مشهد ضبابى - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 7:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مشهد ضبابى

نشر فى : الإثنين 5 ديسمبر 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 5 ديسمبر 2011 - 9:00 ص

لا جدال فى أن إقبال الشعب المصرى على الانتخابات بهذه النسبة التى وصلت 62٪ فى مرحلتها الأولى، إنما يدل على أن تحقيق الديمقراطية عن طريق الاحتكام إلى الصندوق، كان هو الخيار الذى اتفقت عليه الإرادة الشعبية، من جانب معظم القوى السياسية، فى مقابل قوى الثورة التى بقيت لسبب أو لآخر خارج المنافسة.. فى انتظار أن تتاح لها الفرصة للتخلص من المجلس العسكرى فى أقرب وقت!

 

ولكن النتائج جاءت على عكس ما توقعه البعض سواء من الليبراليين أو من صفوف الشباب الثورى. وانعكس ذلك فى جمعة «رد الاعتبار»، التى حمل فيها الشباب نعوشا رمزية فى ميدان التحرير لشهداء الثورة الذين استشهدوا فى محمد محمود، وهم يطالبون برحيل المجلس العسكرى ويرددون هتافات بسقوط العسكر. وبينما قرر بعضهم استمرار الاعتصام، فضل آخرون تعليق الاعتصام حتى نهاية مراحل الانتخابات. وكر المتظاهرون مطالبهم بسرعة محاكمة المسئولين عن قتل الثوار وتسليم السلطة للمدنيين.

 

فإذا وضعنا هذه الصورة إلى جانب صورة المظاهرات فى العباسية التى شارك فيها الآلاف تأييدا للمجلس العسكرى، ولحكومة الجنزورى التى لم تتشكل بعد، أدركنا أن ثمة انقساما عميقا فى الرأى العام، وأن الانتخابات جاءت بمثابة اختبار لمدى غلبة أى من الاتجاهين.. أو على الأقل لوضع حد لحروب الميادين وإعادة الحياة الطبيعية. وجاءت مؤشرات نتائج المرحلة الأولى لتؤكد صحة الاتجاه الذى يعمل على تشكيل حكومة إنقاذ وطنى، سواء اُتفق على تسمية حكومة الجنزورى حكومة إنقاذ أم لا.. فقد كشفت مؤشرات المرحلة الأولى عن تيار لا تخطئه العين، سوف يزداد وضوحا مع المرحلة الانتخابية التالية.. حين يتضح لشباب الثورة أن المحافظة على ما بقى من روح الثورة وأهدافها، يقتضى أن يعيد الشباب تنظيم صفوفهم وتوحيد قياداتهم، ليخوضوا معركة الديمقراطية بمعناها الحقيقى فى مواجهة قوى أكثر تنظيما واتقانا لأساليب العمل السياسى. وهنا يصبح الإيمان بالديمقراطية والتضحية من أجلها عملا ثوريا بامتياز. تستخدم فى سبيلها أساليب أكثر تعقيدا ودراية من الأساليب التى يستخدمها الإسلام السياسى لجذب البسطاء من الناس.

 

ليست قوى الثورة وحدها هى التى تواجه صعوبات وجودية، ولكن الانتخابات كشفت عن تحديات أكثر تعقيدا تهدد وجود عدد من الأحزاب التقليدية. وسوف يصاب الكثيرون بالدهشة حين يختفى عدد من الأحزاب مع نهاية الانتخابات وظهور تكتلات سياسية جديدة.

 

ومن ثم فليس غريبا أن يواجه الجنزورى بدوره صعوبات فى تشكيل حكومته الإنقاذية.. فمن الذى يريد أن يتحمل أعباء مسئوليات جسيمة فى تلك الظروف الضبابية؟

 

يكفى أن نستمع إلى المحاضرة التى ألقاها أحد القادة العسكريين اللواء محمود نصر عضو المجلس العسكرى ورئيس هيئة الشئون المالية فى ندوة خاصة.. حذر فيها من أن احتياطى النقد الأجنبى سينخفض إلى 15 مليار دولار مقابل نحو 22 مليار دولار فى نهاية أكتوبر.. مع عجز كبير فى الميزانية من المتوقع زيادته. ويقول الاقتصاديون إن هذا الوضع لا يتيح مجالا كبيرا للحركة، وذلك فى مواجهة أزمة اقتصادية عالمية وأزمة عملة تلوح فى الأفق.

 

واعترف اللواء نصر بأن مبلغ الاحتياطى المتاح حتى نهاية يناير المقبل لا يكفى احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية سوى لثلاثة أشهر!

 

وكانت وكالة «ستاندر آند بورز» العالمية للتصنيف الائتمانى، قد خفضت تصنيف مصر فى قدرتها على الحصول على قروض خارجية درجة واحدة.. وأرفقت هذا القرار بتوقعات سلبية للاقتصاد المصرى.. وأعلن اللواء نصر فى هذه المناسبة أن الجيش أقرض البنك المركزى المصرى مليار دولار من عائد مشاريعه الإنتاجية!

 

وهكذا تبدو الصورة قاتمة من جوانبها المختلفة، بما يحتم على جميع أطراف المعادلة السياسية المصرية، سواء فى البرلمان أو فى الميدان أو فى المجلس العسكرى توقع الأسوأ إذا أردنا بلوغ الأفضل!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات