رانية حسين أمين لـ«الشروق»:ازدهار أدب الأطفال يبدأ بتشجيع ودعم الناشرين والمؤلفين وإنشاء أقسام له بالجامعات - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 9:33 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رانية حسين أمين لـ«الشروق»:ازدهار أدب الأطفال يبدأ بتشجيع ودعم الناشرين والمؤلفين وإنشاء أقسام له بالجامعات

حوار ــ شيماء شناوى:
نشر في: الجمعة 30 أكتوبر 2020 - 10:22 م | آخر تحديث: الجمعة 30 أكتوبر 2020 - 10:22 م

ــ كتبت قصة «منكوش» حتى يتعرف الأطفال على طائر الغراب بشكل حقيقى بعيدا عن الخرافات
ــ كتابة قصة قريبة من قلب الطفل تحتاج أن يكون الكاتب طفلا كبيرا
ــ فرض قناعة الكاتب الشخصية عندما يكتب للأطفال عملا غير أخلاقى ويعتبر غسيل مخ
ــ «هل أنت سعيد؟» جاء بعد شكاوى الأهالى أن حالة أطفالهم النفسية ساءت بعد الكورونا
ــ على الدولة تبنى حملات كـ«القراءة للجميع» لتكون أسعار كتب الأطفال فى متناول الجميع
ــ إيطاليا أنشأت حضانات مزودة بأحدث الأدوات والمناهج فى أكثر المناطق فقرًا لأنهم كانوا يخططون لسنوات للأمام
ــ نحتاج إلى مسابقات وجوائز لتشجيع الناشرين على إنتاج كتب الأطفال
ــ علينا التفكير فى طرق جديدة لتسويق كتب الأطفال تتماشى مع العصر
ــ ضرر الشاشات على الطفل أكبر من نفعها

أدب الأطفال تاريخ طويل ومكانة كبيرة، كونه البوابة الأولى للمعرفة وإحدى الطرق المبكرة التى يكتشف فيها الصغار العالم. هناك الكثير من قصص الأطفال الشعبية والخيالية، التى يرجع تاريخ بعضها إلى عصور ما قبل الكتابة وحتى أشهر الكتب فى عصرنا الحالى من مؤلفات قد شكلت الوجدان، وساهمت فى تنمية الفكر والثقافة والإبداع لدى الطفل والكبار أيضًا، إلا أنه وبالرغم من أهمية هذا الأدب لا يزال لا يلقى التقدير والدعم الذى يستحقه فى عالمنا العربى.

وحول أهمية هذا والشروط التى تضمن تقديمه بصورة جيدة، وتأثير محدودية الجوائز الممنوحة لأدب الأطفال والناشئة فى إنعاش سوق النشر، وأبرز التحديات التى يواجهها بشكل عام كان لـ«الشروق» هذا الحوار التالى مع الكاتبة رانية أمين حسين، وهى واحدة من أهم مؤلفى أدب الطفل، حيث قدمت أكثر من 45 كتابًا للأطفال من عمر ثلاث سنوات وحتى 16 عامًا، وحصلت على العديد من كبرى الجوائز المصرية والعربية منها: الجائزة الأولى فى مسابقة اتصالات لكتب اليافعين، وجائزة «مؤسسة أنا ليند»، كما فازت بجائزة «كتابي»، لعدة مرات، وبجائزة تقديرية فى مسابقة سوزان مبارك لأدب الطفل لمرتين متتاليتين. وحديثا أصدرت كتابى «منكوش»، و«هل أنت سعيد» عن دار الشروق.

* فى أحدث مؤلفاتك «منكوش» حاولت تغيير الثقافة السائدة لدينا حول طائر الغراب.. لماذا الاهتمام بهذا الموضوع؟
ــ تضايقنى المعتقدات الخاطئة التى نتوارثها جيلا بعد جيل، ومنها مثلا أن الكلب حيوان «نجس» أو أن الغراب فأل شؤم. وهذه المعتقدات تتسبب فى أذى كبير لهذه الحيوانات وتجعل حياتها جحيما بيننا دون أن يقترفوا أى ذنب. معظمنا لا يعرف الكثير عن الغراب على سبيل المثال. فنحن لا نعرف أنه أذكى طائر ومن أذكى الحيوانات على الإطلاق، فهو من الحيوانات القليلة الذى يشترك مع البنى آدم فى كونه يمتلك ذكاءً عاطفيا كبيرا جدا. فهم يعيشون فى مجتمعات يهتم فيها الأب والأم معا بالصغار حتى يكبروا، وهم يدفنون موتاهم ويشعرون بالغيرة ويعاقبون المخطئ ويكافئون من يساعدهم بإحضار الهدايا لهم وغير ذلك الكثير، وكان يحزننى كثيرا أننا لا نتكلم مع أطفالنا عن مثل هذه الأشياء بل نكتفى بإخبارهم أن الغراب قبيح وأنه شؤم فينتج عن هذا تصرفات عنيفة تجاه هذا الحيوان الجميل. ولهذا كتبت قصة «منكوش» الصادرة حديثًا عن «دار الشروق» حتى أقرب هذا الحيوان من قلب الأطفال أكثر ليعرفوه بشكل حقيقى بعيدا عن الخرافات.

* أشرت فى كتابك «هل أنت سعيد؟» إلى فيروس كورونا.. من أين جاءت الفكرة؟
ــ جاءت فكرة هذا الكتاب بعد أن سمعت وقرأت العديد من الشكاوى للأهالى أن حالة أطفالهم النفسية ساءت كثيرا بعد الكورونا وما تسببت فيه من عزل منزلى إجبارى، ووضعت نفسى مكانهم وشعرت كم هو صعب أن يبقى طفل هكذا بدون حركة وبدون أصدقاء خاصة فى جو مشحون بالقلق والكآبة، وفكرت أن ما يحتاج إليه الطفل الآن هو أسلوب تفكير مختلف أكثر من أى شيء آخر. فالطفل يحتاج أن يتعلم كيف يرى الجيد فى المشكلة، كيف يبحث عن شىء يسعده، ويجب أن يتعلم أن هناك دائما ما يمكن أن يسعدنا حتى فى أصعب الأزمات. فبدأت القصة بحيوانات محبوسة فى حديقة الحيوان وأردت أن يتساءل الطفل معى إن كانت هذه الحيوانات سعيدة أم لا فى هذه الظروف الصعبة، وأن يكتشف أن كل واحد من هذه الحيوانات يستطيع أن يجد ما يسعده.

* برأيك لماذا لا يحظى أدب الأطفال بالدعم المستحق؟
ــ ربما لأن كل ما يخص الطفل محتاج إلى أشخاص لديها بعد نظر وتخطط لسنوات للأمام، ونحن عندما نبنى فى الأغلب نريد أن نرى النتيجة فورا. فى إيطاليا فى أوائل القرن الماضى أنشأت الحكومة الإيطالية بمساعدة التربوية ماريا مونتيسورى، العديد من الحضانات المزودة بأحدث الأدوات والمناهج فى أكثر المناطق الفقيرة؛ لأنهم كانوا يخططون لسنوات للأمام. ونحن نحتاج إلى مثل هذا التخطيط فيما يخص إنتاج أكبر من كتب الأطفال وحملات تسويقية كبيرة ومنتشرة عبر كل المدن ولكل المستويات الاجتماعية، ولهذا يجب أيضا تبنى حملات كـ«القراءة للجميع» لتكون أسعار الكتب فى متناول يد الجميع. أتمنى أن نبدأ ولو بخطوات صغيرة.

* برأيك هل محدودية جوائز أدب الأطفال والناشئة تؤثر فى إنعاش سوق النشر؟
ــ بالتأكيد.. فنحن نحتاج إلى المزيد من المسابقات والجوائز الكبيرة المحترمة ــ بالذات المحلية ــ لتشجيع الناشرين على إنتاج المزيد من كتب الأطفال. وهذا كان موجودا بالفعل فى الماضى، أيام مسابقة سوزان مبارك لأدب الطفل. وأحدثت هذه المسابقة حراكا مهما، استفاد منها ناشرون ومؤلفون ورسامون كتب الأطفال، والأطفال أنفسهم. ولكن الآن ينتج الناشر أعدادا محدودة جدا من كتب الأطفال وهذا يسبب إحباطا كبيرا لكل من يعمل أو يريد أن يعمل فى هذا المجال.

* ما الشروط التى يحتاجها تقديم أدب أطفال جيد؟
ــ أولا أن يكون لدى الكاتب إدراك كبير بعلم النفس وبخاصة تربية الطفل، ويفهم جيدا ما يجذب الطفل وما يرفضه وما يؤثر فيه إيجابيا وما يضره. وليستطيع الكاتب كتابة قصة قريبة من قلب الطفل يجب أن يكون هو نفسه طفلا كبيرا، أى يكون محتفظا ببعض من براءة الطفولة ولديه القدرة على استرجاع طفولته وأن يكتب كطفل وليس كبالغ أو كمربٍ، فيبتعد تماما عن الإرشاد والتوجيه، وأن يرى الدنيا من منظور طفل. ولكن فى نفس الوقت يجب أن يكون لديه الذكاء الكافى لإفادة الطفل وغرس كل القيم الجميلة بداخله بشكل غير مباشر ودون أن يشعر الطفل على الإطلاق أن هناك من يوجهه.

* ما المعايير التى تحدد ملاءمة المحتوى لجمهور من صغار السن من عدمه؟
ــ أهم معيار أن تكون اللغة بسيطة «حسب عمر الطفل»، ويجب أن يكون البطل طفلا أكبر قليلا من عمر القارئ حتى يرغب الطفل فى متابعته. وأن يكون هناك رسالة ما فى القصة تكتب بشكل غير مباشر، أى أن ينتهى الطفل من قراءتها وهو يشعر أنه كبر بعض الشيء أو أن يكون قد تغير للأفضل بشكل ما. ولكن إن كانت القصة مثلا هدفها مجرد التسلية والإضحاك، فهذا أيضا مقبول.
وأيضا مهم أن يكون الطفل البطل هو من يحل المشكلة أو الصراع فى القصة حتى نمكن الطفل ونشعره بأنه قادر على حل المشاكل. وهذه نقطة مهمة جدا يغفلها الكثير من كتاب قصص الأطفال المبتدئين فيجعلون من يحل المشكلة فى النهاية الأم أو الأب أو المعلمة. أيضا يجب أن تكون قصة الأطفال ــ وحتى قصة المراهقين حتى 16 سنة ــ نهايتها سعيدة. فالأطفال بطبيعتهم، وبالذات فى سن المراهقة، يرهبون المستقبل ويشعرون أن ما آتى غير مفهوم وغير واضح، فليس من الحكمة إطلاقا أن نزيد من قلقهم أو أن نشعرهم أن المستقبل مظلم لا أمل فيه.

* ما الوصفة التى نحتاجها فى العالم العربى للنهوض والازدهار بأدب الأطفال؟
ــ أولا يجب أن يكون هناك تخصص فى أدب الطفل فى جامعاتنا، وأن يتعلم كل من يرغب فى الكتابة للطفل أيضا كل ما يخص تربية الأطفال كما يتعلم قوانين كتابة القصة. كما ذكرت أيضا يجب أن يكون هناك المزيد من المسابقات بجوائز كبيرة لتحفيز الناشرين والمؤلفين والرسامين على إنتاج المزيد من الكتب، وأخيرًا أعتقد أنه من المهم أن نفكر فى أفكار جديدة لتسويق كتب الأطفال تتماشى مع هذا العصر ومع الأساليب الجديدة فى التسويق.

* ولماذا اعتبرت بعض الدراسات القديمة أن أدب الأطفال لا يشمل الكتب الكوميديا المصورة واعتبرتها سطحية؟
ــ ربما لأن الكثير منها كان سطحيًا فعلا، ولو أن كل ما يعجب الطفل حقا ويضحك عليه ويسليه لا يجب أن نستهين به أو نقلل من شأنه. الآن أصبحت القصص المصورة أكثر نضجا وفنا فى بلدان كثيرة وأتمنى أن نقوم نحن أيضا بالاهتمام بهذا الفن فهو فن مهم ويحبه الأطفال كثيرا، وقد يكون بالنسبة لأطفال كثيرة أول سِلِمة فى عالم الكتاب.

* هل أثرت التكنولوجيا بالسلب على عادة الأطفال فى القراءة؟
ــ أعتقد ذلك، نعم. فالتكنولوجيا الجديدة عودت الطفل على الإيقاع السريع جدا فى التعامل مع أى شيء أمامه، وبسبب إمكانية تغيير ما يشاهده أو يقرأه على الشاشة عند أول لحظة ملل، أصبحت القراءة عادة أكثر مللا بالنسبة للطفل الآن والكثير منهم يتشتتون بسرعة جدا ويبحثون عن الأشياء الأكثر تسلية والأكثر حركة وألوانا على الشاشة.
ويجب إدراك أن لأدب الطفل دورا مهما فى تربية الطفل وفى بناء شخصيته، ففى بداية حياته عندما تقرأ الأم أو الأب له القصص يتفتح أمامه عالم جديد مليء بالشخصيات والحيوانات والأحداث والبلدان الجديدة عليه، وهذا يزيد من ذكائه وإدراكه وفهمه للأمور. القراءة للطفل أيضا تزود من مفرداته اللغوية وتساعد الأهل على بدء حوارات مختلفة مع الطفل ومناقشة أشياء قد لا تخطر على بالهم بدون الكتاب.. وأهم دور للكتاب فى هذه السن الصغيرة هو أنه يقرب الطفل عاطفيا من أهله، فلا شيء يسعد الطفل أكثر من الجلوس فى حضن أمه أو أبيه وسماع صوتهما، بينما هم يروون له قصة مسلية، وعندما يكبر ويبدأ فى القراءة بمفرده تستمر بالطبع ميزة تقوية اللغة وفهم العالم بشكل أفضل عن طريق تزويده بالمعلومات، وأيضا تزوده القراءة بالقيم بشكل غير مباشر وفى سياق قصة مسلية فتكون أكثر تأثيرا بكثير من إلقاء المواعظ عليه بشكل مباشر كما يحدث مثلا فى المناهج المدرسية. الكتب أيضا تزود الطفل بمهارات اجتماعية، فالكتاب دائما به العديد من الشخصيات المختلفة وعن طريق القراءة يفهم الطفل الناس من حوله بشكل أكبر. التعود على القراءة أيضا يحبب الطفل فى الكتاب، فبالتالى تكون الكتب المدرسية شيئا مألوفا بالنسبة للطفل القارئ وهذا سيسهل له المذاكرة بشكل كبير.

* وهل يجوز للكاتب تقديم أدب ذا طابع تعليمى وأخلاقى للأطفال أم أن الأمر يعد تدخلا خاصة مع اختلاف البيئات الثقافية؟
ــ فى رأيى الشخصى أن الكاتب ــ كالوالدين ــ يجب أن يكون حريصا جدا بألا يشكل الطفل كما يحلو له، وأن يكون لديه الوعى الكامل عن الفارق ما بين القيم المشتركة فى العالم كله والتى لا يوجد عليها أى اختلافات كـ«قيمة الحب والعدل والجمال والمشاركة والطيبة والاجتهاد فى العمل وغير ذلك»، وبعيدًا عن المواضوعات التى تحاول إقناع الطفل بقناعاتنا نحن الشخصية، مثل المسائل الدينية أو الوطنية أو التقاليد المجتمعية. فهذا فى رأيى يعتبر تعديا على حرية الطفل الشخصية فى اختيار ما يريد اختياره وما يناسب ميوله الشخصية وشخصيته المميزة عندما يكبر ويكون أقرب لغسيل مخ وهذا فى اعتقادى شيء غير أخلاقى بالمرة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك