ثمن حقوق الإنسان - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 3:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثمن حقوق الإنسان

نشر فى : الإثنين 2 مارس 2009 - 6:08 م | آخر تحديث : الإثنين 2 مارس 2009 - 6:08 م
على التقليل من وطأة الحقيقة، أو التعلل بأن صفحة مصر بيضاء فى سجل حقوق الإنسان على المستوى الدولى.

وقد لا يدرك الذين تقع على عاتقهم مسئولية هذه الانتهاكات، حجم التكلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى تدفع مصر ثمنها، ولا تظهر آثارها الجسيمة إلا فى الأزمات. ولعل هذا ما لم يدركه الرئيس السودانى عمر البشير، ومازال يدافع عن نفسه بأعلى صوت دون أن يصدقه أحد، بعد أن ألصقت به مأساة دارفور والانتهاكات التى توجه إلى السودان بارتكاب جرائم إبادة، تطالب المحكمة الجنائية الدولية بمعاقبة مرتكبيها.

ولهذا السبب لم يكن الإفراج الصحى عن أيمن نور غير تأكيد لهذه الحقيقة. فقد ساد الاعتقاد بأن الإفراج عنه لم يكن نتيجة تدهور حالته الصحية بقدر ما كان لأسباب سياسية. وهو ما يضفى على كثير مما يصدر من قرارات إدارية أو أحكام قضائية ظلالا من الشك.. بل إنه يضع النظام القضائى ومؤسسة العدالة فى مصر موضع الريبة. وينفى عن الحكم أى رغبة فى التقدم نحو الديمقراطية.

وفى أمريكا حاليا تتبلور اتجاهات لمحاسبة إدارة بوش على الانتهاكات التى ارتكبتها ضد حقوق الإنسان. وتتشكل جبهة من أعضاء الكونجرس تدعو لتشكيل لجنة للتحقيق فى هذه الانتهاكات، بما فيها من فضائح التعذيب فى السجون الأمريكية، ومنها سجن أبوغريب، وأوامر التنصت على المواطنين الأمريكيين دون إذن قانونى، وإهدار الحقوق المدنية للأمريكيين.

ويقود هذه الجبهة السيناتور باتريك ليهى رئيس اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ. الذى يعمل حاليا على تشكيل لجنة لتقصى الحقائق من عدد من الشخصيات المرموقة المشهود لها بالنزاهة، للاستماع إلى شكاوى المواطنين، وجمع الأدلة والوقائع والقرارات التى شجعت على الانتهاكات. وستمنح اللجنة حصانات تمكنها من استدعاء من ترى استدعاءه من الشهود. وتكون مهمتها الرئيسية هى «البحث عن الحقيقة»، ويتولى الكونجرس من جانبه إصلاح الانحرافات والإجراءات التشريعية الباطلة التى ارتكبتها إدارة بوش.

والغرض الرئيسى من هذه اللجنة هو إطلاع الشعب الأمريكى على الأسباب التى كان من الممكن أن تؤدى إلى انهيار نظام العدالة والقيم الديمقراطية. والعودة إلى المبادئ والمثل العليا للحياة الأمريكية، حتى تمسح الصورة السلبية التى لصقت بها فى عهد بوش!

ولعل هذا ما يبرر للإدارة الأمريكية الراهنة تحت حكم أوباما، إصدار تقريرها عن حقوق الإنسان فى مصر وغيرها، وذلك على الرغم من التحسن النسبى فى العلاقات وفتح صفحة جديدة. إذ إن ذلك لا يمنع من رصد الانتهاكات الجسيمة التى وقعت فى مصر خلال عام 2008، من اعتقالات تعسفية واحتجاز كثيرين فى السجن دون محاكمة، وعدم الإفراج عمن صدرت ضده أحكام قضائية بالبراءة. فضلا عن المعاملة القاسية لأصحاب المدونات والالتفاف على مبدأ حرية التعبير.

لا أحد يتوقع أن تحدث معجزة فى مصر ويبادر مجلس الشعب إلى التحقيق فى الانتهاكات والاتهامات التى تثار عن حقوق الإنسان فى مصر. ولكن الحرص على تطهير الحياة السياسية مما يشوبها من انحرافات وأخطاء، هو الذى يصنع جو الديمقراطية، ويشجع الناس على الإيمان بها سبيلا إلى المستقبل وليس إلى السجون!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات