الإخوان..وذبح الجنزورى - محمد عصمت - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإخوان..وذبح الجنزورى

نشر فى : الثلاثاء 6 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 6 مارس 2012 - 8:00 ص

فى مثال واضح على حالة العبث التى نعيشها حاليا، شنت الأغلبية التى يمثلها حزب الحرية والعدالة فى البرلمان «معركة عنترية» ضد حكومة د.كمال الجنزورى، مطالبة بإسقاطها باعتبارها تتحمل المسئولية الكبرى فى السماح بسفر المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى، رغم أن الجميع يعرف ــ وأولهم نواب البرلمان أنفسهم ــ أن حكومة الجنزورى ليس لها أى صلاحيات بشئون الجيش والقضاء. والتفسير الوحيد لهذه العركة هو رغبة الاخوان فى تقديم الجنزورى وحكومته ككبش فداء!

 

كنا نعانى من مافيا مبارك وعصابته التى سرقت البلد، وفرطت فى قراره الوطنى، وحولت مصر إلى شركة اسثمارية يجنى أرباحها أصحاب السلطة والمحظوظون القريبون منهم، والآن نحن نسير فى طريق أسوأ يحولنا إلى مجرد عزبة تدار شئونها بمنتهى البدائية، وباتفاقيات سرية، وبقرارات تتخذ ليلا لتحقيق مصالح غامضة، وبمعالجة سياسية للأزمات ينقصها الفطنة والذكاء كان أكبر أمثلتها معالجة المجلس العسكرى لقضية المتهمين الأمريكيين !

 

مالم يدركه الاخوان بأغلبيتهم البرلمانية، أنهم شاركوا فى هذه الفضيحة بمحاولتهم ذبح الجنزورى، رغم أن الرجل ليس له ناقة ولا جمل بما حدث، وتركوا المسئولين الحقيقيين عنها يلوذون بالصمت المريب. وقد كان من الواجب على البرلمان أن يبحث عن الجهة الغامضة التى اصدرت قرار السماح بسفر المتهمين الامريكيين، وعن أسرار تنحى محكمة القاضى محمود شكرى عن نظر القضية وعن تدخل المستشاء عبد المعز ابراهيم فى عملها والتحقيق فى الاتهامات الموجهة إليه بتحقير هذه المحكمة، ثم اسناده القضية لدائرة أخرى يقال انها هى التى أصدرت قرار السماح بسفر الامريكيين، دون أن ندرى أين هى الحقيقة بالضبط!

 

معالجة الاخوان لهذه الفضيحة قد تقربهم خطوة من المجلس العسكرى، ولكنها بالقطع ستبعدهم خطوات عن الشارع، وستطيح بآمال ملايين المصريين الذين كانوا يحلمون ببرلمان قوى مستقل يواجه سيطرة اصحاب المصالح عليه.أما الكارثة الحقيقية فى المعالجة الإخوانية للأزمة، فهى أنها تورط السلطة التشريعية فى هذه الفضيحة، التى مست فى الصميم استقلالية السلطتين التنفيذية والقضائية، فبتجاهل البرلمان لاستدعاء المشير طنطاوى أو الفريق عنان مثلا لاستجوابهما حول دور المجلس فى السماح بسفر المتهمين الأمريكيين، فإن البرلمان يكون قد دق المسمار الأخير فى نعش الدولة نفسها فى مصر، التى لم تطح هذه الفضيحة بهيبتها فقط ولكنها أطاحت بوجودها نفسه بالمعنى القانوى والدستورى، وجعلتنا كما لو كنا إحدى «جمهوريات الموز» ،وهو الاصطلاح السياسى الذى يطلق على سبيل السخرية، على دول تتميز بالفساد وكثرة الانقلابات وتحكم أقلية ثرية فى كل قراراتها بدون رقيب ولا حسيب.

محمد عصمت كاتب صحفي