غزوة أبريل الناعمة - محمد موسى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غزوة أبريل الناعمة

نشر فى : الأربعاء 1 مايو 2013 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 مايو 2013 - 8:05 ص

هم الآن فى واشنطن، فأين كانوا قبل ستة أشهر بالضبط؟.

 

كانت عناوين الأنباء فى سبتمبر الماضى تتحدث عن الفيلم المسىء للرسول (ص)، ودعت جماعة الإخوان كل القوى الوطنية إلى وقفات صاخبة حول السفارة الأمريكية، أما السلفيون، نجوم واشنطن هذا الأسبوع، فقد تفوقوا على أنفسهم حين طلبت الدعوة السلفية من الرئيس تعليق الاتصالات مع الولايات المتحدة حتى تقوم بإجراءات ضد منتجى الفيلم، وجاء مشهد العار بإحرق الإنجيل تتويجا للحشد الإخوانى السلفى ضد أمريكا، والمسيحيين، والغرب المتحلل على بعضه.

 

حدث كل هذا على خلفية الوعيد الجهادى المخيف. هدد عاصم عبدالماجد «بمعاقبة أقباط المهجر على جريمتهم بالقتل والإعدام فى أى مكان». أحال محمد الظواهرى إلى فتوى ابن تيمية بقتل من يسىء للنبى، ورفض توبته إذا تراجع. قال نادر بكار إن الأمر لن يمر دون رد مناسب، وحذر جمال صابر، مدير «لازم حازم» من غضبة المسلمين القادمة لا محالة، فأين هم الآن؟

 

كلهم الآن موجودون بطريقة أو بأخرى فى الوفد الذى يضم قادة حركات وأحزاب سياسية سلفية، فى أول زيارة من نوعها لواشنطن بعد الثورة، وعلى رأسهم ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، كما كتب الزميل محمد المنشاوى مراسل الشروق فى واشنطن صباح الجمعة الماضى.

 

الزميل، فى تقريره المهم، نقل عن مسئول أمريكى سابق أنه «من الطبيعى أن يزور السلفيون أمريكا، مثلهم فى هذا مثل الإخوان والليبراليين». وهو منطق مرفوض، فالسلفية هى الأرض المحسوبة دائما على يسار الاعتدال المزعوم للإخوان، ومنها خرجت حركات ظلامية مثل طالبان، وانطلقت صواريخ وطائرات مفخخة فى اتجاه الغرب دائما، فما الذى تغير؟

 

قد يشعر الأمريكيون أنهم يتحدثون مع ممثلى ٢٥٪ من الشعب، وأنها فرصة للتعرف على «أقصى اليمين الدينى»، وقد لبس البدلة وتحدث الإنجليزية، وقدم نفسه على أنه بديل الإخوان، كما يرى الكثيرون.

 

وواشنطن تتذكر جيدا رأى السلفيين فى الديمقراطية، وتصورهم عن الأقليات الدينية والمرأة ومفهوم المواطنة وحقوق وواجبات المواطن، لكن واشنطن تريد «أن تقول بصوت مرتفع إنها منفتحة على كل القوى السياسية المصرية، خاصة تلك التى لا تقترب معها فكريا وثقافيا»، كما لاحظ محمد المنشاوى من واشنطن. كما أن نفوذ السلفيين الجديد يفتح مجالا لنقاش محتدم بشأن الشريعة فى ضوء الديمقراطية المنتظرة، «وهو جدل حرص الإخوان على تجنبه»، كما لاحظت نيويورك تايمز.

 

لم ينفذ الجهاديون الجدد حرفا من تهديدات سبتمبر، لأنها بضاعة موجهة للاستهلاك المحلى وجمهور الانتخابات، وها هم يمدون الأيدى للعدو الآن، لأن المنفعة المتبادلة أهم وأبقى من إشعال الحرائق، وشغل الرأى العام بفتاوى ابن تيمية، ووعيد عبدالماجد بالقتل والإعدام على أى مكان بالأرض.

 

ليس من الصعب أن نتخيل ما سيقوله السلفيون للمسئولين الأمريكيين، لكن من المستحيل أن يبرروا لنا، ونحن إخوان الوطن والمصير، التناقض الكبير بين غضبة سبتمبر العارمة، وغزوة أبريل الناعمة.

محمد موسى  صحفي مصري