إسرائيل.. وفخ العزلة الدولية - إكرام لمعي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل.. وفخ العزلة الدولية

نشر فى : الجمعة 2 فبراير 2024 - 8:00 م | آخر تحديث : الجمعة 2 فبراير 2024 - 8:00 م
قرأتُ، مع انطلاق جلسات محكمة العدل الدولية فى لاهاى وذلك للنظر فى دعوى سبق وتقدمت بها دولة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، تتهمها بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، قرأتُ على موقع مجلة الإيكونوميست البريطانية أنها رجحت أن إسرائيل قد تدافع عن نفسها بأنها تشن حربًا بغزة ضد حركة حماس «الإرهابية» – مع العلم أن وزير دفاع إسرائيل يوآف جالانت قد قال قبلًا: «إنكم تحاربون حيوانات بشرية».
كما نقلت المجلة عن مدير مؤسسة «سيجنال ريسك» لتحليل المخاطر، رونالد جوبالداس، أن «جنوب إفريقيا تحاول استعادة جزء من مكانتها المعنوية كصوت للعالم الجنوبى، والتى أضاعتها بموقفها السابق حيال الحرب الروسية ــ الأوكرانية»، بعدم إدانتها الاجتياح الروسى لأوكرانيا. ورأت المجلة أن تلك الدعوى قد أزعجت الحلفاء الغربيين لإسرائيل، لكن فى المقابل لاقت الدعوى استحسان قوى «متوسطة» ناشئة مثل إندونيسيا وماليزيا وتركيا ومنظمة التعاون الإسلامى، وآخرين.
على الجانب الآخر، أوضحت الخارجية الإسرائيلية فى بيان لها أن «سكان القطاع ــ قطاع غزة ــ ليسوا هم العدو، وأنها تبذل قصارى جهدها للحد من الإضرار بغير المتورطين، وللسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة»، فهى كما تقول خارجيتها تحد من الإضرار بغير المتورطين ــ وهذا البيان يظهر كذبه من النظرة الأولى إلى الشاشات حيث نشاهد عبر الأقمار الصناعية البنايات وهى تهدم بشكل عدوانى عنيف جراء القصف المتوحش لها، كما أيضا يظهر كذبه فى القيود التى يضعونها لدخول أقل القليل من شاحنات المساعدات الإنسانية سواء من الأردن أو من مصر.
• • •
بحسب رأى المراقبين فإن الحكم الذى قد يصدر عن المحكمة الدولية ــ حتى لو لم تنفذه إسرائيل ــ «سيمثل ضربة لموقفها الدولى وستتغير الطريقة التى تتعامل بها دول أخرى مع إسرائيل ــ وستكون هذه الدول أقل استعدادا لبيع الأسلحة لها»، هذا بحسب ما قرأت على الموقع الإلكترونى لصحيفة الفايننشال تايمز البريطانية.
أما موقع صحيفة الجارديان، فقد قرأت مقالًا لصحفى يدعى تونى كارون وهو جنوب إفريقى، يقول «شبح العزلة الدولية الذى طالما تخوف منه قادة إسرائيل قد ظهر أخيرًا فى محكمة العدل الدولية». ورأى هذا الصحفى: إن قادة إسرائيل لم يكن ليتوقعوا ظهور مثل هذا الشبح بسبب دعوى قضائية ترفعها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد شعب غزة.
كما لفت «كارون» النظر إلى التصويتات التى جرت مؤخرًا فى الأمم المتحدة بأنها «صدمت المجتمع الدولى من وحشية إسرائيل فى غزة، ورغم تلك الصدمة لا يزال هذا المجتمع غير قادر على اتخاذ أى خطوة سواء إيجابية أو سلبية». حتى جاءت الخطوة الاستثنائية من جهة جنوب إفريقيا «باتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية أى اتهام من يحميها ويمكنها دبلوماسيًا ــ الولايات المتحدة الأمريكية ــ بالتواطؤ فى جريمة هى الأسوأ بين الجرائم»، وكَتَب أيضا إن «إسرائيل يمكن أن تعتمد على دعم أمريكا اللامحدود لها فى هذا الإجرام الممنهج»، مضيفا: إنها تشعر بالراحة إذ تتخذ طريق الولايات الأمريكية نفسه فى تحديها الصارخ واختراقها للقانون الدولى فى «الحرب على الارهاب» و«فى اجتياح العراق».
ظهر أيضا تقرير للكاتبة كيت بارتليت على الموقع الإلكترونى لراديو أمريكا، أشارت فيه إلى أن «انتصار جنوب إفريقيا فى هذه المعركة القضائية سيحرج إسرائيل دوليًا»، كما أكد حقوقيون عالميون ذلك. لكنها استدركت بالقول إن قرارات محكمة العدل الدولية ــ وإن كانت ملزمة قضائيًا ــ إلا أنها عادة لا تنفذ على أرض الواقع، مشيرة إلى عدم امتثال روسيا لحكم أصدرته المحكمة ذاتها فى عام 2022م يقضى بوقف اجتياح أوكرانيا.
هنا أبدت إسرائيل اعتراضها بشدة على موضوع الدعوى المقدمة ضدها من قبل جنوب إفريقيا، والتى تتهمها فيها بارتكاب ممارسات «إبادة جماعية والتى هى جزء من القمع الذى تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ عقود»، كما اعترض الدفاع الإسرائيلى على عريضة الاتهامات المرفوعة ضدها أمام محكمة العدل الدولية واصفة إياها بأنها «صورة مشوهة للغاية واقعيًا ومنطقيًا».
قال الدفاع الإسرائيلى يوم الجمعة 12 يناير 2024م إن حرب غزة جاءت فى إطار حقها الشرعى فى الدفاع عن شعبها ــ بقتل الشعب الفلسطينى وهدم البنايات على رءوس قاطنيها! ــ بينما اتهم حماس بأنها هى التى تمارس جريمة الإبادة الجماعية!.
أما رئيس فريق الدفاع الإسرائيلى، تال بيكر، فى محكمة العدل الدولية فقد قال «إن جنوب إفريقيا ــ للأسف ــ قد قدمت حقائق وروايات مشوهة إلى حد كبير». وهنا عرض مقاطع فيديو قال إنها تجسد «الفظائع» التى ارتكبتها حماس أثناء الهجوم على بلدات إسرائيلية فى 7 أكتوبر 2023م، مؤكدًا أن رد إسرائيل يأتى فى إطار الدفاع عن النفس ولا يستهدف السكان المدنيين قائلًا «إن إسرائيل منخرطة فى حرب دفاعية ضد حماس وليس الشعب الفلسطينى».
لكن يبدو أنه تناسى ما قاله يوآف جالانت حول منع الغذاء والماء وقطع الكهرباء عن أهل غزة ــ أهل غزة وليس حركة حماس ــ واصفًا إياهم بالحيوانات البشرية متفوقًا بهذا السلوك على النازى بعنصرية وقحة وبانتماء لمنطق العصابات.
كذلك أشار إلى القضية بوصفها «تعتمد على توظيف مختلق ومجرد من السياق ومتلاعب به لواقع الأعمال العدائية الحالية»، منتقدًا استخدام جنوب إفريقيا لمصطلح «الإبادة الجماعية» كسلاح ضد إسرائيل.
• • •
ومع ذلك، أصدرت محكمة العدل الدولية حكما يتضمن: «اتخاذ جميع التدابير لمنع أى أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية وذلك ضمان لعدم قيام الجيش الإسرائيلى بأية أعمال إبادة، ومنع ومعاقبة أى تصريحات أو تعليقات عامة يمكن أن تحرض على ارتكاب إبادة جماعية فى غزة، واتخاذ جميع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية، وعدم التخلص من أى دليل يمكن أن يستخدم فى القضية المرفوعة ضدها، وتقديم تقرير للمحكمة خلال شهر بمدى تطبيقها لهذه التدابير والأحكام».
وبحسب موقع الـCNN: «رحبت الأطراف الثلاثة الرئيسية المعنية؛ إسرائيل وجنوب إفريقيا والفلسطينيون، بالحكم التاريخى الذى أصدرته أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة».
وقالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدى باندور: «كنت أرغب فى وقف إطلاق النار». وأضافت إنها لا تزال راضية عن النتيجة. ومع ذلك، قال إيلون ليفى، المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إن المحكمة «رفضت طلب (جنوب إفريقيا) «السخيف» بأن تطلب من إسرائيل التوقف عن الدفاع عن شعبها والقتال من أجل الرهائن. ووصف آفى ماير، رئيس التحرير السابق لصحيفة جيروزاليم بوست، القرار بأنه ضربة مدمرة لأولئك الذين يتهمون الدولة اليهودية بارتكاب «إبادة جماعية». وقالت شيلى أفيف ينى، رئيسة قسم القانون الدولى فى جامعة حيفا الإسرائيلية، لـCNN: «الشىء الأكثر دراماتيكية هو أنه لم يتم إصدار أمر بوقف إطلاق النار»، مضيفة أن أمر وقف إطلاق النار المحتمل كان أكبر مخاوف إسرائيل، خاصة أنه كان سيأتى ولا يزال هناك أكثر من 100 رهينة فى غزة.
• • •
فى صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، تحت عنوان «عقبات تواجه صفقة الرهائن»، للكاتب ايتمار إيشنر، وذلك مع توسع الحديث عن مشاورات تهدف إلى إجراء صفقة أخرى لتبادل السجناء والمحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس، قال إيشنر: حماس تدرس خطة لوقف إطلاق النار فى غزة من ثلاث مراحل تضمن إطلاق سراح معظم الرهائن الإسرائيليين، لكنها لم تلزم إسرائيل بعد بإنهاء حربها مع الحركة، وفقا لمصادر مطلعة على الاقتراح.
وأضاف: «لقد توصلت إسرائيل مع الولايات المتحدة وقطر ومصر إلى توافق فى الآراء بشأن اتفاق يتضمن وقف إطلاق النار لمدة 45 يوما لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، كما سيتضمن الاتفاق إطلاق سراح سجناء فلسطينيين، بالإضافة إلى زيادة كمية المساعدات الإنسانية التى تدخل غزة»، هذا رغم أن إسرائيل لن تقبل بإطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين أو حتى معظمهم.
فهل ستقع إسرائيل فى فخ العزلة الدولية كما توقعنا نحن من قبل؟
إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات