يُشكل الحريديم وأحزابهم داخل الكنيست الإسرائيلي أزمة كبيرة خلال تلك الأيام، تعوق مهمة بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة، بسبب رفض أحزاب الائتلاف قانون يقضي بتجنيد شباب الحريديم.
وتعتبر أزمة تجنيد شباب الحريديم هي محور صراع بين الحريديم ومجموعة الأغلبية اليهودية غير المتدينة، وبين الجماعة المتشددة وبين الصهيونية الدينية التي يتجند شبانها بالجيش.
ويتمتع طلاب المدارس اليهودية "الحريديم" بالإعفاء من الخدمة العسكرية الإجبارية، بقرار أصدره رئيس الوزراء الأسبق دافيد بن غوريون عام 1948.
والحريديم هم جماعة من اليهود المتدينين ويعتبرون كـ"الأصوليون" حيث يطبقون الطقوس الدينية ويعيشون حياتهم اليومية وفق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية، ويرتدون أزياء يهود شرق أوروبا، "المعطف الطويل الأسود والقبعة السوداء، ويضيفون له الطاليت ويرسلون ذقونهم إلى صدورهم وتتدلى على آذانهم خصلات من الشعر"، ولايتحدث الحريديم العبرية، لكنهم يفضلون التحدث اليديشية "لغة يهود أوروبا"،
ويعتبروا من اليهود المتشددين في أداء العبادات والطقوس الدينية، الأمر الذي دفعهم إلى الانعزال عن اليهود الغير مقيدين بالتعاليم الدينية.
الذكور في المجتمع الحريديم يستمرون في المدارس الدينية حتى سن 40 عامًا، لذلك لا يشاركون في القوى العاملة في المجتمع الإسرائيلي، وبالتالي لايشاركون في التجنيد الإجباري، فهم يؤمنون بترك كل النشاطات العالمية والتفرغ للدراسات الروحية، وأي عمل غير ذلك يعتبر خطيئة.
وعاد الحديث من جديد عن طالبات أحزاب المعارضة بتطبيق التجنيد الإجباري عليهم، وإلغاء العمل بقانون دافيد بن غوريون عام 1948، الذي استمر حتى عام 1998، بعد إصدار المحكمة العليا قرارا يُلزم بتشريع قانون أو آلية عمل تُنظم مسألة تجنيد الحريديم.
الخطورة أطلقها الكنيست عام 2002 بتشريع "قانون طال"، وبدء تطبيقه بعد خمس سنوات، وقامت وزارة الدفاع بتأجيل الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية لمدة أربع سنوات، على أن يتم في السنة الخامسة تحديد حاجة الجيش إلى عدد معين منهم للجيش أو للخدمة المدنية، أو الاستمرار في إعفائهم من الخدمة.
وظل العمل بالقانون، حتى حكومة نتنياهو الثالثة بين عامي 2013 و2015، بعد استبعاد أحزاب الحريديم منها، بعد مبادرة مبادرة حزب "يش عتيد" برئاسة وزير المالية يائير لبيد، بسن قانون "المساواة في تقاسم العبء" الذي يهدف إلى زيادة عدد الطلاب المتدينين الذين يتجندون في الجيش، وبعدها دمجهم في سوق العمل الإسرائيلية.
ومع الحكومة تشكيل الرابعة عام 2015، انضمت أحزاب الحريديم إلى الائتلاف واستثنى حزب "يش عتيد"، وتم إلغاء التعديل الذي قامت به الحكومة السابقة، وجرى سن قانون جديد يتيح تأجيل تجنيد المتدينين حتى عام 2023.
وعام 2017 ألغت المحكمة العليا، القانون الذي يعفي رجال الحريديم الذين يدرسون التوراة في المعاهد والمدارس الدينية اليهودية من الخدمة العسكرية؛ لأنه لا يحقق المساواة بين المفروض عليهم التجنيد، وتم تجميد العمل بالقرار لمدة عام لمنح الحكومة فرصة وضع إجراءات بديلة، وتشريع قانون جديد حتى مع نهاية عام 2018.
وبالفعل تم تشريع القانون وتمت الموافقة عليه من قبل الحكومة في الأول من يوليو عام 2018، وسط معارضة أحزاب "الحريديم"، وحصل على موافقة الكنيست على خلال قرأته الأولى ورفضت أحزاب الحريديم المشاركة في الائتلاف ضد القانون.
ويُعد القانون هو جوهر الأزمة داخل الكنيست التي تُعيق تشكيل الحكومة وسط معارضة أحزاب الحريديم، وإصرار أحزاب المعارضة على تطبيقه على رأسهم ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا.