فرصة أخيرة.. اتفاق علنى لاقتسام السلطة - رابحة سيف علام - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فرصة أخيرة.. اتفاق علنى لاقتسام السلطة

نشر فى : السبت 2 يونيو 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : السبت 2 يونيو 2012 - 8:20 ص

العقد شريعة المتعاقدين.. مبدأ بسيط وواضح يدرسه طلبة القانون فى أول محاضرة، ونلتزم به فى تعاملاتنا اليومية من بيع وشراء ولكننا لم نطبقه يوما فى تعاملاتنا الأهم وهى السياسية. تشهد أنجح تجارب التحول الديمقراطى فى أوروبا الشرقية بعقد اتفاقات مكتوبة ومعلنة سواء بين المعارضة والنظام الشيوعى المنهار كما جرى فى بولندا أو بين المعارضين أنفسهم كما جرى فى المجر، من أجل الاتفاق على الحد الأدنى من المبادئ المشتركة قبل أن تبدأ مرحلة التنافس. ولقد فوتنا فى مصر فرصا كثيرة من الاتفاق على مثل هذه المبادئ وذقنا مرارة التشرذم بدعوى الديمقراطية وحرية الاختيار، فيما يجرى عقد صفقات سرية خلف الأبواب المغلقة بين طرفين على حساب الأطراف الأخرى. فالنظام السابق نجح من خلال رجاله المندسين فى كل الأحزاب والقوى السياسية فى إفشال أى محاولة للاتفاق قبل الثورة. ولولا وعى الشباب المصرى الذى استدرج القوى السياسية استدراجا للثورة لكنا حتى اليوم نحاول الاتفاق ضد التمديد والتوريث. وبعد تصاعد التظاهرات فى يناير 2011 وثبوت أن مصر مقبلة على حدث غير مسبوق، سارع الإخوان إلى التفاوض السرى مع عمر سليمان مع نصف مكاسب من نصف ثورة. وحينما فشلت المفاوضات بسبب إصرار الميدان على رحيل المخلوع، حاول الإخوان أن يضمنوا لأنفسهم حصة وافية من السلطة بالتحالف الواضح مع المجلس العسكرى. ولولا فشل هذا التحالف فى جنى ثمار السلطة بعد عرقلة تشكيل حكومة إخوانية، ما اختلف الإخوان مع المجلس العسكرى وما خاضوا المنافسة الرئاسية.

 

 

●●●

 

بعيدا عن التعفف والشعارات الرنانة، نحن اليوم بصدد فرصة تاريخية لعقد اتفاق معلن ومكتوب بين قوى المعارضة الثورية والإخوان لاقتسام السلطة. ولكننا اليوم وبعد مرور عام ونصف العام من بداية الثورة، لابد أن نكون قد تعلمنا الدروس القاسية التى تلقيناها من النظام شبه المخلوع أو من القوى المحسوبة على الثورة. تعلمنا أن لا أحد يمكن أن ينجح بمفرده، وإن نجح فلا يمكن أن يحكم بمفرده. فيكفى أن نجمع أصوات مرشحَى الرئاسة صباحى وأبوالفتوح لندرك أننا فوتنا فرصة الدفع بأحدهما لجولة الإعادة. ولو جمعنا الأصوات التى حازاها مع أصوات مرسى لكنا حسمنا الانتخابات لصالح مرشح ثورى من الجولة الأولى. تعلمنا أيضا أن الإخوان المسلمين لم يحفظوا وعودا قطعوها على أنفسهم طواعية، لم يلتزموا بالمنافسة على 40% فقط من مقاعد البرلمان، ولم يلتزموا بالصيام عن الترشح للرئاسة. واللافت أنهم قد نفرّوا بنزعتهم الاستحواذية أقرب حلفائهم وهو حزب النور فانصرف عنهم إلى أبوالفتوح قبل أن يعود مضطرا فى جولة الإعادة. تعلمنا كذلك أن النظام البوليسى المتجذر فى مصر لن يُنتزع فى ظرف شهور قليلة ولن يكف عن المقاومة والتمسك بالبقاء. تعلمنا أن حسن النوايا الثورية وحدها لا تكفى وإلا كان خالد على أول الفائزين. تعلمنا أيضا أن تنافس القوى السياسية كان يجعلها ترفض الاتفاق على حصص مسبقة على أساس أنها قد تحوز أكثر فى الانتخابات، ولكننا اليوم نملك أرقاما شبه مؤكده عما حازه بالفعل المرشحون خلال الجولة الرئاسية الأولى، فلم لا يتم الاتفاق على أساس هذه النسب؟

 

ليكن الاتفاق على تشكيل ثلاث مؤسسات حيوية تؤثر بشكل مباشر فى صياغة مستقبل مصر فى الأعوام المقبلة: اللجنة الدستورية ومعايير اختيار اعضائها بشكل دقيق وشفاف، تشكيل مؤسسة الرئاسة وما تضمه من نواب ومستشارين للرئيس، ومؤسسة الحكومة وما تضمه من حقائب وزارية.

 

●●●

 

من المهم التذكير بأن الإخوان إن اعتمدوا فقط على قواعدهم الجماهيرية الوفية لن يحوزوا أكثر مما حازوه فى الجولة الأولى، ولكن من سيصوتون لشفيق فزعا من تدنى أداء الإخوان فى البرلمان يتزايدون كل يوم. ولذا لا بد أن يدرك الإخوان أنهم فى موقف لا بد فيه أن يتنازلوا ويقبلوا بالمشاركة الحقيقية واقتسام المكاسب والمسئولية مع شركاء الوطن من القوى السياسية الأخرى. ولابد أن يعلموا أن أيضا انهم ليسوا محل ثقة بفعل وعودهم المهدرة وخطابهم المزدوج ورسائل التطمين التى لم يرسلوها بل تعمدوا إرسال عكسها تماما. ولذا فلا يمكن احتمال التلكؤ والمراوغة فى هذه الفترة الزمنية القصيرة، فيكفى الإخوان ما أهدروه من فرص للاتحاد الوطنى أو التشريع البناء أو ما توهموه من صفقات سرية. الوقت قد حان لعقد صفقة علنية مكتوبة وموثقة لإنقاذ وطن سأم من نخبته وقواه الوطنية حتى كاد يرتمى من جديد فى أحضان جلاده.

رابحة سيف علام باحثة بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام
التعليقات