نحن أصحاب المعجزة - محمد موسى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نحن أصحاب المعجزة

نشر فى : الأربعاء 5 يناير 2011 - 9:21 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 يناير 2011 - 9:21 ص

 «نتحدث عنها فقط عندما تندلع فى أحداث مفاجئة وغير متوقعة، تحت اسم الفتنة الطائفية. ترتفع ألسنة اللهب الطائفى، ومعها التحليلات والمواعظ المكررة عن وحدة الهلال والصليب، والحقوق المتساوية للمواطنة، دون أن يمنح أحد نفسه الفرصة لدراسة البركان وهو فى حالة الكمون، ليتعرف على خصائصه، وأسباب ثورته، فيتمكن بالتالى من توقع الانفجار، وربما تفاديه».

هكذا كتبت «الشروق» فى أبريل الماضى، تقديما لملف صحفى نادر عن التوتر الطائفى المكتوم فى حى عين شمس، بعنوان «الفتنة تنام فى بيوت المصريين».

الشهادات من حى عين شمس، كانت صادمة فى صراحتها، لكن أكثر ما كان موجعا للقلب، مشهد صحفى وأدبى رائع، التقطته زميلتى غادة على، عن محمود وبيشوى وساندويتش الفينو بالجبنة البيضاء.

الطفلان، 10سنوات، زميلان فى فصل واحد. ومحمود يرى صديقه بيشوى «مختلفا» لأنه الطالب المسيحى الوحيد الذى يجلس بجوار طالب مسلم بمزاجه، «ومن أيام تالتة ابتدائى».

يرى محمود أن مشكلة بيشوى الوحيدة أنه «مش شاطر أوى». عدا ذلك لا يعتب عليه فى أى شىء. «ماما قالت لى أوعى تاخد منه أكل، ولا بق الميه». ولم يفهم المغزى الحقيقى من رفض والدته لطعام المسيحيين، لكنه يشعر أن المشكلة عند والدته «مش عند بيشوى، لأن الساندوتش بتاعه شبه بتاعى بالظبط، فينو وجواه جبنة. العيش من نفس المخبز، والجبنة من نفس البقال».

يشرح محمود أن الرغيف من مخبز باريس الذى تزين مدخله لوحة كبيرة للقديس مارجرجس قاهر التنين والشياطين، والجبن من محل «زاهر» المسلم المتدين، الذى يتميز بلافتة «مغلق للصلاة» مع كل أذان.

لكنها بيوتنا التى تنسج الفتنة بهدوء. ومدارسنا التى تعلم أطفالنا أن الآخر فى النار، ثم يتلقفهم إعلام تافه مشغول بالمسيجات وزيرو تسع آلاف، لأنه إعلام بلا قضية ولا هدف سوى تقديم «الفشار» ومنافقة الحاكم.

الحادث تفجير بدائى نفذه أشخاص من القرون الوسطى، بدائيون فى علاقتهم بالعالم، وفى صناعتهم لقنبلة مسامير وصواميل، وفى طريقة تنفيذ بلا أدنى احترافية، فلا تتحدثوا عن الموساد. إنه أتفه من أن يزرع بذور الكراهية كما نزرعها، وأعجز من أن يرويها كل يوم بقصص من نوع هند وكاميليا، فنحن، وبإصرار نادر، أصحاب هذه المعجزة على كل المستويات.

الصديق القارئ محمد عبداللطيف حجازى علق على ملف عين شمس، قائلا إن «التعصب الدينى مرتبط بالتخلف الاجتماعى الذى ينتشر مع الفقر والجهل، وإن شئنا القضاء على هذا التخلف فعلينا إنقاذ مصر من براثن الديكتاتورية»، فهل خرج صديقنا عن الموضوع؟.

محمد موسى  صحفي مصري