بعد أن قضت 10 سنوات في أحد أكثر السجون الإيرانية بشاعة، الآن تواجه نسرين ستودة أشهر ناشطة إيرانية خطر الموت، بعد أن اضربت عن الطعام، ما سبب لها تقلبات كبيرة في ضغط الدم ومستويات السكر، عوضًا عن فقدانها نحو 6 كيلوجرامات من وزنها.
وقال رضا خندان، زوج نسرين في منشورات له عبر فيس بوك، اليوم السبت، إن زوجته التي كانت تعمل محامية وناشطة حقوقية إيرانية، ومعتقلة في سجن "إيفين" سيء السمعة في العاصمة الإيرانية طهران، بدأت صحتها تتدهور بعد 17 يومًا من إضرابها عن الطعام.
وبدأت "ستودة" إضرابها في 11 أغسطس الجاري، احتجاجًا على ما وصفته بالظروف غير العادلة وغير القانونية للسجناء السياسيين في البلاد، اللذين ساءت أوضاعهم بشدة بعد أزمة فيروس كورونا المستجد، منذ أن غزت إيران لجعلها بؤرة عالمية للمرض.
لكن مع تردي أوضاعها الصحية، ناشد 44 محاميًا إيرانيا نسرين وغيرها من السجناء السياسيين، الأسبوع الماضي، إنهاء إضرابهم عن الطعام وعدم تعريض حياتهم للخطر، حيث قالوا في رسالة لها إنها وبعض المواطنين المضطهدين في السجن، الذين لا يجدون طريقة لاستعادة حقوقهم وحقوق الناس، قد أضربوا عن الطعام كملاذ أخير، وأنه من خلال المخاطرة بصحتهم يسعون للتأثير على السلوك الاستبدادي وغير القضائي للحكام، وإيصال رسالتهم إلى الناس.
من هي نسرين ستودة؟
محامية إيرانية بارزة وناشطة في حقوق الإنسان، اشتهرت من خِلال دفاعها عن سياسيين ونشطاء معارضين بعد إعادة انتخاب رئيس الوزراء السابق أحمدي نجاد في 2009، مثل عيسى سحرخيز، وحشمت تبرزادي، ومساجين محكوم عليهم بالإعدام في جرائم ارتكبوها وهم قصَّر.
وكانت نسرين عضواً في مركز المدافعين عن حقوق الإنسان، الذي شكلته شيرين عبادي الحائزة على جائزة "نوبل"، ومحامون آخرون كنرجس محمدي المعتقلة أيضًا، وسجنت سابقًا بسبب الدفاع عن سجناء سياسيين، بما فيهم شيرين، بحسب موقع العربية.
ولدت نسرين عام 1963 في أسرة متدينة تنتمي للطبقة المتوسطة، وتزوجت من رضا خندان، وأنجبت منه طفلين.
أرادت دراسة الفلسفة وعند التحاقها باختبارات التأهل لم تتمكن من دراسة الفلسفة، ما دفعها لدراسة القانون في جامعة شهيد بهشتي بطهران، وعلى الرغم من أنها خاضت امتحان القبول بنجاح في عام 1995، كان عليها الانتظار لـ8 سنوات حتى تحصل على رخصة مزاولة المهنة.
سبب الاعتقال
منذ احتجازها من قبل السلطات الإيرانية في عام 2018، بعد قيامها بالدفاع عن نساء جرى اعتقالهن بسبب الاحتجاج السلمي على قانون الحجاب الإجباري في إيران، أصبحت نسرين أيقونة معارضة وأشهر ناشطة سياسية في ايران.
ففي 2018 حكمت السلطات عليها بـ148 جلدة والسجن لمدة 38 عامًا، بتهمة التجسس ونشر معلومات ضد الدولة، وإهانة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وكذلك بسبب دفاعها عن نساء كن قد خلعن حجابهن في الأماكن العامة؛ احتجاجا على قوانين فرض الحجاب الإجبارية، عوضًا عن مدافعهتا عن المتهمين بجرائم الأمن القومي وقضايا السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي.
وفيما بعد خففت العقوبات بحقها إلى 5 سنوات، بضغوط دولية، وعلى الرغم من أن السلطات أفرجت عن آلاف السجناء العاديين ومنهم السياسيين عقب انتشار فيروس كورونا، إلا أنها رفضت إطلاق سراح بعض السجناء السياسية والرأي الآخرين بما فيهم نسرين، أو حتى منحهم إجازة.
لكن منظمة العفو الدولية قالت في مارس 2019، إن الحكم على المحامية الإيرانية البارزة في مجال حقوق الإنسان والمدافعة عن حقوق المرأة، هو السجن 33 عامًا و148 جلدة، نقلًا عن زوجها رضا خندان، الذي قال إنه حكم يمثل جميع ملفاتها.
سجن "إيفين" سيء السمعة
هو سجن يقع في منطقة "إيفين" شمال غرب طهران، ويُشتهر باحتجاز السجناء السياسيين داخله، وسجناء الرأي العام قبل وبعد الثورة الإيرانية الإسلامية عام 1979، حيث يحتوي على عدد كبير من المثقفين.
وشُيد السجن عام 1972 في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، ويقع عند سفوح جبال ألبرز، وتحتوي باحة السجن على ساحة مخصصة للإعدام وقاعة محكمة ثم قطاعات منفصلة للمجرمين العاديين والسجينات.
وشُغّل السجن من قبل الأمن التابع للشاه وجهاز المخابرات السافاك، وصُمِّمَ منذ البداية ليحتوي على 320 سجينًا، ثم تمت توسعته في عام 1977 ليحتوي على أكثر من 1500 سجين.