العلاقات بين الولايات المتحدة والهند ليست متينة كما تبدو! - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 10:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العلاقات بين الولايات المتحدة والهند ليست متينة كما تبدو!

نشر فى : السبت 6 أبريل 2024 - 9:25 م | آخر تحديث : السبت 6 أبريل 2024 - 9:25 م
نشرت مجلة فورين بوليسى مقالًا للكاتب ديريك جروسمان، تناول فيه المخاوف والخلافات المتبادلة بين واشنطن ونيودلهى، التى إذا تُركت تتفاقم، فقد تؤدى فى النهاية إلى عرقلة أو إنهاء التعاون المستقبلى بين البلدين.. نعرض من المقال ما يلى:
بالنسبة للولايات المتحدة، كانت السياسة الخارجية دائمًا عبارة عن مزيج من تأمين المصالح وتعزيز القيم، والهند ساعدتها على تحقيق ذلك فى عدة أمور. ولكن على الرغم من التفاؤل بشأن مستقبل الشراكة بين واشنطن ونيودلهى، فإن العلاقات أكثر هشاشة مما قد تبدو. ففى الواقع، البلدان ما زالا يعانيان من التوترات فى العديد من المجالات، والتى إذا تركت دون معالجة فقد تؤدى فى النهاية إلى تقويض أو حتى إخراج التعاون فى المستقبل عن مساره.
• • •
فيما يتعلق بالقيم الديمقراطية، فإن واشنطن لديها مخاوف متزايدة من أن رئيس الوزراء، ناريندرا مودى، وحزبه القومى الهندوسى بهاراتيا جاناتا يجعلان الهند أقل تسامحًا مع الأقليات، خاصة مع من يدينون بالإسلام. ففى عام 2019، ألغت حكومة مودى وضع الحكم شبه الذاتى الخاص لولاية جامو وكشمير، وهى منطقة ذات أغلبية مسلمة. ومنذ ذلك الحين، عانى سكان الولاية من سياسات حكومية قمعية تشمل فرض قيود على حرية التعبير وغيرها من الحقوق الأساسية. أما فى يناير الماضى، أثار افتتاح مودى معبدًا هندوسيًا جديدًا فى أيوديا، والذى بنى على أنقاض مسجد، تساؤلات جديدة حول مستقبل الهند كأمة علمانية ومتسامحة.
فى ديسمبر الماضى، أوقفت الحكومة 141 برلمانيًا معظمهم من المعارضة، بسبب نشاطهم الجامح فى أداء واجباتهم البرلمانية. هناك أيضا التقارير الأخيرة التى تفيد بأن الهند ربما تكون قد دعمت مهمات سرية لارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القانون فى كندا والولايات المتحدة، تلك التقارير صدمت واشنطن ووضعت فكرة القيم المشتركة بين البلدين موضع تساؤل. ففى كندا، تُتهم الهند باستخدام عملاء لقتل الانفصالى السيخى هارديب سينج نيجار فى عام 2023. كما تواجه الهند مزاعم بارتكاب جريمة قتل على الأراضى الأمريكية. إذ كشف الادعاء العام فى نيويورك عن لائحة اتهام ضد مسئول حكومى هندى باستئجار قاتل محترف لقتل زعيم منظمة السيخ من أجل العدالة، جورباتوانت سينج بانون، الذى تعتبره الهند إرهابيًا. نفت الهند رسميًا هذه الادعاءات، زاعمة أن «عملاء مارقين» غير مرخصين من قبل الحكومة الهندية متورطون.
لكن لا يزال التأثير الكامل لتلك القضية على الشراكة الثنائية غير واضح. ففى فبراير الماضى، ذكرت إحدى وسائل الإعلام الهندية أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى، بن كاردين، خطط لتعليق مبيعات الولايات المتحدة لطائرات بدون طيار من طراز MQ-9 للهند حتى يتم التأكد من أن حكومة مودى تتعاون فى التحقيق الأمريكى. ورغم أن كاردين قرر فى النهاية عدم تعليق عملية البيع، فمن الواضح أن هناك مخاوف متزايدة بشأن السلوك الهندى الأخير الذى قد يبدأ فى التأثير على العلاقة الثنائية إذا لم يتخذ البيت الأبيض موقفًا أكثر صرامة.
• • •
جدير بالذكر أن كل هذه الأنشطة نمت فى عهد مودى، الذى يستعد لإعادة انتخابه فى هذا الشهر ومن المرجح أن يفوز بأغلبية ساحقة، ولا توجد دلائل تشير إلى أن النزعة غير الليبرالية هذه سوف تنحسر فى أى وقت قريب. بل من المحتمل أنه عندما يترك منصبه، سيظهر خليفة قومى هندوسى أكثر تطرفًا ــ مثل وزير الداخلية أميت شاه. دافع شاه، الذى يشار إليه بالفعل باسم «رئيس وزراء الظل» فى الهند، عن سجل مودى كرئيس لوزراء ولاية جوجارات خلال أعمال العنف الجماعية ضد المسلمين عام 2002. وفى عام 2019، أشار شاه أيضًا إلى المهاجرات والمهاجرين المسلمين غير الشرعيين بأنهم «النمل الأبيض» الذى يجب إلقاؤه فى خليج البنغال.
ومما يزيد من توتر العلاقات مع واشنطن هى الطريقة التى تسعى بها الهند للحصول على مقعد على طاولة القوى العظمى. فأى خطوة من هذا القبيل سوف تسبب الاحتكاكات، لأنها تتناقض مع هدف الولايات المتحدة المتمثل فى الحفاظ على القيم والقواعد فى النظام الدولى. بكلمات أخرى، رغبة نيودلهى فى التعددية القطبية تتجلى فى بعض الأحيان على أنها معادية للغرب. على سبيل المثال، سعت الهند إلى الانخراط فى المنتديات المتعددة الأطراف المصممة بشكل واضح لمواجهة الغرب ــ بما فى ذلك مجموعة البريكس، فضلًا عن منظمة شنغهاى للتعاون.
كما تستمر الهند فى الحفاظ على شراكة استراتيجية قوية مع روسيا، الخصم الجيوستراتيجى الأكبر للولايات المتحدة، ومنذ غزت أوكرانيا، لم تقم الهند بإدانة روسيا بل احتفظت بعلاقات وثيقة معها. وإذا استمرت نيودلهى فى البقاء على الحياد، فمن المرجح أن تكون مصداقيتها كقوة عظمى على المحك. وقد يكون ذلك بمثابة إشارة إلى نهاية الشراكة مع واشنطن.
ومع ذلك، غضت واشنطن النظر بشأن تطبيق قانون مكافحة أعداء أمريكا، الذى يعاقب الدول التى تشترى أسلحة من الروس، حيث اشترت نيودلهى نظام صواريخ أرض جو من طراز إس ــ400 من موسكو. يشير هذا إلى أن إدارة بايدن تعتبر الهند مهمة للغاية بالنسبة لاستراتيجيتها فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، بحيث لا يمكنها المخاطرة بإغضابها بالعقوبات.
ناهينا عن محاولات الهند لتصبح الصوت الرائد لجنوب العالم، يساعدها فى ذلك أنها تشارك المواقف السياسية للدول النامية مقارنة بمواقف الولايات المتحدة كما هو الحال فى ملف المناخ، ما يشكل خطرًا على مكانة واشنطن العالمية.إذ تحتج الهند بأن القسم الأعظم من الانبعاثات تسبب فيه الغرب، لذا تطالب العالم الغني بتحمل العبء الأكبر من خفض الانبعاثات الكربونية.

• • •
من جانبها، لدى نيودلهى أيضًا مخاوف بشأن عدم توافق مصالح واشنطن مع مصالحها. فالهند تشعر بغضب شديد إزاء الاتصالات الأمريكية الأخيرة مع باكستان، التى تعتبرها الهند دولة إرهابية. هناك أيضًا إرث طويل فى الهند من عدم الثقة فى الولايات المتحدة فيما يتعلق بباكستان. يتذكر الهنود التحالف الوثيق بين واشنطن وإسلام آباد خلال الحرب الباردة، بما فى ذلك دعم باكستان الغربية (باكستان اليوم) خلال حرب استقلال بنجلاديش فى عام 1971، عندما ارتكبت القوات الباكستانية الغربية مذابح ضد الأقلية الهندوسية فى الشرق.
• • •
إجمالًا يمكن القول إنه من المرجح أن تستمر العلاقات بين الولايات المتحدة والهند فى التحسن، إلا أن هناك العديد من التحديات المحتملة التى يتعين على البلدين إما معالجتها أو الاتفاق على تجاهلها. ولا شك أن قدرة واشنطن ونيودلهى على الحفاظ على شراكتهما الهشة والبناء عليها سوف تشكل الجغرافيا السياسية لبقية القرن الحادى والعشرين.

ترجمة: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلى:

التعليقات