بدأت مدينة الأقصر، تطبيق المواعيد الجديدة لغلق المحال التجارية والمقاهي والورش، وهو القرار الذي شهد استجابة واسعة من غالبية أصحاب المنشآت، في حين تم تسجيل عدد محدود من المخالفات.
ومع هذا التباين في الالتزام، فتح النقاش المجتمعي حول مدى ملاءمة هذه المواعيد لطبيعة المدينة السياحية، التي تنبض بالحياة ليلا، وتأثيرها المباشر على أرزاق التجار وحياة المواطنين اليومية.
وأعرب محمود عبد الحميد، مواطن بمدينة الأقصر، عن دعمه الكامل للقرار، مؤكدًا أنه خطوة ضرورية لفرض الانضباط والحد من الازعاج في المناطق السكنية، مطالبًا بضرورة تكثيف الحملات الرقابية لضمان استمرارية الالتزام بالقرار وعدم التهاون في تطبيقه.
وقال عبدالحميد، لـ"الشروق": "تنظيم مواعيد الإغلاق يمنح الأسر فرصة للتمتع بالهدوء والسكينة في ساعات الليل، وهو ما كنا نفتقده طويلا؛ بسبب استمرار عمل بعض المحال والمقاهي حتى وقت متأخر، مما كان يسبب ضوضاء مستمرة".
في المقابل، أبدى حجاج بدوي، مواطن بمدينة الأقصر، اعتراضه الشديد على المواعيد الجديدة، معتبرًا أنها لا تراعي خصوصية الأقصر كوجهة سياحية عالمية.
وأوضح أن المدينة تعتمد بشكل كبير على السياحة، والجميع يعلم أن الحركة التجارية والسياحية تنشط بشكل كبير في المساء، حيث يبدأ السياح والمواطنون على حد سواء جولاتهم التسويقية والترفيهية مع اعتدال الجو.
وأشار بدوي، لـ"الشروق"، إلى أن هذا القرار يلحق الضرر بالقطاع التجاري ويؤثر سلبًا على تجربة السائح. وتساءل: "كيف يمكن لمدينة سياحية مثل الأقصر أن تغلق أبوابها في وقت مبكر؟ من المستحيل أن يكون هذا القرار صحيحًا؛ لأنه يفقد المدينة حيويتها ويضر بسمعتها كوجهة سياحية جاذبة.. يجب أن تكون هناك مرونة في تطبيق مثل هذه القرارات، خاصة في المناطق التي يرتادها السياح بكثافة".
من جانبهم، عبر أصحاب المحال عن تضررهم البالغ من القرار، وقال إسلام سيد، صاحب أحد متاجر الهدايا التذكارية بمدينة الأقصر، إن ساعات الذروة بالنسبة لهم تبدأ بعد الساعة الثامنة مساءً، حيث يخرج السياح من فنادقهم للتسوق.
وأكد أن الإغلاق المبكر يفقدهم الجزء الأكبر من مبيعاتهم اليومية؛ مما يسبب لهم خسائر فادحة تهدد استمرارية أعمالهم وقدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية.
وأضاف "سيد"، لـ"الشروق": "نحن بالفعل نعاني من تحديات اقتصادية متعددة، وهذا القرار يزيد من أعبائنا، خاصة أننا استثمرنا كل ما نملك في هذه التجارة، التي تعد مصدر رزقنا الوحيد.. تقليص ساعات العمل بهذا الشكل يضع مستقبل أسرنا على المحك، ويجعلنا عاجزين عن سداد الإيجارات وأجور العاملين لدينا".
واتفق معه صاحب أحد البازارات في سوق الأقصر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، موضحًا أن طبيعة عمله تعتمد بشكل أساسي على استقبال الزبائن في الفترة المسائية.
وأشار لـ"الشروق"، إلى أن السياح يبحثون عن متنفس ترفيهي لهم في المساء بعد زيارة المعالم الأثرية نهارًا، وأن القرار يجبرهم على المغادرة في أوقات السهر؛ مما يؤدي إلى عزوفهم وخسارة مالية كبيرة لأصحاب البازارات.
وطالب بضرورة إعادة النظر في القرار وتطبيق استثناءات للمناطق السياحية والمقاهي بصفة خاصة؛ لأن الضرر الواقع عليهم لا يقتصر على الجانب المادي فحسب، بل يمتد إلى فقدان زبائنهم الدائمين الذين يسعون لشراء تذكارات من الأقصر في كل مرة يزورونها.
ومن جهته، قال اللواء علي الشرابي، رئيس مدينة الأقصر، إن على أصحاب المحال الالتزام بمواعيد الإغلاق الشتوية، مؤكدًا أن المخالفين سيقعون تحت طائلة القانون، حيث تبدأ العقوبة بإنذار، ثم غرامة مالية، يعقبها غلق لمدة أسبوع، وفي حال التكرار، يتم الغلق النهائي مع مراجعة الترخيص من قبل مجلس المدينة، وفقًا لقانون المحال العامة رقم 154 لسنة 2019.
وأوضح الشرابي، لـ"الشروق"، أن اليوم الأول لتطبيق القرار شهد التزامًا كبيرًا من جانب أصحاب المحال والمقاهي والورش، مشيرًا إلى أنه تم توجيه إنذارات لعدد قليل جداً من المخالفين، الذين سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية معهم في حال عدم الالتزام.
وأكد رئيس مدينة الأقصر، أن سلطات المحافظة تتابع التزام المحال بمواعيد الغلق من خلال لجان مشتركة بين الوحدات المحلية والجهات المختصة، التي تقوم بالمرور على الشوارع لمراقبة تنفيذ القرار.