باحثون يقدمون تصورا جديدا عن بداية الحياة على الأرض - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:50 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

باحثون يقدمون تصورا جديدا عن بداية الحياة على الأرض

خلية
خلية
محمد نصر
نشر في: الجمعة 23 أغسطس 2019 - 11:07 ص | آخر تحديث: الجمعة 23 أغسطس 2019 - 11:07 ص

قدم باحثون حلاً للغز القديم المتعلق بالكيفية التي نشأت بها الخلايا الأولية وتشكلت منها جميع الكائنات الحية لتقدم تصورا جديدا عن نشأة الحياة.

وفق مجلة ذا أتلانتيك، فعندما كانت الباحثة في قسم الكيمياء بجامعة واشنطن، كيتلين كورنيل، تنظر في مجهرها (الميكروسكوب)، شاهدت بقعًا مضيئة كبيرة على خلفية سوداء، أشبه بشمس صغيرة متوهجة في الفضاء، وعندما عرضت تلك البقع على المشرفة عليها، سارة كيلر، أدركوا أن تلك البقع قد تساعد في حل اللغز حول أصل الحياة نفسها، وقد كانوا متحمسين جدا، وفق المجلة.

رغم وجود اختلافات لا حصر لها، إلا أن الخلايا التي تشكل جميع الكائنات الحية تحتوي على عناصر أساسية، حيث تحتوي على الحمض النووي (DNA)، والحمض النووي الريبوزي (RNA)، وهي جزيئات تشفر المعلومات ويمكن نسخها، وتحتوي على البروتينات وهي تمثل العمود الفقري في أداء مهمات هامة، ويوجد أيضا غلاف يحوي كل هذا وهو غشاء مصنوع من الأحماض الدهنية.

بالعودة بما يكفي إلى الوراء، قبل وجود الحيوانات والنباتات وحتى البكتيريا، سنجد أن بادرة الحياة أو ما يسميه العلماء بالخلية الأولية "protocell"، يرجح أن تكون لها نفس المكونات الثلاثة: الحمض النووي الريبي (RNA)، والبروتينات والغشاء.

كانت الأغشية ذات أهمية حاسمة، فبدون وجود سياج أو طوق حول الجزيئات، فإنها ستنتشر وتتوزع في العالم ولن يتحقق أي شيء، لقد حولت الأغشية عالمًا يفتقد للحيوية من المواد الكيميائية المضطربة، إلى عالم يزخر ويعج بغابات السكويا العملاقة، والفيلة وبكتريا إي- كولاي، والبشر والأسماك، لقد كان جوهر الحياة في خلق حيز وهذا قد يكون أسهل بكثير وأصعب مما قد يبدو.

أولا، الجزء السهل، تم بناء أغشية الخلايا المبكرة من الأحماض الدهنية، وهي جزيئات تشبه المصاصات، برؤوس دائرية وذيل طويل، تتأقلم الرؤوس الدائرية مع الماء، بعكس الذيول، لذلك عند وضعها في الماء، تتجمع الأحماض الدهنية في كرات مجوفة، بحيث تكون الذيول بالداخل والرؤوس على السطح.

يمكن أن تحوي هذه التجاويف الحمض النووي الريبوزي والبروتينات، مما يصنع خلايا أولية "protocell"؛ إذن، يمكن أن تُنتج الأحماض الدهنية تلقائيًا الوعاء والحيز الضروري لبزوغ الحياة، إلا أن هذا التصور ليس جيدا بما يكفي ليكون صحيحا، لسببين أولها التصور القائل بنشأة الحياة لأول مرة في المحيطات المالحة، فالملح يزعزع استقرار الأحماض الدهنية.

أيضًا، تتسبب بعض الأيونات، بما في ذلك المغنيسيوم والحديد، في انهيار الكريات، وهي إشكالية لأن الحمض النووي الريبي (وهو مكون رئيسي آخر من الخلايا الأولية المبكرة) يتطلب هذه الأيونات.

إذن كيف يمكن أن تنشأ الحياة، عندما يتم تدمير الأوعية التي تحتاجها بسبب الظروف التي نشأت فيها أولاً، وعن طريق المكونات التي تحتاجها لتزدهر؟

كيتلين كورنيل، وسارة كيلر لديهم الإجابة على هذا التناقض، لقد أظهروا أن الكريات يمكن أن تصمد أمام كل من أيونات الملح والمغنيسيوم، بشرط وجود الأحماض الأمينية وهي الجزيئات التي تشكل اللبنات الأساسية للبروتينات.

لقد كانت الشمس الصغيرة التي رأتها كورنيل، تحت مجهرها خليط من الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية، وتحتفظ بشكلها الكروي في وجود الملح.

قد يكون هذا التصور غاية في السحر، فهو يعني أن اثنين من المكونات الأساسية للحياة، غشاء الخلية الأولية وبروتيناته، وفرتا الظروف لبعضهما البعض للوجود والحياة، وأعطت الأحماض الأمينية الاستقرار للأحماض الدهنية والتي بدورها ركزت الأحماض الأمينية، وربما حثتها على الاندماج في البروتينات.

قد يعني هذا التصور أنه ومنذ بدء الحياة، حُبست هذه العناصر في رقصة من خطوتين استمر لمدة 3.5 مليار سنة، ساعدوا في إحداث الثراء الحيوي بالكامل من بداية كيميائية مجردة.

أشاد أستاذ الكيمياء الحيوية بجامعة سان دييغو نيل ديفاراج، بالبحث، وقال: "إنه عمل رائع إن اقتراحهما بأن الأغشية يمكن أن تعزز تخليق البروتينات."

حدث هذا الاكتشاف تقريبا عن طريق الصدفة، لقد كانت كيلر تعمل على معالجة مشكلة مختلفة، طرحها عليها زميلها روي بلاك، الذي لاحظ أنه لم يعرض أحد أي أفكار جيدة حول الكيفية التي اجتمعت بها العناصر الثلاثة ـ RNA، والبروتينات، والأغشية، في الواقع لأول مرة، ويبدو أن الناس كانوا يرجعون هذا التقارب إلى بعض الأحداث العشوائية.

أشار بلاك إلى أن الأغشية هي نفسها قد تكون مفتاح الحل، إذا كان بإمكان الأحماض الدهنية أن تَعلق بمكونات كل من البروتينات والحمض النووي الريبوزي (RNA)، فربما تكون هذه اللبنات قد جُمعت معًا عند تكوينها.

اختبرت كورنيل هذه الفكرة عن طريق جمع الأحماض الدهنية، بـ3 أحماض أمينية مختلفة، التي يعتقد أنها وجدت الأرض البدائية، وكما كان متوقع، مثلما رجح بلاك، تفاعلت الجزيئات مع بعضها البعض، ولكن عندما نظرت في المجهر، أدركت كورنيل حدوث شيء مميز.

تلقائيا، وكما هو متوقع تجمعت الأحماض الدهنية ذاتيا في كريات مجوفة، تقول كورنيل: "كانوا مثل قناديل البحر: صافية من الداخل بحواف معتمة"، كانت إذا أضافت أيونات الملح أو المغنيسيوم، تفككت هذه القناديل، ولكن إذا فعلت ذلك بعد إضافة الأحماض الأمينية، فإنها تحتفظ بشكلها.

تمتلئ مراكز التجاويف بطبقة أخرى من الأحماض الدهنية، ليس من قبيل الصدفة ولكن هذا يشبه خلايانا التي تشتمل على أغشية من طبقتين دهنيتين وليست طبقة واحدة.

لذلك، فإن وجود الأحماض الأمينية لا يحمي كرات الأحماض الدهنية فقط؛ بل يحولها إلى شيء حي بيولوجي أكثر وضوحًا، لماذا؟ يسأل محرر المجلة كيلر التي أجابت، وهي تضحك: "ليست لدينا فكرة، ولكننا بمكان جميل يفتح المجال لنظرية المستقبل".

بعض الباحثين، على سبيل المثال، يعتقدون أن الحياة بدأت في برك بركانية ضحلة، بينما يرى آخرون أنها نشأت من فتحات الدخان الموجودة في قاع البحار، وما تطرحه الدراسة يمكن أن يلائم كلا البيئتين. وتقول كيلر إنها: "متحمسة لأن دراستنا تجعل فكرة الخلايا الأولية منطقية أكثر بغض النظر عن موقع وجودها". نُشرت النتائج في 12 أغسطس الجاري في دورية الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم.

دراسة أصول الحياة أمر مثير للجدل دائمًا بين العلماء، الذين يختلفون بغضب أحيانا حول الأشياء التي تحدث في وقتنا الحالي، فما بالنا بالأحداث التي وقعت قبل أكثر من 3.5 مليار سنة.

يدرس الباحثون الآن ما يحدث بعد تجميع الخلايا الأولية، ومن المؤكد أن هناك حيز يحتوي لبنات صنع البروتينات والحمض النووي الريبي، وتتساءل كيلر: "لكن كيف تترابط كتل البناء الفردية هذه لتشكيل جزيئات أكبر؟"، ولكنها تعتقد: "أنه سؤال غاية في الصعوبة".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك