تصاعد التوتر العسكري بين تايلاند وكمبوديا إلى مستويات غير مسبوقة منذ أكثر من عقد، عقب اندلاع اشتباكات عنيفة، الخميس، قرب معبد "تا موين ثوم" الأثري على الحدود بين مقاطعة سورين التايلاندية وأودار ميانشي الكمبودية.
تايلاند تفرض الأحكام العرفية في 8 مقاطعات
وأعلنت الحكومة التايلاندية، صباح الجمعة، فرض الأحكام العرفية في ثماني مقاطعات حدودية، سبع منها في منطقة تشانتابوري وواحدة في ترات، "لحماية السيادة الوطنية وسلامة المواطنين"، وفق بيان صادر عن قائد قيادة الدفاع عن الحدود، أبيتشارت سابراسرت.
وجاء القرار بعد تبادل كثيف لإطلاق النار والقصف المدفعي والصاروخي بين قوات البلدين، أسفر عن مقتل جندي تايلاندي و13 مدنيًا، وإصابة 14 جنديًا و32 مدنيًا على الأقل في الجانب التايلاندي، بينما أعلنت كمبوديا عن سقوط أول قتيل لديها، الجمعة.
مشاركة طائرات F-16 في الغارات التايلاندية
وأكدت تقارير رسمية مشاركة مقاتلة تايلاندية من طراز F-16 أميركية الصنع في غارات استهدفت مواقع داخل كمبوديا، مما ينذر بمزيد من التصعيد.
نزوح عشرات الآلاف من المناطق الحدودية
وأفادت وزارة الصحة التايلاندية بأن أكثر من 58 ألف شخص نزحوا من أربع مقاطعات حدودية، بينما أعلنت كمبوديا إجلاء نحو 4000 شخص من مناطق قريبة من الاشتباكات.
وتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن التصعيد؛ إذ اتهم الجيش التايلاندي قوات كمبودية بإطلاق النار على مركز حدودي، بينما دانت وزارة الخارجية الكمبودية ما وصفته بـ"العمل العدائي" من الجانب التايلاندي، مطالبة بوقف فوري للعمليات العسكرية.
دعوات متبادلة لتحمّل المسؤولية ووقف الهجمات
في المقابل، دعت الخارجية التايلاندية كمبوديا إلى "تحمّل مسؤوليتها عن الهجمات ووقف الاعتداءات ضد المدنيين والمؤسسات العسكرية واحترام السيادة التايلاندية".
تصعيد دبلوماسي وإغلاق المعابر الحدودية
وتدهورت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل حاد، حيث استدعت كمبوديا بعثتها الدبلوماسية وطردت السفير التايلاندي من بنوم بنه، بينما أغلقت تايلاند جميع المعابر البرية مع كمبوديا، بعد انفجار لغم أرضي، الأربعاء، أدى إلى إصابة خمسة جنود تايلانديين، أحدهم بُترت ساقه. ووجهت بانكوك الاتهام لجيش كمبوديا بزرع ألغام مؤخرًا، وهو ما نفته الأخيرة، مؤكدة أنها بقايا من فترات الحرب السابقة.
وأعلن مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة، مساء الجمعة، لبحث تطورات الأزمة.
خلاف حدودي قديم متجدد
وتعود جذور النزاع إلى ما بعد خروج الاستعمار الفرنسي من كمبوديا قبل أكثر من قرن، حيث ظلت مناطق حدودية محل خلاف مزمن، وتجددت التوترات منذ مقتل جندي كمبودي في اشتباك مماثل في مايو/أيار الماضي.
سياسيًا، أثّرت الأزمة على المشهد الداخلي التايلاندي، بعد تعليق مهام رئيسة الوزراء السابقة بايتونغتارن شيناواترا الشهر الماضي، عقب تسريب مكالمة هاتفية اعتُبرت "مهينة" للجيش التايلاندي خلال حديثها مع رئيس وزراء كمبوديا السابق هون سين.
ومع استمرار التصعيد، تبقى المنطقة على شفا مواجهة أوسع، وسط دعوات إقليمية ودولية لوقف العنف والعودة إلى طاولة المفاوضات.