أحلام الطفولة تتحقق في الشباب.. هبة الصغير تُصدر كتابا يبحث في جماليات السينما المصرية - بوابة الشروق
الخميس 23 مايو 2024 9:17 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحلام الطفولة تتحقق في الشباب.. هبة الصغير تُصدر كتابا يبحث في جماليات السينما المصرية

الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الأربعاء 29 يونيو 2022 - 2:37 م | آخر تحديث: الأربعاء 29 يونيو 2022 - 2:37 م

فتاة صغيرة تجلس أمام التلفاز في منزلها، تلمع عيونها عند رؤية سرير سعاد حسني في صغيرة على الحب كانت تنبهر به، كيف أن يُطوى سرير داخل حائط بهذا الشكل، ولكنها لم تكن تتخيل أن يصبح هذا الانبهار مصدر إلهام لفكرة كتاب يبحث في الذوق الحديث لأثاث وديكور الأفلام المصرية.

هبة مصطفى الصغير، خريجة كلية الإعلام قسم الصحافة، حصلت على ماجستير في نفس المجال وعُينت في جامعة الأهرام الكندية، لديها اهتمام بالفنون عامة، وتحب الشعر وعزف "الجيتار" على وجه التحديد، اهتمامها بهندسة المناظر بدأ منذ الطفولة، ولكن فكرة كتابها اختمرت داخل عقلها خلال فترة الجائحة والإغلاق الذي أجبر ملايين البشر على البقاء داخل منازلهم.

ظروف تفشي كورونا الصعبة التي أصابت الكثيرين بالإحباط خاصة مع وجود إصابات في دائرتها المحيطة بها، كانت مرحلة انطلاق جديدة لها في عالم السينما المصرية، وفي اتجاه جديد من خلال كتابها "الذوق الحديث في أثاث وديكور الأفلام المصرية 1950 -1979".

استغلت هبة الفترة الطويلة التي كانت تجلس فيها داخل المنزل في عمل الأشياء التي تحبها.. القراءة ومشاهدة الأفلام الوثائقية.

وأثناء متابعتها أحد الأفلام، وكان يحكي عن مدرسة ألمانية معنية بالفنون التطبيقية تسمى "الباوهاوس"، والتي كان هدفها الأساسي الدمج بين الفن والحرفة، اكتشفت وجود تشابه بين ما كانت تقدمه هذه المدرسة الفنية وما كانت تراه في طفولتها في أفلام الحقبة الزمنية المشار لها سابقا، ومن هنا كانت نقطة الانطلاق.

قدمت هبة ورقة بحثية فيما بعد تدرس تأثير هذه المدرسة على ديكورات الأفلام المصرية خلال الحقب الزمنية الثلاثة، ونال البحث جائزة الأفضل في المؤتمر الدولي لمجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية، وتحول الأمر مع منحة الصندوق العربي للثقافة والفنون إلى حلم يقترب تحقيقه، وبدأت هبة في التجهيز والإعداد لكتابها، بعد مرحلة صعبة واجهتها في الموجة الثانية من فيروس كورونا.

تروي هبة لـ"الشروق"، كيف كان هذا الشغف الطفولي تجاه عالم هندسة المناظر داخل السينما المصرية وهو الاسم الصحيح لكلمة "ديكور"، قد دفعها للاختلاط بمجالات أخرى وقراءة ودراسة العديد من الأمور.

وقالت: "الموضوع مرهق جداً ويحتاج لقراءات سياسية وفنية مختلفة لفهم سياقات مختلفة تساعد في الكتابة، كما أن عملية البحث كان بها جوانب مادية مكلفة جداً لضرورة اقتناء بعض الصور وأيضاً جانب من الإرهاق ارتبط برحلة البحث عن عائلة مهندس المناظر المصري ماهر عبد النور والوصول لمقتنياته"، وهذا المهندس فردت له هبة فصلا كاملا في كتابها.

وعللت هبة اهتمامها القوي بالمهندس ماهر عبدالنور، لأنه الاسم الأكثر تكرارا في تتبعها لرحلة الذوق الحديث خلال الفترة المحددة، وادهشها عدم وجود معلومات كافية عنه؛ فقررت تكريس فصل منفصل له.

ووفق المعلومات التي حصلت عليها، كان عبدالنور أول معماري يدخل مجال هندسة المناظر؛ لذلك أدخل حسا جديدا للتصميمات، وذكرت أنه بالطبع يوجد مصممين كُثر جداً متميزين، ولكن الكتاب لا يتسع لهم جميعاً، فكانت نقطة اختيارها للأسماء هو الذوق الحديث في التصميمات.

وعند ملاحظتها فترة السبعينات كان يوجد أفلام بها ملامح عصرية ومستقبلية مرتبطة بالتكنولوجيا، مثل "النداهة" أو ألوان ديكورات مختلفة عن السائد مثل "حافية على جسر الذهب"، ووجدت وراء هذا الذوق اسم نهاد بهجت، لذلك انضم لكتابها، بالإضافة إلى أنسي أبوسيف والذي اكتفت بفيلم واحد له لأنه ضمن سياق بحثها.

تقدم هبة في كتابها مجموعة من الفصول المختلفة عن السينما المصرية وأيضاً العربي، سوريا والمغرب والجزائر، وأيضاً تعقد مقارنة بين القديم والحديث من خلال أفلام مطلع الألفية الثالثة؛ ما جعل الكتاب زاخراً بأنواع مختلفة من المعرفة المرتبطة بسياقه، وحرصت هبة على وضع هذه المقارنات إعمالاً بمبدأ "الإنسان لا يعرف الشيء في ذاته ولكن بمقارنته بآخر"، على حد قولها.

وقالت: "القارئ المتمعن في هذا الكتاب يستطيع بسهولة الشعور بوحدة الموضوع، وهو الذوق الحديث المستغني عن الزخارف والأشكال الطبيعية، ويركز على الأشكال الهندسية، وينتمي لأي من مدارس أو حركات الفن الحديث، مثلا أفلام استخدمت الباوهاوس وأفلام لجأت إلى الآرت نوفو، وهدفها إدماج الفن بالتكنولوجيا -كنبة تخرج من الحائط / سرير ينضم إلى الحائط- وكنت معنية بتحليل كل شيء مرتبط بهذا الذوق، وبالتأكيد العقل المنفذ لكل هذا".

وأضافت: "السينما المصرية فيما يخص هندسة المنظر كانت مبهرة بنسبة لي، وشغلني سؤال حينها هل أنا منبهرة لأني لم أرى أفلام عربية أخرى ومدى ارتباطها بالفن الحديث، وكانت إشكالية بنسبالية، فقررت مقارنة السينما المصرية بسينمات عربية أخرى، ونتيجة لهذا البحث اكتشفت العوامل المؤثرة على الصورة التي تظهر في الأفلام، الموضوع ليس جمالياً فقط، له أبعاد أخرى، على سبيل المثال أفلام المغرب العربي إذا وظفت الذوق الحديث يتم إضافة تفاصيل خاصة بثقافتهم الاجتماعية إلى الديكور، وذلك يعود لفكرة التحرر من المستعمر حينها وحرص على الهوية وتعزيزها".

وقالت: "أهم ما يركز عليه الكتاب وتوصلت له في النتائج أن الديكور ليس مجرد جمادات، ولكن يحمل رسالة وراءه تختلط بسياقات مختلفة، سياق سياسي واجتماعي واقتصادي، وتشير لنمط إنتاج الفيلم، وعلاقته بالنظم المحيطة به، على سبيل المثال لاحظت أن الأفلام المنتجة من القطاع العام والخاص على حد سواء كان بها اهتمام من الجانبين بهندسة المناظر، وحرص على أن تخرج الصورة غنية للمشاهد، وأيضاً مهندسي المناظر المصريين كان لديهم زخم وتعددية بسبب التنوع العام في مصر ووجود جنسيات مختلفة".

كما أشارت هبة لتأثير مدرسة "الباوهاوس" الألمانية على ماهر عبدالنور والفترة التي شارك فيها في صناعة الأفلام، كانت هناك مدارس أخرى ركزت عليها في كتابها، ومنها أسلوب "فيرنر بانتون"، المنتمي للمدرسة الدينماركية، وكانت مؤثرة على الرعيل الثالث من مهندسي المناظر المصريين، وهو أسلوب أحدث طفرة في تصاميم الأثاث ووحدات الإضاءة وديكورات الحوائط وألوان الطلاء، وكان أسلوب فيرنر بانتون يميل إلى الألوان الساخنة واستخدام مواد أخرى غير الخشب مثل المواد البلاستيكية في صناعة الأثاث ومن الأفلام المصرية المتأثرة بهذا الذوق "أوهام الحب" لأنسي أبو سيف، "رحلة العمر" و"النداهة" و"حافية على جسر من الذهب" لنهاد بهجت.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك