السيرة النبوية.. هجرة الرسول إلى المدينة ومكر أبو جهل بن هشام - بوابة الشروق
الجمعة 5 سبتمبر 2025 12:42 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

السيرة النبوية.. هجرة الرسول إلى المدينة ومكر أبو جهل بن هشام

منال الوراقي
نشر في: الأحد 23 أكتوبر 2022 - 2:40 م | آخر تحديث: الأحد 23 أكتوبر 2022 - 2:40 م

احتفاء بشهر مولد النبي محمد بن عبدالله ﷺ، أصدر الأزهر الشريف كتاب "السيرة النبوية.. وتاريخ العرب في الجاهلية" الذي تناول فيه الدكتور محمود أبو العيون، أحد كبار علماء الأزهر الشريف، سيرة النبي محمد منذ مولده وبعثته والدعوة للإسلام سرا والجهر بها، مرورا بمواقف صبره والمسلمين على أذى قريش ومبايعته لأهل المدينة وهجرته وأشهر غزواته وحتى حجة الوداع ووفاته.

تحدث "أبو العيون" في كتابه الذي اطلعت "الشروق" على نسخة منه، عن هجرة النبي الكريم وأسبابها وفائدتها، فقال لما رأت قريش مهاجرة أصحاب رسول الله ﷺ ورأوا أنه لو لحق بهم يشتد ساعده وتكون له بالأنصار والمهاجرين قوة، اجتمعوا في دار الندوة وتشاوروا فيما يفعلون به؛ فمنهم من قال نحبسه مكبلا بالحديد حتى يموت، ومن قال ننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فوالله لا نبالي أين ذهب ولا حيث وقع.

فقال أبو جهل بن هشام: إن لي رأيا فيه ما أراكم وقعتم عليه، هو أن نختار من كل قبيلة شابا جلدا وسطا متينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما فيعمدون إليه فيضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه فنستريح منه، فإذا فعلوا ذلك تفرق دمه في قبائل قريش فلا يقدر بنو عبد مناف على حرب جميعهم.

فأخبره الله تعالى بما اجتمعوا عليه، وأمره بالهجرة إلى المدينة، فأعلم أبا بكر بذلك، فأعد راحلتين للسفر في الليلة التي تواعد المشركون فيها على قتله.

وأمر رسول الله ﷺ عليا بن أبي طالب أن يبيت موضعه ويتسجى بردته؛ لئلا يرتاب أحد في وجوده ببيته، ويؤدي ما عنده من الودائع إلى أربابها، ثم خرج ليلا والقوم يرصدونه بالباب، فجعل يتلو «يس»، إلى أن وصل إلى قوله تعالى: (فأغشينهم فهم لا يبصرون) الآية 9، فجعل يكررها ووضع على رءوسهم التراب فلم يشعروا به، وتوجه إلى بيت أبي بكر، فلما أصبح القوم خرج عليهم علي فعلموا أن النبي عليه الصلاة والسلام نجا.

وقد تبين لقريش أن فتيانهم إنما باتوا يحرسون علي بن أبي طالب لا محمدا، فهاجت عواطفهم وارتبكوا في أمرهم فأرسلوا في طلبه، وأعدوا الجوائز لمن يدل عليه أو يأتي به حيا أو ميتا، وقد جهلوا أن النبي خرج مهاجرا ومعه أبو بكر من خوخة (فتحة في البيت تجلب النور إليه) في داره متوجهين إلى غار بجبل ثور فدخلاه.

أما قريش فقد تفرقت هنا وهناك حتى وصل بعضهم إلى الغار الذي فيه طلبتهم، بحيث لو نظر أحدهم تحت رجليه لنظر من فيه، فحزن أبو بكر، فقال الرسول ﷺ: (لا تحزن إن الله معنا)، ولقد كادوا يشعرون بهما لولا أن الله أعمى أبصارهم، ولقد زادهم ضلالا أن رأوا نسج العنكبوت الذي خيم على باب الغار معجزة للنبي ﷺ، حتى خيل للرائي أنه من عهد قديم.

ولبث رسول الله ﷺ بالغار ثلاثة أيام، ثم جاء عبد الله بن أريقط وهو كافر قد استأجراء ليدلهما على الطريق وكان قد هيأ لهما راحلتين، ركب الرسول ﷺ واحدة وأبو بكر الأخرى وأردف خلفه عامر بن فهيرة مولاه ليخدمهما في الطريق، فبعثت قريش سراقة بن مالك في أثرهما، فنجاهما الله منه، سارا حتى قدما على قباء ظهر يوم الاثنين بعد أيام خلت من ربيع الأول، لثلاث وخمسين سنة مضت من مولده ﷺ، وهو يوافق 20 سبتمبر سنة 622م. مکث رسول الله ﷺ بقباء، وهي موضع بجوار المدينة ليالي أسس في خلالها مسجد قباء الذي وصفه الله تعالى بقوله: (لمسجد أسس على التقوى) في سورة التوبة.

ثم تحول الرسول إلى المدينة والأنصار محتاطون به إحاطة الهالة بالقمر والأكمام بالثمر، وخرج النساء والصبيان ينشدن أمامه (مجزوء الرمل): طلع البدر علينا.. من ثنيات الوداع.. وجب الشكر علينا.. ما دعا لله داع.. أيها المبعوث فينا.. جئت بالأمر المطاع.

ثم دخل رسول الله ﷺ المدينة وهو في هذا الموكب العظيم، فما مر على دار أحد من الأنصار إلا قال هلم يا رسول الله، واعترض ناقته، فقال: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة)، فتركوها حتى بركت موضع المسجد، فأقام النبي ﷺ عند أبي أيوب الأنصاري واسمه خالد بن زيد، حتى بنى مسجده ومساكنه بالموضع الذي اشتراه وغير اسم يشرب إلى «المدينة»، وسمى الأوس والخزرج بالأنصار، والمسلمين من أهل مكة بـ«المهاجرين»، واتخذ عليا أخا.

وآخي الرسول بين المهاجرين والأنصار، فبلغ من آخى بينهم خمسة عشر من المهاجرين، ومثلهم من الأنصار، وبهذه الهجرة كثر سواد المسلمين وقويت شوكتهم وتأيد الدين بأمر الله تأيدا عظيما، وبها يؤرخ المسلمون وقائعهم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك