة في مدارج الديمقراطية.

وأضافت: لم تحدد نصوص قانوني مجلس الدولة والسلطة القضائية تعريفاً جامعاً مانعاً لما سمي بأعمال السيادة، أو الضوابط والعناصر التي يستدل بها عليها.

وأكدت أن القضاء وحده هو الذي يقرر في كل حالة على حدة ما يدخل ضمن أعمال السيادة وما يخرج عنها.
وذكرت أن الدعوى تتعلق بصحيح تطبيق نص المادة 151 من الدستور ومدى مشروعية التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود بما ترتب عليها من التنازل عن الجزيرتين المذكورتين، وذلك في ضوء النصوص القانونية واللائحية والاتفاقيات التي تحكم وضعهما والظروف التاريخية والواقعية المحيطة بهما.

وشددت على أن المادة 151 من الدستور تتضمن حظراً شاملاً لتوقيع أي معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، ويمتد هذا الحظر إلى السلطة التنفيذية.
وأوضحت أن جميع القرارات والاعتبارات القانونية والتاريخية التي تأكدت منها المحكمة بواسطة مراجع رسمية قدمها الطاعنون تثبت مصرية الجزيرتين، وأن الواقع الحاصل على الأرض منذ زمن بعيد أن الدولة المصرية تمارس على الجزرتين بالفعل حقوق سيادة كاملة، لا يزاحمها في ذلك أحد، لدرجة أن مصر ضحت بدماء أبنائها دفاعاً عن الجزيرتين، وهو ما يفصح إفصاحاً جهيراً عن أنها أرض مصرية.

وانتهت المحكمة بأنه "نزولاً على ما تقدم فإنه من المقطوع به الآن أن كلا الجزيرتين أرض مصرية من ضمن الإقليم البري لمصر، وتقعان ضمن حدود الدولة المصرية، وقد مارست مصر السيادة على الجزيرتين بصفة دائمة ومستمرة، وتخضع الجزيرتان للقوانين واللوائح المصرية، وأن ترسيم الحدود البحرية مع أي دولة لا يتصل إقليمها البري بالإقليم البري المصري لا يجوز أن يمتد أثره إلى جزء من الإقليم البري المصري الذي يشمل جزيرتي تيران وصنافير".
وفيما يلي نص الحكم الذي يتضمن الوثائق والمستندات التي استندت إليها المحكمة

الحكم الصادر بجلسة 21/6/2016

في الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق

المقامة مــــــن:

على أيوب

محمد قدرى فريد خصم متدخل انضمامياً إلى المدعى

ضـــــــــــــــــــــــد
1- رئيس الجمهورية ................................................. بصفته .

2- رئيس مجلس الوزراء .............................................. بصفته .

3- رئيس مجلس النواب .............................................. بصفته .

وفى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق

المقامــــــــــة من

خالد على عمر

والخصوم المتدخلون انضمامياً إلى المدعى وهم :

1- مالك مصطفى عدلى 2- علاء احمد سيف 3- عمرو إبراهيم على مبارك 4 – احمد سعد دومــــــــــــــه

5- صابر محمد محمد بركات 6- منى معين مينا غبريال 7 – عادل توفيق واسيلى 8- أسماء على محمد زكى 9- ليلى مصطفى سويف 10 – منى احمد سيف الاسلام 11- منى سليم حسن منصــــــــــــــــــــــــــــور
12- علاء الدين عبد التواب عبد المعطى 13- محمد عادل سليمان 14- كارم يحيى سيد إسماعيــــــــــل 15- رجاء حامد السيد هلال 16- ناجى رشاد عبد السلام 17- احمد همام غنام 18- سحر إبراهيم عبد الجواد 19- سحر مسعد إبراهيم 20- سلوى مسعد إبراهيم 21- محمد فتحى محمد عنبر 22- هانى شعبان السيد 23- هشام حسن محمد 24- مروة خير الله حسين 25- علاء الدين احمد سعد 26- مها جعفر صولت 27- محمد عبد الوهاب محمد 28- سعاد محمد سليمان 29- رشاد رمزى صالح 30- مريم جلال محمد 31- هالة محمود مختار 32- عوف محمد عوف 33- منى حسن العوضى 34- احمد محمد احمد العنانى 35- مصطفى احمد عبد الفتاح 36- محمود احمد شعبان 37- وليد محسن محمد على 38- محمدى محمد على 39- محمد مجدى احمد 40- احمد عمرو محمود 41- جيهان محمود محمد 42- نيرمين فاروق احمد 43- محمد عبد الحليم محمد 44- نوجهان حسام الدين عبد العال 45- رانيه محمود محمد فهمى 46- الهام إبراهيم محمد سيف 47- ياسر جابر على 48- حسام مؤنس محمــــــــــد 49- ياسر المرزوقى رزق 50- محمد الطيبى التونسى 51- عمرو عصام الدين محمد 52- هالة السيد محمد 53- رضوى ماجد حسن 54- عمر عبد الله على القاضى 55- مختار محمد مختار 56- نادين محمد ناصر 57- سالى السيد منير 58- أسماء رمضان السيد 59 – محمود احمد عبد العظيم 60- مريان فاضل كريوس 61- شيرين عماد عبد الرحمن 62- مى عماد عبد الرحمن 63- احمد بهاء الدين عبد الفتاح 64- نجلاء عمر عبد العزيز 65- سميه محمود عبد الحميد 66- ميرفت محمود عبد الحميد 67- دنيا رمزى حسن 68- هدى حمدى عبد المجيد 69- هبة الله حمدى 70- حمدى عبد المجيد محمد 71- عبد الفتاح حسن عبد الفتاح 72- احمد أسامه عبد الرحمن 73- محمد محى الدين محمد 74- تامر مجدى عبد العزيز 75- إبراهيم السيد الحسينى 76- احمد بهاء الدين عبد الفتاح 77- احمد حسين إبراهيم الاهوانى 78- احمد سمير عبد الحى 79- احمد عادل إبراهيم 80- احمد محمد احمد خليل 81- احمد محمــــــــــــد على البلاسى 82- احمد محمد هشام وطنى 83- أسماء جمال الدين محمود 84- الحمزة عبد الواحد محمد 85- السيد طه السيد 86- الشيماء فاروق جمعه 87- الهام عيداروس احمد 88- انجى عبد الوهاب محمد 89- أهداف مصطفى إسماعيل 90- بافلى عاطف مقارى 91- بسنت عادل عبد العظيم 92- بكينام يسرى بدر الدين عثمان 93- بلال عبد الرازق عبد المقصود 94- جميل مصطفى شندى إسماعيل 95- حازم حسن إدريس احمد 96- حازم محمد صلاح الدين 97- خالد السيد إسماعيل 98- خالد محمد زكى البلشى 99- خلود عبد الكريم محمد 100- راجين محمد شوقى 101- راندا حسن سيد محمد 102- راندا محمد أنور عبد السلام 103- رانيا حسين على احمد 104- رشا مبروك محمود 105- رشا محمد جوهر احمد 106- ريهام محمد حسنى 107- سامح احمد عادل 108- سامية محمد حسن 109- سعد زغلول على حسن 110- سلمى محمد منيب 111- سمر محمد حسنى 112- سمية إبراهيم زكى 113- سوزان محمود محمد نــــــــــــــــــدا 114- طارق احمد عبد الحميد 115- طارق حسين على 116- عادل رمضان محمد 117- عايـــــــــــــــدة عبد الرحمن احمد 118- عبد الله يحى خليفه 119- عبد الرحمن محسن صلاح 120- عبد المنعم على بدوى 121- عزيزة حسين فتحى 122- عصام محمد عبد الرحيم 123- عماد نان شوقى 124- عمر محمد هاشم وطنى 125- عمرو احمد فهمى 126- عمرو عصام الدين محمد 127- عمرو كمال عطيــــــــــــــــــــــه 128- فاتن محمد على 129- فادى رمزى عزت 130- فاطمة هشام محمود مراد 131- نيفيان ظريف لمعى 132- كريم احمد محمد 133- مترى مهاب فائق 134- مجدى محمد على 135- محسن صبرى إبراهيم 136- محمد حسنين محمد 137- محمد حمدى محمود 138- محمد سمير محمد 139- محمد عبد الرحيم عبده 140- محمد عبد الله على 141- محمد عبد الله محمد 142- محمد محمد لطفى 143- محمود محمد محمد العيسوى 144- مديحة اميل توفيق 145- مرفت فوزى محمد 146- مصطفى محمد فرحـــــــــــــــات 147- مصطفى محمود عبد العال 148- معاذ حسين سعيد سليمان 149- معتصم بالله طارق عبد العزيز 150- مها احمد محمد صادق 151- مها حسن رياض 152- مها عبد العزيز على 153- مهند صابر احمد 154- ميادة خلف سيد 155- نانسى كمال عبد الحميد 156- نجلاء محمد عبد الجواد 157- نجلاء ناصر حسين 158- هالة محمد رضا 159- هبة الله فرحات محمد 160- هبة الله نور الدين 161- هبه عادل سيد 162- هدير هانى فؤاد 163- هيام برعى حمزة 164- وسام عبد العزيز حنفى 165- يحيى محمود محمد 166- يوسف شريف ساويرس 167- احمد فوزى احمد 168- ياسمين حسام الديــــــــــــــــــــــــــن عبد الحميد 169- انس سيد صالح 170 – محمد عزب احمد 171- عبد الله يحيى خليفه 172- سامح سمير عبد الحميد 173- طارق حسين على 174- نوال محمد عبد الفتاح 175- ليلى مصطفى إسماعيل 176- عبد الرحيم القناوى عبد الله 177- محمد السعيد طوسون 178- محمـــــــــــــــــــــــــود حسن أبو العينين 179- طارق علوى شومان 180- احمد عادل محمود 181- مصطفى إبراهيم 182- محمد قدرى فريـــــــــــــــــد

ضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد

1- رئيس الجمهورية ................................................. بصفته .

2- رئيس مجلس الوزراء .............................................. بصفته .

3- وزير الدفاع ....................................................... بصفته .

4- وزير الخارجية .................................................... بصفته .

5- وزير الداخلية ................................................... بصفته .

﴿ الوقائــع ﴾

أقام المدعى الأول الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 10/4/2016 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه بإبرام وتوقيع المطعون ضدهما الأول والثانى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وبالتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير مع ما يترتب على ذلك من آثار اخصها عدم أحقية المطعون ضده الثالث فى مناقشة الاتفاقية .

وذكر المدعى شرحاً للدعوى انه تم إبرام اتفاق بين الحكومة المصرية والمملكة العربية السعودية بتاريخ 9/4/2016 بالتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير ضمن الاتفاق على تعيين الحدود البحرية بين البلدين , وأضاف المدعى أن التنازل عن الجزيرتين يعد عملاً إداريا يجوز مخاصمته بدعوى الإلغاء وانه يخالف نص المادة (151) من الدستور كما يخالف اتفاقية ترسيم الحدود التى أبرمت عام 1906 وان الجزيرتين جزء من إقليم الدولة المصرية وخاضعتين لسيادتها التى مارستها عليها وفقاً للقرارات الصادرة من الحكومة المصرية ومنها قرار مجلس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983 بإنشاء محمية طبيعية فى الجزيرتين وقرار وزير الداخلية رقم 422 لسنة 1982 بإنشاء نقطة شرطة فى جزيرة تيران يشمل اختصاصها جزيرتى تيران وصنافير وفي ختام الصحيفة طلب المدعى الحكم بطلباته المشار إليها .

كما أقام المدعى الثانى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 10/4/2016 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار المطعون ضده الثانى بإعادة ترسيم الحدود بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وما يترتب على ذلك من آثار اخصها الإبقاء على تبعية جزيرتى تيران وصنافير ضمن السيادة والملكية المصرية .

وذكر المدعى شرحا للدعوى أن الحكومة المصرية أعلنت عن إبرام اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية وأصدر مجلس الوزراء بياناً بتاريخ 9/4/2016 تضمن أن جزيرتى تيران وصنافير تقعان داخل المياه الإقليمية السعودية وهو أمر يجافى حقائق التاريخ والواقع والقانون لأن الجزيرتين مصريتان طوال مراحل التاريخ وان المسافة بينهما وبين شاطىء سيناء اقرب من المسافة بينهما وبين المملكة العربية السعودية وأنهما تقعان داخل المياه الإقليمية المصرية وفقاً للمرسوم الملكى الصادر فى 15/1/1951 بتحديد المياه الإقليمية المصرية المعدل بالقرار الجمهوري بتاريخ 17/2/1958 وقرار رئيس الجمهورية رقم 145 لسنة 1983 بشأن الموافقة على اتفاقية قانون البحار الموقع عليها بتاريخ 10/12/1982 فالبحر الإقليمى لمصر يبلغ 12 ميلاً بحرياً وان القوات المسلحة المصرية كانت موجودة فى الجزيرتين فى عام 1956 و عام 1967 وان اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل التى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 153 لسنة 1979 بالموافقة عليها نصت على أن تضمن مصر حرية الملاحة فى مضيق تيران , وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983 بإنشاء محمية طبيعية فى جزيرتى تيران وصنافير وصدر قرار وزير الداخلية رقم 422 لسنة 1982 بإنشاء نقطة شرطة فى جزيرة تيران وقرار وزير الزراعة رقم 472 لسنة 1982 بشأن حظر صيد الطيور والحيوانات والأسماك والكائنات البحرية فى بعض مناطق محافظتى سيناء وشمل الحظر منطقة جزيرة تيران , وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 338 لسنة 1995 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون البيئة والذى حظر صيد الطيور والحيوانات فى عدة مناطق منها جزيرة تيران وعدل القرار المشار إليه بالقرار رقم 1741 لسنة 2005 واستمر حظر صيد الطيور والحيوانات بجزيرة تيران , وصدر قرار وزير الداخلية رقم 80 لسنة 2015 بإنشاء قسم ثان شرطة شرم الشيخ ويدخل فى نطاقه جزيرة تيران , وتضمن قرار وزير الداخلية رقم 542 لسنة 2015 بإنشاء قسم سجل مدنى ثان شرم الشيخ ويشمل اختصاصه جزيرة تيران وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 549 لسنة 1990 بالموافقة على مذكرة التفاهم بين حكومة جمهورية مصر العربية وسلطات المجموعة الاوروبية لتمويل مشروع محمية رأس محمد الموقعة بتاريخ 13/6/1989 وتضمن الاتفاق أن تشمل المحمية جزيرتى تيران وصنافير , ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته نص المادتين 1و151 من الدستور وفي ختام الصحيفة طلب المدعى الحكم بطلباته المشار إليها .

ونظرت المحكمة الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق بجلسة 17/5/2016 حيث طلب الأستاذ/ خالد سليمان المحامى قبول تدخله فى الدعوى خصماً منضماً إلى جهة الإدارة ودفع الحاضرون عن الدولة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى , وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى , كما نظرت المحكمة الدعوى رقم 43866 لسنـــــــــــة 70 ق بالجلسة ذاتها حيث أودع المدعى أطلس مصر والعالم الصادر من إدارة المساحة العسكرية بوزارة الدفاع , كما أودع حافظة مستندات طويت على صورة طبق الأصل من برقيات تلغرافية أرسلها إلى جهة الإدارة مطالباً بعدم تسليم الجزيرتين , والتمس التصريح له بإضافة طلب جديد إلى طلبه الأصلى بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار قرار بوقف أى عمل من أعمال إخلاء جزيرتى تيران وصنافير ووقف أى عمل من أعمال تسليمهما إلى المملكة العربية السعودية , وطلب استمرار ممارسة مصر لحقوق السيادة كافة عليها دون إهدار أو انتقاص , وعدم الاعتداد بأى إجراء قام به المطعون ضدهم إلا بعد عرض اتفاق تقسيم الحدود البحرية بين مصر و السعودية على الاستفتاء الشعبى وموافقة الشعب عليه طبقاً لنص المادة (151) من الدستور , وطلب عدد من المواطنين الواردة أسماؤهم فى محضر الجلسة قبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعى , كما طلب الأستاذ / خالد سليمان المحامى تدخله خصما منضماً إلى جهة الإدارة , ودفع الحاضرون عن الدولة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى فقررت المحكمة ضم الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق إلى الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وكلفت طالبى التدخل باتخاذ إجراءات تدخلهم بعرائض معلنة وسداد الرسم المقررة , كما كلفت جهة الإدارة بتقديم الاتفاقية محل النزاع والكتب والمراسلات والمحاضر والقرارات المرتبطة بها وبيان الإجراءات التى اتخذت فى شأنها وأجلت الدعويين لجلسة 7/6/2016 على أن تقدم هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانونى .

وقامت هيئة مفوضى الدولة بتحضير الدعوى على الوجه الثابت بجلسات التحضير حيث أودع المدعى فى الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق ثمانى عشرة حافظة مستندات وأودع المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق خمس حوافظ مستندات وكتاب موسوعة سيناء وأودع الحاضر عن الدولة ثلاث حوافظ مستندات طويت كل حافظة على صورة لحكم صادر من هذه المحكمة فى الدعويين رقمى 51200 لسنة 65 ق و 7039 لسنة 67 ق وحافظة مستندات طويت على كتابى وزارة الخارجية - الإدارة القضائية - برقمى صادر 724 و725 إلى نائب رئيس هيئة قضايا الدولة رئيس قسم القضاء الإدارى الدائرة الأولى أفراد وموقعين من السفير حازم رمضان مساعد وزير الخارجية ومدير الإدارة القضائية , وتضمن الكتاب الأول الرد على الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق وتضمن الكتاب الثانى الرد على الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق وورد بالكتابين أن موضوع الدعوى يمس العلاقات الدولية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وان محلهما يتعلق بعمل من أعمال السيادة وان الاختصاص بتقدير تلك الاتفاقية أصبح معقوداً لمجلس النواب دون السلطة القضائية وختم كتابيه المشار إليهما بأنه : ( لذا فقد ترون إبداء الدفوع الآتية : اصليا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى لتعلقها بعمل من أعمال السيادة , واحتياطياً : بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات واختصاص مجلس النواب بها عملا بنص المادة (151) من الدستور , ومن باب الاحتياط بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى , وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرتى دفاع دفعت فيهما بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموماً ولائياً بنظر الدعوى , واحتياطياً : بعدم قبول الدعوى 0
والثابت من محاضر جلسات تحضير الدعوى أن هيئة مفوضى الدولة كلفت جهة الإدارة بتقديم المستندات التى كلفتها بها المحكمة بجلسة 17/5/2016 وأجلت نظر الدعوى لأكثر من جلسة وأعذرت جهة الإدارة بالغرامة لعدم تقديم المستندات المطلوبة كما وقعت عليها الغرامة , كما أعذرت جهة الإدارة بأنها ستبدى رأيها فى ضوء المستندات المقدمة من الخصوم فى ضوء امتناع جهة الإدارة عن تقديم المستندات , ولكن جهة الإدارة امتنعت عن تقديم الاتفاقية والمستندات المطلوبة , وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانونى فى الدعويين .

ونظرت المحكمة الدعويين بجلسة 7/6/2016 حيث حضر الأستاذ خالد على عمر فى الدعويين وأودع صحيفة بإدخال خصوم جدد وبإضافة طلب جديد إلى طلبه فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق حيث اختصم بالإضافة إلى المدعى عليهم من الأول حتى الثالث كل من وزير الدفاع ووزير الخارجية ووزير الداخلية بصفاتهم وأضاف إلى طلبه الأصلى طلباً جديداً وفقاً لما اثبته بمحضر جلسة 17/5/2016 على الوجه المشار إليه فيما تقدم , كما أودع صحيفة طلب فيها مالك مصطفى عدلى قبول تدخله خصماً منضماً إلى المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق وصحيفة طلب فيها طالبو التدخل الواردة أسماؤهم فى ديباجة الحكم من رقم 2 إلى رقم 175 قبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق وأودع كل من طالبى التدخل الواردة أسماؤهم فى ديباجة الحكم من رقم 176 إلى رقم 179 صحيفة طلبوا فيها قبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق , كما قدم المدعى المذكور ثلاث حوافظ مستندات تضمنت صوراً لصفحات من كتاب المستشرق الفيلندى جورج أوغست فالين (صور من شمالى جزيرة العرب فى منتصف القرن التاسع عشر ) وما ذكره عن جزيرة تيران وصور لخريطة ولصفحة (46) من كتاب صادر باللغة الإنجليزية من وزارة المالية المصرية باسم ( SURVEY OF EGYPT . INDEX OF PLACE NAMES ) صدر عام 1945 وتضمنت الخريطة تيران كجزء من الأراضى المصرية وتضمن الكتاب ذكر تيران كأرض مصرية وتحديد موقعها من حيث خط الطول وخط العرض , وصورة لخريطة مصر من أطلس إبتدائى للدنيا لاستعمالها فى المدارس المصرية عمل وطبع بمصلحة المساحة والمناجم على نفقة وزارة المعارف العمومية المصرية سنة 1922 وأعيد طبعه عام 1937 وتضمن جزيرة تيران باعتبارها من إقليم الدولة المصرية وقدم المدعى أصول تلك المستندات لمضاهتها بالصور المودعة ملف الدعوى وقامت المحكمة بمضاهاة الصور المودعة على الأصول , وأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 14/6/2016 وكلفت جهة الإدارة بإيداع الاتفاقية وملاحقها وأعمالها التحضيرية , وبجلسة 14/6/2016 أودع الأستاذ مصطفى إبراهيم المحامى صحيفة طلب فيها قبول تدخله منضماً إلى المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق وأودع الأستاذ محمد قدرى فريد المحامى صحيفة طلب فيها قبول تدخله خصماً منضماً إلى المدعيين فى الدعويين , وأودع الأستاذ على أيوب المدعى فى الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق خمس حوافظ مستندات , وأودع الأستاذ خالد على عمر اصل الأطلس التاريخى للمملكة العربية السعودية إعداد وتنفيذ دار الملك عبد العزيز التى كان يرأسها الأمير سلمان بن عبد العزيز طبعة سنة 1421 هجرية – 2000 ميلادية ولم يتضمن جزيرتى تيران وصنافير ضمن الجزر التابعة للمملكة العربية السعودية والتى أورد الأطلس حصراً لها , وأودع نسخة من كتاب ( تاريخ سينا القديم والحديث وقوانينها) لنعوم بك شقير الذى صدرت طبعته الأولى عام 1916والخريطة المرفقة به والتى تضمنت جزيرتى تيران وصنافير وأودع كتابى الدراسات الاجتماعية للصف السادس الإبتدائى وجغرافية مصر للصف الأول الثانوى الصادرين من وزارة التربية والتعليم بجمهورية مصر العربية سنة 2015/2016 المتضمنين أن جزيرتى تيران وصنافير من الجزر المصرية ونسخة مصورة من كتاب المحميات الطبيعية فى مصر الصادرة من إدارة المحميات الطبيعية بجهاز شئون البيئة التابع لرئاسة مجلس الوزراء المصرى الطبعة الثانية عام 1995 وقدم اصل الكتاب للمضاهاة بالصورة وقامت المحكمة بمضاهاة الصورة بالأصل , كما أودع صورة ضوئية من خريطة وصفحة (32) من الأطلس الجامعى الصادر من جامعة كمبريدج سنة 1940 وتضمنت صفحة (32) أن جزيرة تيران تتبع مصر وقدم اصل الأطلس للمضاهاة وضاهت المحكمة الصور بالأصل , كما أودع المدعى عدد (21) حافظة مستندات طويت على صور القرارات والمستندات المعلاه على غلاف كل حافظة كما أودع مذكرة دفاع , وأودع الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع دفع فى ختامها بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموماً ولائياً بنظر الدعوى واحتياطيا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال يومين حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة تمسكت فى ختامها بالدفع أصليا بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموماً ولائياً بنظر الدعويين واحتياطيا بعدم قبول الدعويين لانتفاء القرار الإدارى وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

المحكمــــــــــــــــــــــة
*********

بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .

ومن حيث إن تكييف الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح على الطلبات هو من سلطة المحكمة ولما كان المدعيان قد وصفا تصرف جهة الإدارة المطعون عليه بالقرار بالادارى , وكان القرار الإدارى بتعريفه المشهور فى قضاء هذه المحكمة بأنه إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة وفقا لأحكام القوانين واللوائح بقصد إحداث اثر قانونى ومن بين ما يميز القرار الإدارى عن أعمال الإدارة الأخرى أنه يصدر بإرادة منفردة من جهة الإدارة , أما الاتفاقية الدولية أو المعاهدة فهى عمل قانونى تبرمه السلطة التنفيذية مع دولة أخرى أو منظمة دولية من أشخاص القانون الدولى وما يميز إبرام المعاهدة أو الاتفاقية الدولية عن القرار الإدارى أنها عمل قانونى لا يتم بالإرادة المنفردة للسلطة التنفيذية فهى تغاير فى طبيعتها القرارات الإدارية ولا تختلط بها وعلى هدى ذلك فان التكييف الصحيح لطلبات المدعيين فى الدعويين هى الحكم : ببطلان توقيع ممثل حكومة جمهورية مصر العربية على الاتفاقية الخاصة بترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية و المملكة العربية السعودية فى ابريل 2016 والمتضمنة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار .
كما يطلب المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق احتياطياً : وقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن وقف أى عمل من أعمال إخلاء جزيرتى تيران وصنافير أو يتعلق بتسليم الجزيرتين إلى المملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار واخصها استمرار مصر فى ممارسة حقوق السيادة كافة على الجزيرتين .

ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة – والقضاء عموماً – ولائياً بنظر الدعويين استناداً إلى أن إبرام الاتفاقية محل الدعويين يعد عملا من أعمال السيادة ، وإلى أن الطلبات فى الدعويين تتعلق بأعمال برلمانية لان مجلس النواب يختص بالموافقة على المعاهدات ، فان هذا الدفع مردود فى أساسه المستند إلى نظرية أعمال السيادة , بأنه طبقاً لما قضت به المحكمة الإدارية العليا فإن أعمال السيادة ليست نظرية جامدة وإنما تتسم بالمرونة وتتناسب عكسياً مع الحرية والديمقراطية فيتسع نطاقها فى النظم الديكتاتورية ويضيق كلما ارتقت الدولة فى مدراج الديمقراطية ( حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 13846 لسنة 59 ق ع جلسة 21/4/2013) . يضاف إلي ذلك أن الدستور الحالي حظر في المادة 97 منه تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ، ومن ثم فالأصل هو اختصاص القضاء بنظر جميع الطعون التي توجه ضد أي عمل أو قرار يصدر عن جهة الإدارة ولا يخرج عن رقابته إلا ما يصدق عليه من هذه الأعمال أو القرارات أنه من أعمال السيادة وذلك التزاما لنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة 11 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، ولما كانت نصوص هذين القانونين قد خلت من تحديد جامع مانع لما سمي بأعمال السيادة أو الضوابط والعناصر التي يستدل بها عليها فمن ثم كان علي القضاء وحده فيما يصدره من أحكام ويقرره من مبادئ في كل حالة علي حده تحديد ما يدخل من الأعمال أو القرارات ضمن هذه الأعمال وما يخرج عنها ، أخذًا بعين الاعتبار أن عدم اختصاص القضاء بنظر هذه الأعمال أو القرارات هو محض استثناء من الحظر المشار إليه بنص المادة 97 من الدستور ، وأن الأصل في تفسير النصوص أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره . وقد استقر قضاء هذه المحكمة مؤيداً بقضاء المحكمة الإدارية العليا علي أن أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم في نطاق وظيفتها السياسية وأن عدم امتداد الرقابة القضائية إليها التزاما بنص المادتين سالفتي الذكر ليس مرده أن هذه الأعمال فوق الدستور والقانون وإنما لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للقضاء بالإضافة إلي عدم ملائمة طرح هذه المسائل علناً في ساحات القضاء وغني عن البيان أنه إذا انتفي هذا المناط كما هو الشأن في الدعويين الماثلتين وجب الالتزام بالأصل المشار إليه وهو اختصاص القضاء بنظر الطعون علي تلك الأعمال ، والثابت من الأوراق أن موضوع الدعويين مسألة قانونية خالصة تدور حول صحيح تطبيق نص المادة 151 من الدستور ومدي مشروعية التوقيع علي الاتفاق المطعون عليه بما يتضمنه من التنازل عن الجزيرتين المذكورتين في ضوء النصوص القانونية واللائحية والاتفاقيات التي تحكم وضعهما والظروف التاريخية والواقعية المحيطة بهما علي ما سيرد تفصيله ولا شك أن ما يتعلق بأرض الوطن والسيادة الثابتة عليه هو شأن كل مواطن في مصر والشعب وحده هو صاحب السيادة يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات ويصون وحدته الوطنية طبقاً لنص المادة 4 من الدستور ، ومن ثم فإن التنازل عن جزء من أرض هذا الوطن أو النيل من سيادته ليس من المسائل التي ينطبق عليها المناط سالف الذكر الذي أخذت به أحكام مجلس الدولة لإدراج عمل من أعمال الإدارة أو قرار ضمن طائفة أعمال السيادة والنأي به بعيداً عن رقابة القضاء 0
ومن حيث إنه فى ظل العمل بالدستور المصرى الصادر عام 1971 اخضعت المحكمة الدستورية العليا المعاهدات التى اصبحت لها قوة القوانين لرقابتها وقضت بان ذلك يطرح على المحكمة توافر المتطلبات الشكلية ليكون لها قوة القانون ورفضت الاحتجاج بفكرة أعمال السيادة لمنعها من نظر الدعوى الدستورية المتعلقة بالاتفاقيات الدولية ( حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 19/6/1993 فى القضية رقم 10 لسنة 14 ق دستورية , وفى ظل العمل بأحكام دستور 1971 جرى قضاء محكمة القضاء الإدارى على الحكم بعدم الاختصاص بنظر معظم الدعاوى المقامة طعناً على المعاهدات الدولية إلا أن الواقع الدستورى فى مصر قد تغير وجد واقع دستورى جديد , فقد تضمن الدستور الحالى النص فى الفقرة الأخيرة من المادة (151) على أن : ( وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدات تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة ) وكانت المادة (145) من دستور 2012 تنص فى فقرتها الأخيرة على انه : ( ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور ) حيث ورد القيد على سلطة مجلسى الشعب والشورى فى إقرار المعاهدات , أما نص المادة (151) من الدستور الحالى فقد ورد فيه الحظر على الابرام ومصطلح إبرام المعاهدات أعم وأشمل من مصطلح إقرار المعاهدات والحظر الوارد فى المادة (151) من الدستور يمتد إلى السلطة التنفيذية فهو يحظر عليها كل عمل من أعمال إبرام المعاهدات الدولية بما فيها التوقيع عليها إذا كانت المعاهدة تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة وذلك حتى لا ترتبط الدولة باتفاقيات من هذا النوع وهو حظر وقائى ومقصود ليجنب الدولة والمواطنين مخاطر إبرام اتفاقيات تخالف الدستور أو تؤدى إلى التنازل على أى جزء من إقليم الدولة وليمنع السلطة التنفيذية من الاقتراب من مثل هذه الاتفاقيات , كما أنه حظر مطلق ولا استثناء فيه ولا مجال للتحلل منه تحت أى ظروف أو مبررات وهو ما يوجب على السلطة التنفيذية قبل التوقيع على أى اتفاقية أن تدرسها دراسة دقيقة وافية للتأكد من خلوها من القيدين المشار إليهما , فإن تبين لها أن الاتفاقية مخالفة للدستور أو تؤدى إلى التنازل عن جزء من إقليم الدولة وجب عليها أن تحجم عن التوقيع عليها , وضمن الدستور بذلك احترام أحكامه وعدم جواز خرقها عن طريق اتفاقيات دولية , كما قصد التأكيد على أن لإقليم الدولة قداسة بالمعنى الوطنى وحرمه بالمعنى القانونى وانه يشكل وحده واحدة ولا سبيل إلى التنازل عن أى جزء منه , وأرسى الدستور بذلك فكرة الاختصاص الممنوع أو المحظور على السلطة التنفيذية فى مجال إبرام المعاهدات الدولية .

ومن حيث إن المعاهدة الدولية تتميز بأمرين الأول أنها ذات طبيعة دولية لأنها تبرم بين الدول وبعضها أو بين الدول والمنظمات الدولية والتى يجمعها وصف أنها من أشخاص القانون الدولى العام والأمر الثانى أن لها طابعاً وطنياً لأنها تحمل الدولة بالتزامات دولية وقد ترتب عند تطبيقها آثارا تتعدى إلى حقوق وحريات المواطنين لذلك فمن شروط صحتها أن يتم إبرامها بمراعاة أحكام القانون الداخلى للدولة وفى مقدمتها الدستور وقواعد القانون الدولى الحاكمة لإبرام المعاهدات والتى تضمنتها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية ووافقت عليها مصر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 535 لسنة 1981 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 10/6/1982 والتى تجيز للدولة المتعاهدة فى علاقتها مع الدولة أو الدول الأخرى الأطراف فى المعاهدة أن تتمسك ببطلان المعاهدة إذا كان التعبير عن موافقتها على الالتزام بالمعاهدة قد انطوى على خرق بَين لقاعدة ذات أهمية أساسية من قواعد القانون الداخلى أو إذا وقع خطأ فى إبرام المعاهدة وكان الخطأ خاصاً بواقعة أو حالة افترضت الدولة وجودها وقت عقد المعاهدة وكانت تشكل قاعدة أساسية لموافقتها على الإلتزام بالمعاهدة أو إذا أبرمت الدولة معاهدة نتيجة سلوك تدليسى لدولة أخرى أو إذا تم إفساد ذمة ممثل الدولة أو إكراهه أو إكراه الدولة عن طريق التهديد بالقوة وذلك على الوجه المنصوص عليه بالمواد 46و48و49و50و51و52 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية , ومن جهة القانون الداخلى فان موافقة ممثل الدولة على المعاهدة يجب أن يتم صحيحاً وفقاً لأحكام قانون الدولة ومن ثم فالنزاع القائم بين المواطنين وبين السلطة التنفيذية حول اختصاصها بإبرام معاهدة معينة هو نزاع وطنى يخضع لأحكام قانون الدولة .

ومن حيث إنه حتى يمكن لجهة الإدارة التمسك بنظرية أعمال السيادة لمنع القضاء من نظر عمل من أعمالها فان أول شروط أعمال تلك النظرية هو أن يكون العمل القانونى داخلا فى اختصاصها , وأن يكون مستوفيا للاشتراطات التي يقررها الدستور ومتجنبا المحظورات التي يفرضها , فإذا ثبت انها غير مختصة به أو أن جهة الإدارة أهدرت الشروط التى يقررها الدستور أو وقعت في الحظر الذي يفرضه فلا يجوز لها أن تستتر خلف ستر أعمال السيادة لمنع القضاء من بسط رقابة المشروعية على عملها , وإذا كان دفع الحاضر عن جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة ولا ئيا بنظر الدعوى , إنما ينطوى على تسليم لا ريب فيه بحدوث واقعة الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية فى ابريل 2016 الذي تتنازل فيه مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية وذلك على النحو الوارد ببيان مجلس الوزارء , ولما كان الدستور فى الفقرة الأخيرة من المادة (151) قد حظر على السلطة التنفيذية إبرام اتفاقيات من شأنها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة فان قيام الحكومة المصرية بالتوقيع على ذلك الاتفاق لا يعد عملا من أعمال السيادة وإنما هو عمل من أعمال الإدارة مما يختص القضاء بنظر الطعن عليه التزاما بحكم المادة ( 97 ) من الدستور والذي حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء , ويعد توقيع الحكومة المصرية على الاتفاقية المشار إليها بما ينطوى عليه من التنازل عن الجزيرتين سالفتي الذكر هو عمل قانونى إدارى تنبسط إليه ولاية محاكم مجلس الدولة إعمالا لحكم المادة ( 190 ) من الدستور , ومن ثم فان تقدير مشروعية توقيع الحكومة المصرية على الاتفاقية المشار إليها يدخل فى ولاية هذه المحكمة طبقا لنص المادة (190) من الدستور آنفة الذكر ونص البند( 14 ) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة , ولا محل لاستناد جهة الإدارة إلى سابقة قضاء هذه المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى فى شان اتفاقية السلام مع إسرائيل وأخرى كانت بشان اتفاقية تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة مع قبرص لان أحكام القضاء ليست جامدة وتتغير بتغير الموضوع والزمان والقانون الحاكم للنزاع , والاتفاقية محل هذه الدعوى تغاير فى موضوعها الاتفاقيتين المشار إليهما ، واللذين لم يثبت انطوائهما عن أي جزء من أراضي الدولة ، هذا فضلاً عن اختلاف النظام القانونى الذى تخضع له لان الدستور الحالى استحدث حكماً جديداً حظر بموجبه حظراً مطلقاً التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة بحكم خاص , فضلا عن أن هذه المحكمة لم تقض فى جميع الدعاوى الخاصة بالاتفاقيات الدولية بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها فعلى سبيل المثال قضت بجلسة 28/5/2013 فى الدعوى رقم 12300 لسنة 67 بشأن نص فى الاتفاق الاوربى المتوسطى لتاسيس مشاركة بين حكومة جمهورية مصر العربية والجماعات الاوربية والتى صارت لها قوة القانون إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية ما تضمنه من إبرام اتفاقيات لإعادة توطين مواطنى دولة ثالثة فى مصر ومن ثم فان الاستناد إلى سوابق الأحكام غير مفيد لجهة الإدارة في هذا الشأن , ولا يغير مما انتهت إليه المحكمة في هاتين الدعويين بنظرهما .

ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استنادا إلى أن الطلبات فى الدعوى تتعلق بعمل برلمانى لان مجلس النواب يختص بالموافقة على الاتفاقيات طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة (151) من الدستور , فان إبرام المعاهدات الدولية من اختصاص السلطة التنفيذية وهى التى توقع عليها ، واختصاص مجلس النواب بالموافقة على المعاهدات – فى الحالات التى يجوز له ذلك طبقاً للدستور – تال لمرحلة التوقيع عليها ولا يختلط اختصاص كل سلطة وعرض جهة الإدارة لعملها على البرلمان أو عدم عرضه لا أثر له فى مباشرة محاكم مجلس الدولة لرقابة المشروعية على أعمال الإدارة ولا يحجب اختصاص محاكم مجلس الدولة عن نظر هاتين الدعويين ومن ثم فان الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى الأساسين المشار إليهما يكون غير صحيح ويتعين الحكم برفضه والقضاء باختصاص المحكمة بنظر الدعوى .

ومن حيث إن رئيس مجلس النواب لا صفه له فى الدعويين ومن ثم يتعين عدم قبول الدعويين فى مواجهته وتكتفى المحكمة بالإشارة إلى ذلك فى الأسباب دون المنطوق .

ومن حيث إن كلتا الدعويين استوفت أوضاعهما الشكلية ، ومن ثم يتعين قبولهما شكلا فى مواجهة باقى المدعى عليهم .

ومن حيث إنه عن الطلبات المقدمة من طالبى التدخل المشار إليهم فى ديباجه الحكم لقبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعى فى الدعوى الأولى والى المدعى فى الدعوى الثانية فان طالبى التدخل الانضمامي إلى المدعيين من المواطنين المصريين وممن لهم مصلحة فى المحافظة على ارض وطنهم وقد استوفت طلبات تدخلهم أوضاعها الشكلية ويتعين قبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعيين كل فى الدعوى التى طلب التدخل فيها .

ومن حيث إنه عن طلب التدخل المقدم من الأستاذ / خالد سليمان المحامى لقبول تدخله انضماميا إلى جهة الإدارة فى الدعويين فان طلبه استوفي أوضاعه الشكلية ويتعين قبول تدخله , وتكتفى المحكمة بالإشارة إلى نتيجة الفصل فى طلبات التدخل فى الأسباب دون المنطوق .
ومن حيث إنه عن موضوع الدعويين فان الدستور المصرى أكد فى المادة (1) على أن (جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة ، موحدة لا تقبل التجزئة ) وأشار إلى موقع مصر فى أفريقيا والى امتداد جزء من إقليمها فى قارة آسيا وعقد السيادة للشعب وحده لأنه مصدر السلطات طبقا لنص المادة (4) وألزم الدولة بحماية قناة السويس والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لمصر , كما الزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية طبقا لنص المادتين( 43و 45 ) وأوجب الحفاظ على الأمن القومى لمصر وحمل جميع المصريين واجب الدفاع عن الوطن وحماية أرضه ووصف فى المادة (86) واجب الدفاع عن الوطن وحماية أرضه بوصفين لم يجتمعا إلا له – فهو شرف وواجب مقدس والزم الدستور رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة قبل أن يتولوا مهام مناصبهم وقبل مباشرة أعمالهم أن يؤدوا يميناً يتعهدون فيها بالمحافظة على وحدة وسلامة أراضى الوطن وقد وردت صيغته فى المادتين( 144و165 ) من الدستور على الوجه الآتى : (أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى ، وأن أحترم الدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة ، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه ) وبين الدستور فى المادة (200) مهمة القوات المسلحة والتزامها بالحفاظ على سلامة أراضى الدولة فنصت على أن ( القوات المسلحة ملك للشعب ، مهمتها حماية البلاد ، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها ....) وقد نظم الدستور إبرام المعاهدات فنص فى المادة (151) على أن : (يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية ، ويبرم المعاهدات ، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب ، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور .

ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة ، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة , وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور ، أو يترتب عليها التنازل عن اى جزء من إقليم الدولة ) وقد حمل نص المادة (151) من الدستور الحالى المزيد من الضوابط والقيود على السلطة التنفيذية فى مجال إبرام المعاهدات على وجه يفوق ما كان عليه الحال فى ظل العمل بنص المادة (151) من الدستور الصادر فى عام 1971 ومن بعده المادة (144) من الدستور الصادر عام 2012 وذلك استشعاراً لخطورة المعاهدات الدولية وما قد يترتب عليها من تحميل الدولة بالتزامات دولية ويقع عبء التحمل بها فى النهاية على الوطن و على المواطنين فالدستور الصادر فى عام 1971 لم يكن يشترط موافقة مجلس الشعب إلا على معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة أو التى تتعلق بحقوق السيادة أو التى تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات غير الواردة فى الموازنة , كما كان الدستور الصادر فى عام 1971 قبل تعديله عام 2007 ، يشترط اخذ رأى مجلس الشورى على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة أو التى تتعلق بحقوق الدستور ، وبعد تعديل الدستور عام 2007 ، أوجب موافقة مجلس الشورى على المعاهدات المشار إليها , ولم يشترط الدستور الصادر عام 1971 أغلبية خاصة عند موافقة مجلس الشعب أو مجلس الشورى على المعاهدات التى تعرض على كل مجلس , أما المعاهدات التى لا تدخل فى الحالات التى أوجب الدستور الصادر عام 1971 عرضها على مجلس الشعب فانه كان بإمكان السلطة التنفيذية إبرامها ويكتفى بإبلاغ مجلس الشعب بها مشفوعة بما يناسب من بيان وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها دون حاجة إلى موافقة مجلس الشعب عليها , ثم فى ظل الدستور الصادر فى عام 2012 لم يعد بإمكان السلطة التنفيذية بمفردها إبرام أى معاهدات والتصديق عليها , وطبقاً لنص المادة (145) من الدستور الصادر عام 2012 فانه يجب موافقة مجلسى النواب والشورى على كل المعاهدات التى تبرمها السلطة التنفيذية ، فإذا تعلق الأمر بمعاهدات الصلح والتحالف أو المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة فانه كان من الواجب موافقة المجلسين عليها بأغلبية ثلثى أعضائهما , وتضمنت المادة (145) من الدستور الصادر عام 2012 النص على عدم جواز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور , أما فى ظل العمل بنص المادة (151) من الدستور الحالى فان الأصل طبقا لحكم الفقرة الأولى منها هو موافقة مجلس النواب على المعاهدات التى تبرمها السلطة التنفيذية ولا يجوز للسلطة التنفيذية أن تبرم أى معاهدة ويصدق عليها رئيس الجمهورية دون موافقة مجلس النواب ، وفى هذا الشأن يفترق الدستور الحالى عن الدستور الصادر عام 1971 ويتشابه مع الدستور الصادر عام 2012 أما بالنسبة الى معاهدات الصلح و التحالف وما يتعلق بحقوق السيادة فان الدستور الحالي يختلف عن الدستور الصادر عام 1971 و عن الدستور الصادر عام 2012 ، حيث أوجب نص الفقرة الثانية من المادة (151) من الدستور دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة وحظر النص التصديق على هذه المعاهدات إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة ، فالمرجع فى الموافقة على هذا النوع من المعاهدات إلى الشعب صاحب السيادة وحده فى مظهر من مظاهر الديمقراطيه التى تبناها الدستور , ومن حيث إن معاهدات الصلح هى المعاهدات التى تبرمها الدولة لإنهاء حالة الحرب مع دولة أخرى , ومعاهدات التحالف هى المعاهدات التى يترتب عليها دخول الدولة فى حلف عسكرى أو سياسى مع دولة أو عدد من الدول , أما عن المعاهدات المتعلقة بحقوق السيادة , فان حقوق السيادة هى الحقوق الحصرية التى تمارسها الدولة على إقليمها البرى و البحرى والجوى وعلى مواطنيها ، وعلى الأجانب الموجودين على أرضها ، ومن هذه الحقوق فرض نظامها القانونى والقضائى بتطبيق قوانينها على إقليمها وإخضاع المواطنين والأجانب المقيمين بالدولة للمحاكم الوطنية وسلطتها فى فرض الرسوم والضرائب وفى حماية إقليم الدولة عن طريق القوات المسلحة وفرض الأمن وحماية النظام العام بواسطة الشرطة ، وغير ذلك من حقوق تتعلق بسائر مظاهر السيادة التى يمكن للدولة أن تمارسها على إقليمها ، فإذا أبرمت الدولة معاهدة تتضمن قيودا على حقوق السيادة كتلك التى تقيد من وجود القوات المسلحة على جزء من إقليم الدولة أو التى تستثنى الأجانب من الخضوع للقانون أو القضاء الوطنيين أو تشمل تقرير امتيازات لدولة أخرى أو لرعاياها تمس سيادة الدولة ، فان تلك المعاهدة لا يجوز التصديق عليها قبل موافقة الشعب عليها فى استفتاء عام , وحظر الدستور فى الفقرة الأخيرة من المادة (151) إبرام المعاهدات التى تخالف الدستور ففرض الدستور احترام أحكامه ولم يجز مخالفته عن طريق المعاهدات الدولية , كما حظر إبرام المعاهدات التى يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة ، لان التنازل عن جزء من إقليم الدولة يزيل سيادتها عليه ويخرجه من نطاق إقليمها ومن حدودها ، وهذا الحظر لم يرد على إقرار هذا النوع من الاتفاقيات وإنما ورد على الإبرام – كما سلف تفصيله – إذ يمتنع وفقاً له توقيع هذا النوع من الاتفاقيات ، ولا الموافقة عليها ولا التصديق عليها ويسرى هذا الحظر فى مواجهة السلطة التنفيذية وفى مواجهة السلطة التشريعية وفى مواجهة جمعية الناخبين من أبناء الشعب , فمنع الدستور السلطة التنفيذية من التوقيع على معاهدات يترتب عليها النزول عن جزء من إقليم الدولة حتى لا تقدم على هذا العمل تحت ضغوط أو ملاءمات سياسية ذلك أن إقليم الدولة ليس ملكاً لها وإنما تلتزم فقط بحمايته وعدم التفريط فيه , كما منع الدستور مجلس النواب من الموافقة على أى اتفاقية من هذا النوع لان أعضاء البرلمان ينوبون عن الشعب والشعب ممنوع بدوره من التنازل عن أرضه ، وليس للنائب سلطة تزيد على سلطة الأصيل , ولم يجعل الدستور للشعب ممثلاً فى هيئة الناخبين سلطة الموافقة على التخلى عن أي جزء من إقليم الدولة فى استفتاء عام ، لان الدستور أوصد جميع الأبواب التى يمكن أن تؤدى إلى التنازل عن جزء من إقليم الدولة ، وكل عمل حظره الدستور لا يجوز لسلطة أو لأحد أن يجيزه , فأرض الوطن لا تخص جيلاً واحداً من المصريين وإنما تخص الأمة التى عاشت عليها أجيال سبقت وستبقى مهداً لأجيال قادمة يقع عليها أيضا واجب الدفاع عن هذه الأمة امتدادًا لما كان عليه أسلافهم ممن بذلوا ارواحهم واريقت دماؤهم واختلطت بتراب هذا الوطن حماية له و دفاعا عنه , لذلك منع الدستور التنازل عن أى جزء منه خاصة وأن حماية إقليم الدولة ووحدة وسلامة أراضيه هو التزام وواجب دستورى وقانونى فى عنق كل مواطن من مواطنى الدولة أيا كان عمله أو موقعه داخل سلطة ما أو فرداً عادياً , وقد جُبل المواطن على حماية ارض بلاده قبل أن يحضه على ذلك نص فى الدستور أو القوانين .

ومن حيث إن من شروط جواز التصرف أو العمل القانونى أن يجرى من شخص يملك سلطة إجرائه وإذا كان الأصل أن للشخص حرية التصرف فى شئونه وحقوقه الخاصه إلا إذا قيد المشرع سلطته فى هذا الشأن , أما إذا كان الشخص يجرى تصرفه فى إطار ولايته على غيره ولاية خاصة أو عامه فان الأصل فى الولاية على الغير أنها لا تقوم إلا بسند شرعى وفى حدوده وعند تخلف هذا السند أو مجاوزة حده فان الأصل هو حظر العمل لا إباحته , والسلطة التنفيذية فيما تجريه من أعمال قانونية إنما تتولاها نيابة عن الشعب ولحسابه وهى مقيدة فى ذلك بالدستور والقانون , فإذا حظر الدستور عليها اختصاصاً أو عملاً فلا يجوز لها أن تقترب من تخومه ولا أن تخوض فيه فإن قارفت عملاً ممنوعاً عليها بَطُل عملها وهوى فى دائرة عدم المشروعية .

ومن حيث إن الحد فى اللغة العربية هو منتهى الشىء أو الحاجز أو الفاصل بين شيئين , والحدود السياسية هى الخط الفاصل بين دولتين متجاورتين بحيث ينتهى عنده الاختصاص الإقليمى لكل منهما والحدود قد تكون طبيعية كشاطىء بحر أو نهر أو حدود اصطناعية تحدد بواسطة الدول وفقاً لأسس يتفق عليها ويتم تخطيطها وتحديدها بعلامات تبينها كما هو الحال فى الحدود البرية بين الدول ، وكل دولة تمارس سيادتها فى نطاق حدودها البرية والبحرية والجوية , فالحدود الدولية هى حدود بين سيادات الدول , وقد يثور نزاع بين دولتين على السيادة على إقليم أو على جزء معين من الأرض فتدعى كل دولة سيادتها عليه , وقد أرست محكمة العدل الدولية الدائمة فى حكمها الصادر فى عام 1933 فى النزاع بين الدنمارك والنرويج حول منطقة شرق جرينلند معياراً لبيان مدى سيادة الدولة على جزء متنازع عليه - وتابعتها فى تطبيقه محكمة العدل الدولية وأحكام التحكيم الدولية - ويتمثل فى تحقيق شرطين: الأول هو رغبة أو نية الدولة فى مزاولة السيادة على الاقليم ، والثانى هو ممارسة الدولة مظاهر السيادة بالفعل وقيام أدلة تثبت ذلك .

ومن حيث إن دفع جهة الإدارة المدعى عليها فى ردها على الدعويين بعدم اختصاص المحكمة بنظرهما إنما ينطوي على إقرار من جانبها بأن الحكومة المصرية وقعت اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية فى ابريل 2016 تضمن تنازل مصر فى جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية وعلى الرغم من ذلك قعدت جهة الإدارة عن تقديم هذه الاتفاقية للمحكمة طوال مراحل نظر الدعوى على الرغم من تكليفها بذلك من قبل المحكمة ومن بعدها هيئة مفوضي الدولة لدى تحضير الدعوى ، وهو موقف غير مبرر ولا سند له , وقد قدم المدعون صورة مما نشر على موقع رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 9/4/2016 حول الاتفاق المشار إليه ، و تضمن أن الرسم الفنى لخط الحدود البحرية بين البلدين أسفر عن وقوع جزيرتى تيران وصنافير داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية .

ومن حيث إن الإقليم البرى للدولة يشمل الإقليم القارى الذى يشكل جزءاً من قارة من القارات كما يشمل الجزر التى تتبع الدولة , والجزيرة رقعة من الأرض تتكون طبيعياً وتحاط بالماء من جميع الجهات وتعلو عليه ، أما الإقليم البحرى للدولة فيشمل المياه الداخلية للدولة والبحر الإقليمى , وقد وضعت اتفاقية قانون البحار - الموقعة فى مونتيجوبى بجاميكا بتاريخ 10/12/1982 والتى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 145 لسنة 1983 بالموافقة عليها ونشرت بالجريدة الرسمية بتاريخ 4/5/1985 – ولها قوة القانون فى مصر – قواعد تحديد وقياس البحر الإقليمى ، وأعطت المادة (3) لكل دولة الحق فى أن تحدد عرض بحرها الإقليمى بمسافة لا تتجاوز 12 ميلاً بحرياً مقيسة من خطوط الأساس ، وبينت فى المادة (5) أن خط الأساس العادى هو حد أدنى الجَزر على امتداد الساحل كما هو مبين على الخرائط ذات المقياس الكبير المعترف بها رسمياً من قبل الدولة الساحلية ، وخطوط الأساس المستقيمة هى خطوط مستقيمة تصل بين نقاط مناسبة حيث يوجد فى الساحل انبعاج عميق وانقطاع أو حيث توجد سلسلة من الجزر على امتداد الساحل أو على مسافة قريبة منه ، وذلك على التفصيل الوارد بالمادة (7) من الاتفاقية , ولكل جزيرة تتبع دولة من الدول خط أساس يقاس منه البحر الإقليمى باعتبارها جزء من إقليم الدولة وتنص المادة (15) من الاتفاقية المشار إليها على أن : ( حيث تكون سواحل دولتين متقابلة أو متلاصقة لا يحق لأى من الدولتين فى حال عدم وجود اتفاق بينهما على خلاف ذلك أن تمد بحرها الإقليمى إلى ابعد من الخط الوسط الذى تكون كل نقطة عليه متساوية فى بعدها عن اقرب النقاط على خط الأساس الذى يقاس منه عرض البحر الإقليمى لكل من الدولتين غير أن هذا الحكم لا ينطبق حيث يكون من الضرورى بسبب سند تاريخى أو ظروف خاصة تعيين حدود البحر الإقليمى لكل من الدولتين بطريقة تخالف هذا الحكم ) ولم تتضمن تلك الاتفاقية عند تحديد حدود البحر الإقليمى بين دولتين أو أكثر ما يجبر دولة على التنازل عن جزء من إقليمها البرى – ومنه الجزر- إلى دولة أخرى لان الاتفاقية تسرى على البحار وليس على الإقليم البرى للدولة , وإذا ما تضمن اتفاق بين دولتين ولو كان ينظم حدود البحر الإقليمى بينهما نصاً خاصاً بالتنازل عن جزء من الإقليم البرى لدولة إلى دولة أخرى فان هذا التنازل لا صلة له بتحديد البحر الإقليمى ولا باتفاقية قانون البحار ، وإنما هو فى حقيقته عمل يتعلق بالتنازل عن جزء من الإقليم البرى للدولة وبتعديل الحدود البرية للدولة ، وقد تضمن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية الموقع فى ابريل 2016 تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية على النحو الوارد ببيان مجلس الوزراء المرفق صورته بملف الدعوى ، وتتعرض المحكمة لبيان مدى مشروعية التوقيع على الاتفاق المتضمن التنازل وفقا للقانون الداخلى فى مصر .

ومن حيث إن المدعيين قدما إلى المحكمة الوثائق والمستندات المشار إليها فى وقائع الدعويين والتى استدلا بها على أن جزيرتى تيران وصنافير من الجزر المصرية ، وجزء من إقليم الدولة المصرية والتمسا الحكم لهما بطلباتهما استناداً إلى ذلك ، بينما غيبت جهة الإدارة المدعى عليها نفسها عن الدفاع الموضوعى عن الاتفاق الذى وقعت عليه واعتصمت بالصمت فى هذا المجال وتمترست خلف الدفع الذى ابدته لمنع المحكمة من سماع الدعوى , وإذا كان من الجائز للأفراد فيما بينهم أن يلجأوا إلى حيل الدفاع يلتمسون من ورائها مصلحتهم الشخصية فان ما يجوز للأفراد فى هذا الشأن لا يليق بجهة الإدارة لأنها لا تقوم على شان شخصى ويتعين أن يكون رائدها الصالح العام فى كل عمل تأتيه حين تختصم أو تختصم أمام القضاء ، لا سيما حين يتعلق النزاع بشان وطنى يمس كل مصرى ويتصل بتراب الوطن وهو ما كان يستوجب الهمة فى الدفاع لإظهار الحقيقة أمام محكمة مصرية هى جزء من السلطة الوطنية وأمام شعب مصر صاحب السيادة والذى تعمل باسمه كل سلطات الدولة .

ومن حيث إن المحكمة فى تناولها لسند كل من الدعويين الماثلتين , والمتمثل في مصرية جزيرتى تيران وصنافير وما أثاره المدعيان من عدم مشروعية التوقيع على الاتفاقية المتضمنة تنازل الحكومة المصرية عنهما فإنها تفرق فى المستندات المودعة من المدعيين بين المصدر الرسمى الذى يعبر عن ارادة السلطات الوطنية المصرية الرسمية والذى يتمثل فى القوانين والاتفاقات الدولية التى ابرمتها الحكومات المصرية المتعاقبة و اللوائح والقرارات الإدارية ويلحق بها المراجع الرسمية الصادرة من جهة إدارية من جهات الدولة وبين المراجع غير الرسمية التى لا تعبر إلا عن وجهة نظر شخصية لصاحبها أو لأصحابها ، ولن تعول المحكمة إلا على المصادر والمراجع الرسمية دون المراجع الخاصة وغير الرسمية , كما أنها ستعول على قرارات المنظمات الدولية , وتؤكد المحكمة فى هذا الشأن على حقيقة لاسبيل إلى إغفالها ، وهى أن ارض الوطن ملك للأمة المصرية كلها وانها لا تسجل فى الشهر العقارى كعقارات الأفراد وإنما سجلت فى سجل التاريخ وأنه لا يقبل فى اثباتها شهادة شاهد أو شهود قد يضلوا أو ينسوا .

ومن حيث إن مصر دولة منذ أكثر من خمسة الاف عام فى موقعها المعلوم للكافة وزادت مساحتها فى اوقات قوتها إلى ما حولها من أراضى كما تعرضت لغزو أو احتلال واختلفت أوضاعها القانونية لكنها لم تزل من الوجود فى أى وقت وظل إقليمها متميزا فى كل مراحل التاريخ وارتبطت سيناء وجزيرتى تيران وصنافير والجزر المصرية فى خليج السويس والبحر الأحمر بمصر ارتباط الجزء بالكل ، وقد طبقت مصر القوانين واللوائح المصرية على جزيرتى تيران وصنافير ومنها اللوائح الخاصة بالحجر الصحى وتضمنت اللائحة المختصة بكيفية سير مصلحة الصحة الصادرة فى 3 يناير 1881 فى المادة (10) ( ضبط وربط ما يتعلق بالصحة البحرية والكورنتينات فى السواحل المصرية الممتدة على البحر الابيض المتوسط والبحر الأحمر وفى الحدود الارضية من جهة الصحراء تحال على عهدة نظار مكاتب الصحة ...) وعددت المادة (12) مكاتب الصحة من الدرجة الأولى ومنها ( مكتب حوض السويس ومحطة عيون موسى ومكتب الوجه المجعول مؤقتا فى الطور..... ) كما طبقت على الجزيرتين اللائحة الجمركية الصادرة فى 2 ابريل سنة 1884 وقد نصت المادة (1) منها على أن ( سواحل البحر المالح والحدود الفاصلة بين القطر المصرى والممالك المجاورة تعتبر خطاً للكمارك) , كما تضمنت المادة (2) من تلك اللائحة أن (... تمتد حدود المراقبة على السفن حتى مسافة عشرة كيلو مترات من الساحل .....) حيث وقعت الجزيرتان فى نطاق تطبيق لائحة الجمارك , وتضمنت الاتفاقية الموقع عليها والمتبادلة فى رفح فى 3 شعبان سنة 1324 هجرية الموافق أول أكتوبر سنة 1906 بين مندوبى الدولة العلية (تركيا) ومندوبى الخديوية الجليلة المصرية بشان تعيين خط فاصل إدارى بين ولاية الحجاز و متصرفية القدس وبين شبه جزيرة طور سينا النص فى المادة (1) على أن ( يبدأ الخط الفاصل الاداري كما هو مبين بالخريطة المرفوقة بهذه الاتفاقية من راس طابه الكائنة على الساحل الغربي لخليج العقبه ويمتد إلى قمة جبل فورت ماراَ على رؤوس جبال طابه ...... إلى شاطىء البحر الأبيض المتوسط ماراً بتلة خرائب على ساحل البحر ) وقد أصبح الخط الإدارى المشار إليه هو خط الحدود الدولية لمصر مع فلسطين ، ولم تتضمن الاتفاقية المشار إليها أى نص يترتب عليه خروج جزيرتى تيران وصنافير من الحدود المصرية , كما أن الجزيرتين تقعان عند مدخل خليج العقبة بعيداً عن المنطقة التى ورد الاتفاق بشأنها , كما تضمن كتاب أطلس ابتدائى للدنيا لاستعماله فى المدارس المصرية المطبوع بمصلحة المساحة والمناجم على نفقة وزارة المعارف العمومية فى مصر و المطبوع عام 1922 والمعاد طبعه عام 1937 والذى اطلعت المحكمة على اصله وأرفق بملف الدعوى صورة من خريطة مصر الواردة به وتضمنت جزيرتى تيران وصنافير ضمن الأراضى المصرية , والثابت من صورة كتاب مدير عام مصلحة الحدود بالنيابة بتاريخ 2/6/1943 إلى مدير مكتب وزير الدفاع الوطنى والخريطة المرفقة به رداً على كتاب الوزارة الخاص بطلب عدم اعاقة تحركات القوات البريطانية التى ستجرى مناورة حرب فى خليج العقبة ، وتضمنت الخريطة المرفقة تحديد مكان المناورات فى مضيق تيران وعلى جزء من جزيرة تيران ، وقد تضمن الكتاب الاشارة إلى الإجراءات التى اتخذت فى سبيل ذلك ، وهو الأمر المستفاد منه أن القوات البريطانية اخطرت مصر صاحبة السيادة على تلك المنطقة ومنها جزيرة تيران قبل إجراء المناورات .

كما أن الثابت من صورة أمر العمليات رقم 138 الصادر من وزارة الحربية والبحرية المصرية بتاريخ 19/1/1950 إلى السفينة مطروح أنه خاص بتوصيل قوة عسكرية إلى جزيرة تيران وانشاء محطة إشارات بحرية بالجزيرة , كما أن الثابت من صورة كتاب أمير البحار قائد عام بحرية جلالة الملك (ملك مصر والسودان) إلى مدير مكتب وزير الحربية والبحرية المصرية المؤرخ 22 فبراير سنة 1950 برقم ع 12/3/11 (1845) رداً على كتابه فى شان تموين قوات سلاح الحدود الملكى الموجودة بطابا وجزر فرعون وتيران وصنافير، وهو ما يثبت وجود القوات المصرية على جزيرتى تيران وصنافير 0 والثابت من صورة كتاب وكيل وزارة الخارجية المصرية إلى وكيل وزارة الحربية المصرية المؤرخ 26/2/1950 رداً على كتاب الوزارة بشان ملكية جزيرة تيران انه تضمن أن الجزيرة تدخل ضمن تحديد الأراضى المصرية , كما تضمن كتاب وكيل وزارة المالية المصرية رقم 219-1/4 فى فبراير سنة 1950 فى شان الرد على السؤال حول جزيرة تيران ، أن مجموعة خرائط القطر المصرى الطبعة الأولى لسنة 1937 قد بينت على جزيرتى تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة تفاصيل الارتفاعات بكل منهما ، وختم كتابه بان جزيرة تيران- محل السؤال- تدخل ضمن تحديد الأراضى المصرية ، وقد ارفقت صورة من هذا الكتاب ، و من الكتب المشار إليها بالمستندات المقدمة من المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق , كما تضمــــــــــن الكتــــــاب الصــــــــــــــادر من وزارة المــــــــــالية سنة 1945 باســــم مسح لمصر- سجــــــــلاً بأسمــــــــــــــاء الأمـــــــــــــاكن- survey of Egypt – index to place names اسم تيران فى صفحة 46 وفقا للثابت من حافظة المستندات التى أودعها المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق بجلسة 7/6/2016 بعد ان اطلعت المحكمة على اصل الكتاب , كما صدر المرسوم بشان المياه الإقليمية للمملكة المصرية بتاريخ 15/1/1951 ونشر فى الوقائع المصرية فى 18/1/1951 والذى نص فى المادة (4) على أن :( تشمل المياه الداخلة فى اراضى المملكة : أ-............ ب-...........ج- المياه بين البر وبين أى جزيرة مصرية لا تبعد عن البر أكثر من اثنى عشر ميلاً بحرياً د- المياه التى بين الجزر المصرية التى لا يبعد احداها عن الأخرى باكثر من اثنى عشر ميلاً بحرياً ) ونص فى المادة (5) على أن : ( يقع البحر الساحلى للمملكة فيما يلى المياه الداخلية للمملكة ويمتد فى اتجاه البحر إلى مسافة ستة اميال بحرية ) وطبقاً لهذا المرسوم فان المياه بين جزيرة صنافير وجزيرة تيران والمياه بين جزيرة تيران و سيناء مياه داخلية مصرية , و تم مد البحر الاقليمي الى مسافة 12 ميلا بحريا بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1958 ، ومنذ منتصف القرن العشرين شهدت الجزيرتان أحداثاً ملأت الدنيا وشغلت الناس حيث فرضت مصر حصاراً بحرياً على إسرائيل ومنعتها من المرور فى مضيق تيران ، واثير الموضوع فى منظمة الامم المتحدة وتمسكت مصر بسيادتها على جزيرة تيران وبان المضيق يعد مياها داخلية مصرية ، كما احتلت إسرائيل سيناء وجزيرتي تيران وصنافير عام 1956 و صدر قرار الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1956 متضمناً مطالبة إسرائيل بالانسحاب ، وانسحبت إسرائيل فى بداية عام 1957 من الأراضى المصرية التى احتلتها ، ومعلوم أن عدوان 1956 وقع على الأراضى المصرية دون غيرها من الدول العربية ، كما قبلت مصر وجود قوات الطوارئ الدولية في اطار ممارسة حقوقها في السيادة على الأراضي المصرية ، واحتلت إسرائيل سيناء وجزيرتى تيران وصنافير عام 1967 ، ثم وقعت اتفاقية السلام مع إسرائيل وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 153 لسنة 1979 بالموافقة عليها ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1979، وقد تضمنت هذه الاتفاقية انسحاب إسرائيل إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب ، وأن تستانف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من الاتفاقية ، كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من الاتفاقية ذاتها الاتفاق بين البلدين على حق الملاحة و العبور الجوي عبر مضيق تيران , وطبقاً للبرتوكول الخاص بالانسحاب الإسرائيلى وترتيبات الأمن والخريطة المرفقة به والملحق بالاتفاقية ، فان جزيرتى تيران وصنافير تقعان ضمن المنطقة (ج) , وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 145 لسنة 1983 بشان الموافقة على اتفاقية قانون البحار التى وقعت فى مونتيجوبى بجاميكا بتاريخ 1/12/1982 والمنشور بالجريدة الرسمية فى 4/5/1995 وتضمن موافقة مصر على الاتفاقية ونص فى المادة الثانية منه على أنه ( حفاظاً على المصالح الوطنية المصرية سترفق جمهورية مصر العربية مع وثيقة تصديقها إعلانات حول الموضوعات التالية إعمالا للمادة 310 من الاتفاقية : 1- .... 5- إعلان بشان المرور فى مضيق تيران وخليج العقبة. 6-.....) وتضمن الإعلان المشار إليه أن ( جمهورية مصر العربية إذ تصدق على اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار والمعبر عنها فيما بعد بالاتفاقية واعمالا لحكم المادة 310 منها تعلن: أن ما ورد فى معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية المبرمة عام 1979 من نص خاص بالمرور فى مضيق تيران وخليج العقبة يسير فى إطار التنظيم العام للمضايق كما ورد بالجزء الثالث من الاتفاقية بما يتضمنه هذا التنظيم من عدم المساس بالنظام القانونى لمياه المضيق ومن واجبات تكفل سلامة وحسن نظام دولة المضيق ) ويستفاد من هذا الإعلان أن مصر تمسكت بان مضيق تيران مضيق وطنى ، وان الأرض التى تقع على جانبيه سواء فى سيناء أو فى جزيرة تيران هي ارض مصرية خاضعة لسيادتها . وقد تضمن قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لسنة 1990 و مرفقاته تحديد خطوط الأساس التي تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية مصر العربية ، و بحسب غرضه لم يتضمن التنازل عن أي جزء من الاقليم البري لجمهورية مصر العربية أو تقرير أي حقوق لدول أخرى على الجزيرتين تيران و صنافير . كما صدر قرار وزير الداخلية رقم 420 لسنة 1982 المنشور فى الوقائع المصرية فى 21/3/1982 بإنشاء نقطة شرطة مستديمة بجزيرة تيران ونص فى المادة (1) على أن : ( تنشأ نقطة شرطة مستديمة بجزيرة تيران تتبع سانت كاترين بمحافظة جنوب لسنة سيناء تسمى نقطة شرطة جزيرة تيران ويشمل اختصاصها جزيرتى تيران وصنافير )
- وصدر قرار وزير الداخلية رقم 865 لسنة 1982 والمنشور فى الوقائع المصرية بتاريخ 4/5/1982 وينص فى المادة (2) منه على أن : ( تنقل تبعية نقطة شرطة جزيرة تيران المستديمة من قسم شرطة سانت كاترين إلى قسم شرطة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء )
- وصدر قرار وزير الزراعة والأمن الغذائى رقم 472 لسنة 1982 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 11/5/1982 والذى اشار فى ديباجته إلى قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 ونص فى المادة ( 1) على أن : ( يحظر صيد الطيور والحيوانات بكافة انواعها فى المناطق التالية بمحافظتى سيناء : ج – منطقة جزيرة تيران )
- وصدر قرار وزير السياحة رقم 171 لسنة 1982 المنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 26/6/1982 باعتبار منطقة ساحل جنوب سيناء ( خليج العقبة ) منطقة سياحية وتضمن اعتبار المنطقة من طابا شمالا حتى راس محمد جنوبا والجزر الواقعة داخل المياه الإقليمية منطقة سياحية فى مجال تطبيق أحكام القانون رقم 2 لسنة 1973 باشراف وزارة السياحة على المناطق السياحية واستغلالها .
- وصدر القانون رقم 102 لسنة 1983 فى شان المحميات الطبيعية وتضمنت مذكرته الايضاحية أن : ( ... 2- من بين المناطق المقترح جعلها محميات طبيعية جزيرة تيران فى خليج العقبة .... )
- وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 26/11/1983 بإنشاء محمية طبيعية فى منطقة راس محمد وجزيرتى تيران وصنافير بمحافظة جنوب سيناء .
- وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2035 لسنة 1996 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 3/8/1996 متضمناً استمرار جزيرتى تيران وصنافير كمحميتين طبيعيتين وفقاً للقانون رقم 102 لسنة 1983 فى شان المحميات الطبيعية .
- كما صدر قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع رقم 367 لسنة 1986 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 3/1/1978 بشان تحديد المناطق الاستيراتجية ذات الاهمية العسكرية من الأراضى الصحراوية التى لا يجوز تملكها وتضمن البند (6/د) من الشروط العامة الملحق بهذا القرار ، " تعتبر المياه الاقليمية وبعمق 20 كم من الساحل وكذا الجزر الواقعة في هذه المساحة مناطق استيراتيجية يلزم تصديق القوات المسلحة علي أي مطالب أو مشروعات بها " وقد خضع لأحكام هذا القرار جزيرتي تيران وصنافير .
كما تضمن أطلس مصر والعالم الصادر من إدارة المساحة العسكرية بوزارة الدفاع عام 2007 المودع ملف الدعوى خريطة سيناء و تضمن أن جزيرتى تيران وصنافير ضمن حدود الدولة المصرية وتتبعان محافظة جنوب سيناء ، كما تضمن شرحاً لخصائص الجزيرتين ومساحة كل جزيرة.
و صدر قرار وزير الداخلية رقم 80 لسنة 2015 بإنشاء قسم ثان شرطة شرم الشيخ بمديرية امن جنوب سيناء والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 15/2/2015 وينص فى المادة (1) منه على أن : ( ينشأ بمديرية امن جنوب سيناء قسم ثان شرطة شرم الشيخ .... يشمل نطاق قسم ثان شرطة شرم الشيخ على ما يلى : ....جزيرة صنافير – جزيرة تيران – وادى مرسى بريكه ....) .وصدر قرار مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأحوال المدنية رقم 542 لسنة 2015 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 16/3/2015 والذى ينص فى المادة (1) على أن : ( ينشأ بإدارة شرطة الأحوال المدنية بجنوب سيناء قسم سجل مدنى ثان شرم الشيخ مقره منطقة نبق فصلا من النطاق الجغرافي لقسم سجل مدني شرم الشيخ .... يشمل نطاق اختصاص قسم ثان شرطة شرم الشيخ على ما يلى : ..... جزيرة صنافير – جزيرة تيران – وادى مرسى بريكه ....)

ومن حيث أنه فضلاً عما سبق تفصيله من اعتبارات قانونية وتاريخية تثبت مصرية الجزيرتين ، فإن الواقع الحاصل علي الأرض منذ زمن بعيد أن الدولة المصرية تمارس علي الجزيرتين بالفعل حقوق سيادة كاملة لا يزاحمها في ذلك أحد لدرجة أن مصر ضحت بدماء ابنائها دفاعاً عن الجزيرتين وهو ما يفصح افصاحاً جهيراً عن أنهما أراض مصرية .

ومن حيث إنه نزولاً علي كل ما تقدم يتضح أنه من المقطوع به أن كلاً من جزيرة تيران وجزيرة صنافير ارضاً مصرية من ضمن الإقليم البري لمصر ، وتقعان ضمن حدود الدولة المصرية ، وقد مارست مصر السيادة على الجزيرتين بصفة دائمة ومستمرة ، وتخضع الجزيرتان للقوانين واللوائح المصرية ، كما أن سيادة مصر عليها متحققة طبقاً للمعايير المستقر عليها فى القانون والقضاء الدوليين ، وتبعاً لذلك يحظر التزاماً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة ( 151 ) من الدستور الحالي التنازل عنهما. ومن ثم يكون ما قام به ممثل الحكومة المصرية من التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية فى ابريل 2016 والتى تضمنت تنازل مصر عن الجزيرتين للمملكة العربية السعودية بحجة انهما تقعان داخل المياه الإقليمية السعودية قد انطوى على مخالفة جسيمة للدستور تبطله وذلك علي الرغم من محاولة ستر هذا التنازل المحظور خلف اتفاق على ترسيم الحدود البحرية ، لان ترسيم الحدود البحرية مع دولة لا يتصل إقليمها البرى مع الإقليم البرى المصرى لا يجوز أن يمتد اثره إلى أى جزء من الإقليم البري المصرى الذى يشمل جزيرتى تيران وصنافير ، وبناء عليه يتعين الحكم ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على الاتفاقية المشار إليها مع ما يترتب على ذلك من آثار و اخصها استمرار جزيرتى تيران وصنافير ضمن الإقليم البرى للدولة المصرية وضمن حدودها واستمرار خضوعهما للسيادة وللقوانين المصرية وحظر تغيير وصفهما باى شكل لصالح دولة أخرى ، وان تظل المياه التى تفصل بين جزيرة تيران وجزيرة صنافير مياها داخلية مصرية ، وكذلك المياه التى تفصل بين جزيرة تيران وسيناء مياها داخلية مصرية ، واستمرار مضيق تيران واقعاً داخل الأراضى المصرية من الناحيتين مع استمرار حقوق مصر عليه بوصفها دولة المضيق وفقا لقواعد معاهدة فيينا لقانون المعاهدات وقواعد القانون الدولى والاصول الدبلوماسية المتبعة فى هذا الشأن .

ومن حيث إن الفصل فى الدعويين يغنى عن الفصل فى الطلب الإحتياطى للمدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقاً لنص المادة 184 من قانون المرافعات .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : أولا : برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين وباختصاصها بنظرهما.

ثانيا: بقبول الدعويين شكلا وببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة فى ابريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البرى المصرى وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وصفهما بأى شكل لصالح أية دولة أخرى وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصاريف .


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك