ترامب: خطورة الصلاحيات الرئاسية الأمريكية - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 7:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب: خطورة الصلاحيات الرئاسية الأمريكية

نشر فى : السبت 4 فبراير 2017 - 9:05 م | آخر تحديث : السبت 4 فبراير 2017 - 9:05 م
نشر معهد المشروع الأمريكى «American Enterprise Institute» مقالا لـ«جارى شميث» ــ الباحث ومدير مركز مارلين وير للدراسات الأمنية ــ حول «دونالد ترامب» ووصوله إلى البيت الأبيض وما قد يترتب على امتلاكه لهذه السلطات الواسعة، فضلا عن الإشارة إلى عدد من الأمور حول النظام السياسى الأمريكى.

يستهل «شميث» المقال بأن الكثير من المحللين يقارنون الآن ما بين انتخاب دونالد ترامب (الرئيس الحالى الـ 45 للولايات المتحدة) وأندرو جاكسون (رئيس الولايات المتحدة الـ 7 والذى تولى فى الفترة من 1829ــ1837) من حيث كونهما ضد المؤسسية، وشعبويين، وضد السياسات المعمول بها فى واشنطن والأساليب التى يتم بها اتخاذ القرارات.

على نحو آخر فقد رأى عدد من المعلقين والمحللين أن تغريدات ترامب وتصريحاته الصحفية وتعاملاته مع الإعلام بشكل عام ــ الأشبه بالانفجارات ــ نسخة جديدة من مرحلة «ثيودور روزفلت»، حيث دعوة الشركات أصحاب الصناعات الكبرى والنخبة المؤلفة من رجال الأعمال من أجل تحقيق مصالحهم والتى تعم بالنفع على نطاقهم فقط على حساب مصالح بقية الأمة.

الشىء الذى لا يراه الكثيرون أن ترامب ووجوده بالبيت الأبيض يبدو أنه على دراية بمنصبه الجديد دستوريا (من حيث السلطات التى سيحظى بها أو الواجبات التى يتوجب عليه القيام بها) وأنه الآن الرئيس الرسمى وعليه القيام بواجباته بكل أمانة كما أقسم فى اليمين الدستورية. من ناحية أخرى فإنه فى وقت سابق عندما سُئل ترامب خلال الحملة الانتخابية الرئاسية عن نيته حول تعديل إحدى مواد الدستور جاءت إجابته مشوشة وغامضة حتى لا يفصح عن نيته الحقيقية، وعقب وصوله إلى البيت الأبيض رسميا فقد أعلن بصفته الرئيس الجديد أن حلف اليمين والولاء ليس فقط لمنصبه ولكن لكل الأمريكيين وأنه سيتعهد بالحفاظ على الدستور الأمريكى وحمايته!

***

بشكل عام يتضح أن فترة ترامب تتجه بشكل كبير إلى ما يطلق عليه المحللين «الرئاسة الإمبريالية»، ففى هذا النوع من الرئاسة، تستند أفعال الرئاسة وممارساتها إلى تسييس مبادئ القانون أو حتى تجاهلها تحت ذريعة الصالح العام.

لكن لابد هنا من التأكيد على أن النقد لن يكون جديدا، ففى عهد كل من جورج دبليو بوش الابن وباراك أوباما حملت أيضا العنوان ذاته؛ فهؤلاء الرؤساء المتعاقبون من كلا الحزبين الجمهورى والديمقراطى قد تم اتهماهما بـ«الإمبريالية» بالفعل، وما يحدث يقود إلى أن الإمبريالية قد باتت أداة يومية للحياة الحزبية. مع ذلك فإلى الآن هناك مؤشرات على أشياء أكثر حداثة وديمومة تحدث بالنظام السياسى الأمريكى تقود الرؤساء إلى التصرف على نحو يفتح الباب لذلك الاتهام (الإمبريالية).

يشير «شميث» إلى أن الملمح والعنصر الأول والأكثر وضوحا على الإطلاق يتمثل فى دور أمريكا فى العالم، فكما ذكر أليكسيس دو توكفيل منذ وقت بعيد، أن سلطة الرئيس مقارنة مع ملوك أوروبا يمكن أن تظهر غير قوية، والسبب فى هذا الادعاء غير الصحيح يرجع إلى الظروف أكثر من القوانين، إنها تكمن فى الشئون الخارجية حيث تتمكن السلطة التنفيذية للأمة من إيجاد الفرصة لنشر القوة والمهارة. القوى العالمية كالولايات المتحدة تتطلب حتما ودوما رئيس تنفيذى لديه سلطات كبيرة يمكنه التصرف بها على النحو الذى يراه ويقدره وبخاصة وقت الحروب.

عقب ذلك فإن توسيع الحكومة الفيدرالية والدولة التنظيمية لن يساعد فى تحجيم السلطة، بل سيؤدى إلى مزيد من التوسيع لصلاحيات السلطة التنفيذية التى تدير القوانين والولايات التى تشكل الحكومة الأمريكية. حتى الرئيس ــ ترامب ــ الذى يأمل بمسح آلاف التنظيمات والتعاملات والسياسات التى تم إبرامها من قبل سلفه سوف تتم وفقا لرؤيته الخاصة وقراءته للقوانين وبخاصة تلك التى يراها تخدم ما يراه ويتخذه من سياسات وقرارات.

كل رئيس هذه الأيام يعتقد أنه يتكلم ويتصرف باسم الشعب مع تفويض منهم لتغيير هنا أو هناك يقوم به فى البلاد. خلال هذه العملية هو لا يعتد كثيرا بأن سلطته هذه فى حقيقة الأمر تعتمد بشكل أساسى على الدستور، ليس على شعبيته أو من صوتوا إليه، بخلاف المجالس التشريعية فى الأنظمة البرلمانية؛ حيث إن أغلبية الكونجرس تمتلك السلطة فى القرارات التى تتخذها.

من جهة أخرى يعتقد «وودرو ويلسون» ــ الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة ــ بأن الرئيس هو صوت الأمة الوطنى الوحيد فى جميع الشئون، وإذا تصرف على نحو يخالف رغبة الأمة فلا يمكن مقاومته. لكن ما يحدث أن عددا من الرؤساء خلال الآونة الأخيرة يوعدون بالكثير والكثير من الأهداف ومن أجل تحقيق ذلك فإنهم يمدوا سلطاتهم إلى العديد من المجالات بالبلاد من أجل تحقيق هذه الأهداف والوعود الكبيرة التى وعدوا بها.

هذه الحقائق الكامنة وراء الحياة السياسية الأمريكية من غير المرجح أو المحتمل تغييرها خلال أى وقت قريب، إذا كان مقدرا لها التغير. علاوة على ذلك فالسلطة الرئاسية لم يكن مقصودا أبدا وضعها فى حدها الأدنى.

***

خلاصة القول، أنه وفقا لتركيبة النظام السياسى والتطورات التى طرأت عليه فقد حصدت الرئاسة على صلاحيات واسعة، ونتيجة لذلك فإنه ليس من السهل رسم الخط الفاصل ومعرفة متى تستخدم السلطة التنفيذية بالشكل المشروع الصحيح ومتى يتم اساءة استخدامها. لكن فيما يتعلق بشخصية الرئيس الجديد ترامب وأسلوبه فى الإدارة والتنفيذ فيتضح على نحو كبير أن الأمر شبه محسوم ــ فيما يتعلق بإساءة استخدامه للسلطة. ولاشك أن الديمقراطيين سوف يترصدون وبشكل مبكر لأى خطأ من الممكن أن يرتكبه ترامب. لكن من المقلق أن الجمهوريين قد يلعبوا دورا فى إبعاد أى تهم من الممكن أن توجه لرئيس حزبهم، فضلا عن الخوف من قيام ترامب بملاحقة من يوجه أى من هذه الاتهامات إليه ــ الرئيس الذى لا يتأخر فى التصريح بالتهديد والملاحقة هنا وهناك لأى من يتعرض له بالنقد وحتى قبل توليه رئاسة البلاد بشكل رسمى. ولكن فى الوقت نفسه فإن هناك ثقة بهؤلاء الجمهوريين الموجودين بالكونجرس بأنهم سيقومون بدعم والدفاع عن الدستور.

يختتم الكاتب بالتأكيد على أن السنوات الأربع المقبلة لن تكون سهلة على الإطلاق، وبخاصة لمن يأخذون اليمين الدستورية التى حلفها ترامب على محمل الجد.

النص الأصلى
التعليقات