قبل أقل من 20 عاماً، خلصت ألمانيا إلى أن خطر التعرّض لهجوم عسكري على أراضيها منخفض للغاية، فأخرجت آخر ملاجئ الحماية من الغارات الجوية في البلاد من الخدمة، لكنها تسابق الزمن اليوم للتراجع عن ذلك القرار، وسط مخاوف وتحذيرات من هجوم روسي محتمل، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
وذكرت الصحيفة الأمريكية، الاثنين، أنه من بين نحو 2000 ملجأ ومأوى للحماية من الغارات الجوية كانت تعمل خلال الحرب الباردة، لم يتبق سوى 580 فقط، تتسع لـ480 ألف شخص، أي ما يعادل 0.5% من عدد سكان ألمانيا، بل إن هذا الرقم نفسه "نظري" إلى حد كبير.
ومع تحذير خبراء عسكريين من أن روسيا قد تصبح قادرة على مهاجمة أوروبا الغربية في غضون سنوات، يبقى ملايين المدنيين بلا حماية في حال اندلاع نزاع مشابه للحرب في أوكرانيا، بحسب موقع "الشرق" الإخباري.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية: "لم تعد تُجرى أي أعمال صيانة أو خدمات لمعدات الحماية المدنية"، مشيراً إلى أن الملاجئ المتبقية في البلاد، بما في ذلك أربعة مرافق في برلين، "لم تعد صالحة للاستخدام ولا تعمل".
**ملاجئ كافية لحماية مليون شخص
وتسارع السلطات الألمانية الآن، لمعالجة هذا الوضع، من خلال إعداد قوائم بمساحات عامة يمكن تحويلها بسرعة وبتكلفة منخفضة إلى ملاجئ، بالتوازي مع التخطيط لتوفير حماية أكثر صلابة على المدى الطويل. ويهدف مشروع تجريبي إلى توفير ملاجئ قادرة على استيعاب مليون شخص بحلول نهاية عام 2026.
وحذرت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية من مخاطر اندلاع حرب نووية، قائلة إن العالم يقف على مقربة منها، وألقت باللوم في ذلك على نخب سياسية تمتلك "ملاجئ تأويهم".
وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا وتصاعد التهديدات الموجهة إلى الغرب، تعهدت ألمانيا بأن تصبح "جاهزة للحرب" بحلول عام 2029، مع خطط لمضاعفة إنفاقها العسكري تقريباً بحلول ذلك الوقت. لكن هذا الجهد لا يقتصر على تعزيز ترسانة الدبابات والطائرات المُسيرة، بل يشمل أيضاً ضمان استعداد المدنيين وتوفير الحماية لهم في حال وقوع هجوم.
وقال تيم شتوشتي، المدير التنفيذي لمعهد براندنبورج للمجتمع والأمن: "عندما أسأل أصدقائي عن مدى استعدادهم، وكم لديهم من الماء والطعام والأدوية في القبو، فإن النكتة المعتادة هي أنهم يملكون ما يكفي من النبيذ الأحمر ليكفي عاماً كاملاً".
وأضاف شتوشتي: "لكن لا يكفي أن يكون الجيش الألماني مستعداً وحده، بل لا بد أن يكون المجتمع بأسره كذلك".
خطة العمليات الألمانية
وتُعد "خطة العمليات الألمانية"، وهي وثيقة سرية وُضعت في عام 2024، جزءاً من جهود تهدف إلى ضمان قدرة البلاد على العمل كنقطة انطلاق لمئات الآلاف من جنود حلف شمال الأطلسي "الناتو" في حال اندلاع حرب.
وقال مسؤولون، إن الخطة تحدد الطرق والجسور القادرة على تحمل حركة مرور المركبات العسكرية الثقيلة، إضافة إلى الخطوات اللازمة لحماية البنية التحتية الحيوية، وضمان استمرار عمل الحكومة والاقتصاد في ظل هجوم طويل الأمد.
وتمثل الملاجئ جزءاً محورياً من "خطة العمليات الألمانية"، إلا أن محللين يقولون إن الحكومة لا تزال في المراحل الأولى من تحديد الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه هذه الملاجئ.