حصار النار! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حصار النار!

نشر فى : الجمعة 5 يناير 2024 - 8:35 م | آخر تحديث : الجمعة 5 يناير 2024 - 8:35 م
يوما بعد يوم، تزداد التحديات والضغوط وأحزمة النيران على حدود مصر من كل الاتجاهات الاستراتيجية، ما يضاعف من حجم المخاطر التى تتهدد الأمن القومى للبلاد، بشكل لم يسبق له مثيل فى العقود الماضية.
ما يمكن تسميته بـ«حصار النار» للأمن القومى المصرى، بدأ من الحدود الشمالية الشرقية، عبر العدوان الصهيونى الواسع ضد قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضى، والذى أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، بالإضافة إلى التدمير الهائل للمنازل والأحياء السكنية والمرافق العامة والبنية التحتية، ما يجعل الحياة على أرض القطاع شبه مستحيلة، من أجل دفع الفلسطينيين للنزوح خارج غزة، وبالتحديد نحو الحدود المصرية.
هذا الهدف لم تخفيه دولة الاحتلال الصهيونى منذ اليوم الأول للعدوان، بل ويواصل الكثير من المسئولين الإسرائيليين التحريض عليه ليلا نهارا، وكان آخرهم وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غملئيل التى قالت يوم الثلاثاء الماضى أمام الكنيست: «فى نهاية الحرب سينهار حكم حماس، ولن تكون هناك سلطات بلدية، وسيعتمد السكان المدنيون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية. لن يكون هناك عمل، وستتحول 60% من الأراضى الزراعية فى غزة إلى مناطق عازلة أمنية».
وأضافت غملئيل، وفقا لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أن: «مشكلة غزة ليست مشكلتنا وحدنا. يجب على العالم أن يدعم الهجرة الإنسانية (من القطاع)، لأن هذا هو الحل الوحيد الذى أعرفه».
أما اليمينى المتطرف إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومى الإسرائيلى، فكتب على حسابه عبر منصة إكس: «الولايات المتحدة هى أفضل أصدقائنا، لكننا سنقوم قبل كل شىء بما هو لصالح دولة إسرائيل: هجرة مئات الآلاف من غزة ستسمح للسكان فى الغلاف (البلدات الإسرائيلية القريبة من حدود القطاع) بالعودة إلى منازلهم والعيش بأمان، وستحمى جنود الجيش الإسرائيلى».
«حصار النار» على الحدود الشمالية الشرقية، امتدت شظاياه إلى أقصى الجنوب، وبالتحديد عند باب المندب فى مدخل البحر الأحمر، حيث منفذ السفن العابرة من قناة السويس، والتى أصبحت منطقة حرب بعد استهداف الحوثيين فى اليمن للسفن المتوجهة إلى إسرائيل نصرة لغزة، ما دفع 18 شركة شحن عالمية لتغيير مسار سفنها حول أفريقيا لتجنب البحر الأحمر، وفق ما أعلنت المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة الأربعاء الماضى.
هذا التوتر الذى يهدد أهم شرايين الاقتصاد المصرى، استدرج الأساطيل الأمريكية والغربية إلى المنطقة، كما دفع حكومات الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وبلجيكا وكندا والدنمارك وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة، إلى إصدار بيان تحذيرى مشترك للحوثيين، أكدت فيه أنه «إذا استمر الحوثيون فى تهديد الأرواح والاقتصاد العالمى والتدفق الحر للتجارة فى الممرات المائية الحيوية فى المنطقة، فسيتحملون العواقب»، مشيرة إلى أن «ما يقرب من 15% من التجارة العالمية المنقولة بحرا يمر عبر البحر الأحمر بما فى ذلك 8% من تجارة الحبوب العالمية، و12% من تجارة النفط المنقولة بحرا، و8% من تجارة الغاز الطبيعى المسال فى العالم».
وعلى مسافة قريبة من من منطقة الحرب هذه، حدث تطور لافت يضاف من التحديات والمخاطر التى تتهدد الأمن القومى المصرى، حيث وقعت إثيوبيا اتفاقا مع منطقة أرض الصومال (صوماليلاند) غير المعترف بها دوليا، وحصلت بموجبه على منفذ بحرى على البحر الأحمر لمدة 50 عاما، بطول 20 كيلومترا يضمّ خصوصا ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسميا بأرض الصومال كجمهورية مستقلة.
هذه الخطوة تكمل حصار النار على مصر، وتعطى الحكومة الإثيوبية الفرصة لتهديد المصالح الحيوية المصرية فى البحر الأحمر، بعدما واصلت وبشكل آحادى بناء سد النهضة، والتهرب من التوقيع على اتفاق قانونى ملزم يتضمن آلية الملء والتشغيل، ومحاولة الافتئات على حقوق مصر التاريخية والقانونية فى مياه نهر النيل.
نحتاج إلى العمل الجاد والقوى سياسيا وفى العديد من المجالات الأخرى، لمواجهة هذه التهديدات الكبيرة، والعمل على فك حصار هذا الطوق النارى المحكم، الذى يستهدف الإضرار بمصالح البلاد العليا وأمنها القومى، ويقوض الاستقرار فى المنطقة، ويزيد من حدة التوترات والصراعات والنزاعات بين دولها.
التعليقات