قرآن الله أم فرافير إدريس؟ - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قرآن الله أم فرافير إدريس؟

نشر فى : الأحد 1 مارس 2015 - 8:20 ص | آخر تحديث : الأحد 1 مارس 2015 - 8:20 ص

انطلق أتوبيس 132 بشرطة فى شارع شبرا، بينما أخذ السائق يمارس هوايته فى اختيار المطبات بعناية. كنت فى طريق عودتى من المدرسة. لففت يدى حول عمود معدنى محاولا الثبات على ظهر الأتوبيس الهائج، فيما قبضت أصابعى على مسرحية ليوسف إدريس. هجم حوار المسرحية على خلايا دماغى بشكل أعجزنى عن مقاومة القراءة.

اقترب منى زميل دراسة وسأل فى استنكار: بتقرا إيه؟ أجبته: "دى مسرحية اسمها الفرافير".

حوارنا دام ثوانى معدودة، لكنه أغرقنى على مدى سنوات، فى شعور دفين بالذنب بسبب عجزى عن الإجابة. نظر الصديق فى عينى وقال: "الفرافير؟! ده بدل ما تقعد تقرا فى المصحف؟! كلام ربنا مش أولى من يوسف إدريس، والا الفرافير أهم عندك من القرآن؟

عجزت عن الإجابة وتسرب شعور حارق بالذنب تحت جلدى.

الفرافير أم المصحف؟ هل يحتمل الأمر إجابتين؟

تمر أعوام وتنجلى الغمامة لأتعلم أن آليات السيطرة كانت دوما من أدوات المتاجرين برغبة الناس فى الإيمان بالخالق العظيم. محتكرو آليات السيطرة على الأتباع لا يحتاجون حتى لفرافير إدريس حتى يشعروك بالذنب. يكفى أن تولد لتصبح حاملا لخطيئة، ينبغى أن تتبرأ منها على يديهم.

السيطرة من خلال إشعارك بالذنب لن تنجح لو ربطها المتاجرون بما "يحتمل" أن تفعله. هذا لا يكفى. الأقوى أن ترتبط السيطرة بما لا يمكنك أن تتجنبه. هل يمكنك مثلا أن تتجنب أن تكون إنسانا كما خلقك الله؟

أهلا بك فى الفخ.

للشيخ محمد حسين يعقوب مقطع فيديو يقنع فيه الشباب بأنهم خطاة، وزناة. يقول فضيلته: الطالب الذى يحب زميلته فى الكلية، لا لمسها ولا كلمها فى التليفون ولا بعتلها رسالة ولا بيبصلها. بيحبها وخلاص لأنها منتقبة.. زنا.. هذا زنا القلب". هذا الرجل بالمناسبة هو من كان إسلام يكن يستمع إليه قبل أن يقرر التطهر من مجتمع الخطيئة الذى نعيش فيه ويلتحق بدولة داعش الإسلامية.

مخطئ من يحاول الرد على فضيلة الشيخ يعقوب بترسانة من الآيات والأحاديث عن أشكال العلاقات فى الإسلام.

آثم كل من يرد على صديقى الذى وضع كتاب الله مع مسرحية يوسف إدريس فى مقارنة.

مجرم كل من يظن أنه يفعل خيرا لو رد باستحضار المأثورات والأحاديث التى تتحدث عن فضل مجلس العلم على مجلس العبادة، أو طلب العلم فى الصين، أو عن فضل ومكانة العلم والعلماء.

مخطئون وآثمون ومجرمون لأنهم يدعمون نفس الحرب على الإنسانية، ويقدمون لها وقودا من حوارات المرجعية العقيمة، التى شحذت سيوف الإرهاب بالنص فى حرب منذ أكثر من عشرة قرون. حروب مستعرة حول النصوص ونصوص النصوص، وتفسيرات نصوص النصوص. حروب تحولت فيها الدماء إلى ثروات يبنون منها القصور، ويقودون بها سياراتهم الفارهة، ويبتسمون فى ورع وهم يحدثوننا عن فضل الله الذى أفاءه عليهم، بإيماننا بهم.

المفاضلة بين القرآن وعمل مسرحى مسألة مجافية للمنطق، ولا تختلف عمن يسألك عن حاصل جمع خمس برتقالات، مع ستة كيلووات كهرباء!
لا تقلق ولا تشعر بتأنيب الضمير كما شعرت انا عندما سئلت عن فرافير إدريس.

كن إنسانا. احترم مشاعرك ومشاعر الآخرين، استمتع بالحياة، وكن إنسانا لأن الله يحبك كما خلقك، ويعلم أنك تحبه أكثر كلما أحببت ما ومن خلقه من حولك.

التعليقات