شارك أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، بجلسة الحوار التفاعلي غير الرسمي لأعضاء مجلس الأمن وترويكا القمة العربية على المستوى الوزاري تحت رئاسة تشو هيون وزير خارجية كوريا الجنوبية، حول "التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية".
وذلك على هامش الشق رفيع المستوى لأعمال الدورة الــ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وذلك بحضور كل من فؤاد حسين نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية العراق والدكتور عبد اللطيف الزياني وزير خارجية البحرين، والأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية السعودية وممثلي الدول أعضاء مجلس الأمن.
وأشاد أبو الغيط، في كلمته بالدور الهام الذي لعبته الجزائر باعتبارها العضو العربي بالمجلس في الدفاع عن القضايا العربية العادلة، وذلك بالتنسيق مع باقي الأعضاء، وفي مقدمتهم الصومال، العضو بالجامعة وممثل شرق إفريقيا، متمنيا كل التوفيق للبحرين التي ستمثل صوت العرب والمنطقة بالمجلس انطلاقا من بداية العام المقبل.
- الوضع في غزة يفوق أي وصف
وقال الأمين العام إن من الواضح لنا جميعاً ما تمر به المنطقة العربية من أزمات، وفي القلب منها قضية فلسطين وهي الأخطر والأشد تأثيراً في الوضع العام في المنطقة، فالوضع في غزة يفوق أي وصف مع تواصل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على مجتمع أغلبه من المدنيين، وبالذات النساء والأطفال وكبار السن، وبغرض تمزيق نسيج المجتمع ومحوه من الوجود وإلغاء الرابطة بين الأرض والشعب.
وأضاف أبو الغيط، أن إسرائيل، بحربها التي تأبي أن تنهيها، يحرك قادتها نزعات دينية وقومية بالغة التطرف، وتضرب أسس الاستقرار الإقليمي لعقود قادمة عبر توسيع دائرة النار والعنف واعتماد سياسة جوهرها الإبقاء على التوتر على كل الجبهات وصولاً إلى الاعتداء على الدوحة التي لم تسع سوى للوساطة وتحقيق السلام.
وأكد أن إسرائيل تُخاطر باستمرار الصراع والكراهية لعقود قادمة، بل وتُمثل سياساتها العدوانية والتوسعية تهديداً خطيراً لما تحقق على صعيد السلام والتسوية عبر نصف قرن، وما يُمكن أن يتحقق من تعايش سلمي في المستقبل.
وأشار للزخم الذي تولد عن الاعترافات التاريخية بفلسطين،ومن الاجتماعات التي احتضنتها هذه المنظمة خلال الأيام الماضية حول مستقبل غزة والدولة الفلسطينية، والتي شهدت إجماعاً واضحاً حول مسار التحرك نحو إنهاء الحرب والبدء في ترتيبات اليوم التالي، موضحا أن أمامنا فرصة – قد تكون الأخيرة- لفتح مسار جاد ولا رجعة عنه لتجسيد الدولة الفلسطينية وتحقيق التسوية على أساس حل الدولتين، وبديل هذا المسار هو المزيد من الدماء والألم والمعاناة للجميع.
- تسهيل عقد محادثات سياسية بين الأطراف المدنية السودانية
كما أشار الأمين العام لما تتسبب فيه الأزمة في السودان في تداعيات خطيرة على شعبه وعلى الدول المجاورة، ولا زال الإدراك باستحالة الحلول العسكرية غائباً عن الجميع بما يُعرض البلد لمخاطر عديدة في مقدمتها الانقسام.
وأكد على تركز جهد الجامعة العربية حالياً على تسهيل عقد محادثات سياسية بين الأطراف المدنية السودانية للوصول إلى رؤى متناغمة حول مستقبل البلاد، وبناء درجة من الثقة تسهل محادثات وقف إطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين السودانيين المتضررين من النزاع.
- الالتزام بوحدة ليبيا وسيادتها واستقلالها
وبشأن ليبيا، قال أبو الغيط، لا زالت البلاد تعاني تبعات الانقسام وما يفرضه من تحديات أمنية وسياسية بل واقتصادية ضخمة، وثوابت الموقف العربي كما تنص عليها قرارات مجلس الجامعة العربية واضحة: الالتزام بوحدة ليبيا وسيادتها واستقلالها ورفض التدخل الخارجي في شئونها، مؤكدا أن الحل في ليبيا لا يُمكن إلا أن يكون سياسياً جامعاً بملكيةٍ وقيادة ليبية.
وشدد على دعم ولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الممنوحة لها بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، معربا عن تطلعه دائما أن يكون التنسيق بين منظمتينا على مستوى أفضل وأقوى تحقيقاً للمصلحة المشتركة.
وأشار لما قامت الجامعة العربية من جانبها بدعوة الفاعلين الليبيين إلى الانخراط في الحوار ضمن خارطة الطريق التي قدمتها مؤخراً ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، كونها تمثل فرصة يتعين استثمارها من أجل الوصول إلى تسوية سياسية شاملة، على أن تحظى بدعم إقليمي ودولي صادق.
- تداخل الأزمة اليمنية مع المشهد الإقليمي المعقد
أما فيما يخص اليمن، قال أبو الغيط إنه قد مرت عشر سنوات كاملة منذ بدء الأزمة، عشر سنوات من المعاناة الإنسانية التي تفوق الوصف، ولا زال المسار السياسي للحل مفتقداً، بل زاد المشهد تعقيداً بسبب تداخل الأزمة اليمنية مع المشهد الإقليمي المعقد من الأساس، ولا يخفى ما ينطوي عليه استمرار الأزمة اليمنية من تداعيات خطيرة على أمن الملاحة في البحر الأحمر، مؤكدا أن يظل الحوار السياسي الشامل، بعيداً عن التدخلات الخارجية، هو المسار الصحيح لمعالجة الأزمة وإنهاء معاناة ملايين اليمنيين
- مرحلة انتقالية فارقة وصعبة في سوريا
وفي الشأن السوري، قال أبو الغيط إن سوريا تعبر مرحلة انتقالية، صعبة وفارقة، في مسار التعافي ولمّ الشمل الوطني بعد سنوات طويلة ومريرة من الحرب، مؤكدا مواصلة الجامعة العربية جهودها الرامية إلى دعم سوريا انطلاقاً من احترام خيارات وإرادة الشعب السوري والتضامن معه في مواجهة التحديات الراهنة، والتزاماً بالحفاظ على سيادة سوريا واستقرارها ووحدة وسلامة أرضيها، وإدراكاً لأهمية المساهمة الفعالة في دعم مسار انتقالي سلمي يتسم بالشمولية.
وشدد على حرص الدول العربية على تشجيع الحكومة السورية على اتخاذ الخطوات اللازمة لبناء سوريا الجديدة على أسس تضمن مشاركة الجميع واحتواء الجميع في الإطار الوطني الجامع، مشيرا لإدانة قرارات الجامعة العربية أعمال العنف التي شهدتها منطقة الساحل السوري ومحافظة السويداء، وشددت على الرفض التام لأية نزعات أو تحركات انفصالية قد تهدد وحدة سوريا، كما أدانت جميع أشكال التدخل الخارجي السلبي أو الهدام ودعت إلى نزع فتيل الفتنة ومعالجة الاحتقانات عبر الحوار مع الالتزام بآليات العدالة الانتقالية.
كما لفت لإدانة الجامعة العربية بشدة وعلى طول الخط الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، ومطالبتها مجلس الأمن بالقيام بدوره لوقف هذه الاعتداءات والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية التي تحتلها، مؤكدا أن وحدة التراب الوطني السوري هي ركيزة أساسية للأمن الإقليمي والدولي يجب الحفاظ عليها وصيانتها.
وشدد على دعوة الجامعة المجتمع الدولي إلى دعم جهود التعافي وإعادة الإعمار في سوريا بما يحقق تطلعات الشعب السوري المشروعة نحو مستقبل أفضل، وأيضا في هذا السياق على أهمية دور منظومة الأمم المتحدة في دعم جهود الحكومة السورية خلال المرحلة الحالية وصولا إلى استكمال بناء سوريا الجديدة.
- تأييد حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية
وبخصوص لبنان، قال الأمين العام للجامعة العربية، إن الحكومة الحالية في لبنان تسعى من أجل تعزيز سلطة الدولة وحصر السلاح بيدها واستكمال مسار الإصلاح في كل القطاعات.
وأضاف أن الجامعة العربية تؤيد قرار الحكومة حصر السلاح بيد الدولة والقوى الأمنية اللبنانية دون سواها وعلى كل أراضي البلاد باعتبار ذلك من الأسس الثابتة لمفهوم الدولة المعاصر، وضرورة لا غنى عنها لضمان الحفاظ على الصيغة التعددية القائمة على العيش المشترك.
وأكد رفض الجامعة العربية رفضاً كاملاً الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان وتُدين انتهاكها لسيادته واستهدافها المدنيين، وخرقها إعلان وقف الأعمال العدائية الذي دخل حيز النفاذ في نوفمبر الماضي.
وقال إن الجامعة تعتبر هذه الهجمات تخريباً متعمداً لمسار الاستقرار السياسي في لبنان، كما تدعم موقف لبنان الداعي إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بكل مندرجاته، وندعو المجتمع الدولي والوسطاء للضغط على إسرائيل لإلزامها بالانسحاب الكامل من كل الأراضي اللبنانية والوفاء بتعهداتها، داعيا المجتمع الدولي لتقديم الدعم للجيش اللبناني باعتباره الضامن لوحدة لبنان واستقراره، وبما يُمكنه من تنفيذ المهام الضخمة الملقاة على عاتقه لاسيما ما يتعلق بتنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة.
- دعوة مجلس الأمن لتحمل مسئولياته السياسية والقانونية
وأكد أبو الغيط، أن استمرار التوترات والأزمات الأمنية والسياسية في عدد من الدول العربية لا يهدد أمنها الداخلي فقط، بل ينعكس سلبا علي الأمن الإقليمي ويهدد السلام الدولي.
وجدد أبو الغيط مطالبة مجلس الأمن بضرورة تحمل مسئولياته السياسية والقانونية استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي أكد بوضوح على أهمية التعاون مع المنظمات الإقليمية، باعتباره ركيزة أساسية لضمان السلم والأمن في العالم.
كما دعا الأمين العام المجلس إلى تكثيف التعاون الثنائي المؤسسي مع الجامعة العربية وتعزيز دورية انعقاد المشاورات السياسية وتطوير آليات الإنذار المبكر والاستفادة من جهود الوساطة ودعم دور المبعوثين الأمميين والتنسيق في عدد من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك.