عندما تفوز المرأة.. يفوز العالَم - مواقع عالمية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما تفوز المرأة.. يفوز العالَم

نشر فى : الخميس 7 مارس 2024 - 8:45 م | آخر تحديث : الخميس 7 مارس 2024 - 8:45 م
نشر موقع Project Syndicate مقالًا للكاتبة تيا ترومبك، مديرة برنامج المرأة والأعمال والقانون الصادر عن البنك الدولى، والكاتب إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولى؛ يؤكدان فيه ضرورة المساواة بين الجنسين بمنح المرأة حقوقها القانونية كاملة بما يكفل لها حياة عادلة مع الجنس الآخر. ويشير الكاتب إندرميت والكاتبة تيا إلى أن تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة فى مجال العمل ينعكس بالإيجاب على نمو الاقتصاد العالمى.. نعرض من المقال ما يلى:

فى شهر مايو من عام 1988، أصبحت أليخاندرا أريفالو أول عالِـمة جيولوجية من الإناث تدخل منجمًا تحت الأرض فى تشيلى. وبذلك، تحدت أسطورة شعبية مفادها أن المرأة تجلب الحظ السيئ عندما تغامر بالدخول إلى منجم. كما أنها خالفت القانون. ففى ذلك الوقت، كان من المحظور على نساء تشيلى العمل فى التعدين تحت الأرض أو أى عمل آخر «يفوق قوتهن أو يعرض سلامتهن البدنية أو المعنوية للخطر». لقد ساعد التحدى من جانب أريفالو فى إشعال ثورة. فبحلول عام 1993، أُلغيت القيود المفروضة على النساء فى مجال التعدين؛ وبحلول عام 2022، كانت النساء يمثلن 15% من قوة العمل فى مجال التعدين فى تشيلى، أى بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف مقارنة بالنسبة فى عام 2007.
على مدى نصف القرن الماضى، حدث تقدم كبير بذات القدر فى مختلف أنحاء العالم. فعلى مستوى العالم، تحسنت حقوق النساء القانونية بنحو الثلثين فى المتوسط منذ عام 1970. وقد ساعدت إصلاحات كبرى فى تفكيك مجموعة واسعة من الحواجز التى تواجهها المرأة فى كل مراحل حياتها العملية، لكن بشكل خاص فى محل العمل وفى مجال التربية الوالدية. لكن من الواضح، بينما يحتفل العالم باليوم العالمى للمرأة هذا العام، أن فجوة جندرية عالمية ضخمة لا تزال قائمة بين الجنسين.
فى الواقع، تُظهِر أحدث البيانات أن الفجوة أوسع كثيرًا مما كنا نتصور سابقًا. وعندما نضع فى الحسبان الاختلافات القانونية فيما يتعلق بسبل الحماية من العنف والوصول إلى رعاية الأطفال، نجد أن النساء يتمتعن فقط بثلثى الحقوق القانونية التى يتمتع بها الرجال ــ وليس 77%، كما كان يُعتَقَد سابقًا. ويخلص أحدث تقرير صادر عن البنك الدولى حول المرأة والأعمال والقانون إلى أنه لا يوجد أى بلد ــ ولا حتى أغنى البلدان ــ يمنح المرأة ذات الحقوق القانونية التى يتمتع بها الرجل.
يقول الكاتب إندرميت جيل والكاتبة تيا ترومبك: إن أعظم أوجه القصور فى هذا الصدد تتعلق بالسلامة: فالنساء لا يتمتعن إلا بثلث الحماية القانونية اللازمة ضد العنف المنزلى، والتحرش الجنسى، وقتل الإناث. ويشكل نقص القدرة على الوصول إلى خدمات رعاية الأطفال عائقًا آخر. الواقع أن 62 اقتصادًا فقط ــ أقل من ثلث بلدان العالم ــ وضعت معايير الجودة التى تحكم خدمات رعاية الأطفال. ونتيجة لهذا، قد تضطر النساء فى 128 اقتصادًا إلى التفكير مرتين قبل الالتحاق بأى عمل ما دمن يتولين رعاية أطفال.
علاوة على ذلك، نجد أن الفجوة بين الجنسين أوسع مما قد توحى به القوانين المكتوبة المعمول بها. لأول مرة، قارن تقرير المرأة والأعمال والقانون التقدم المحرز فى الإصلاحات القانونية بالنتائج الفعلية للنساء فى 190 اقتصادًا، ليجد تأخيرًا مذهلًا فى التنفيذ. ورغم أن القوانين المكتوبة تشير ضمنًا إلى أن المرأة تتمتع بما يقرب من ثلثى حقوق الرجل، فقد أنشأت البلدان فى المتوسط أقل من 40% من الأنظمة اللازمة للتنفيذ الكامل.
قد يساعد إغلاق هذه الفجوة فى مضاعفة النمو الاقتصادى العالمى فى العقد المقبل. والدليل واضح: فالاقتصادات التى تتمتع بدرجات أعلى فى تقرير المرأة والأعمال والقانون تميل إلى تسجيل معدلات مشاركة أكبر من جانب النساء فى قوة العمل، وتزداد قوة ريادة الأعمال النسائية لديها، وتحظى بمشاركة نسائية أكثر نشاطا فى المؤسسات السياسية. باختصار، المساواة بين الجنسين هى حق أساسى من حقوق الإنسان ومحرك قوى للتنمية الاقتصادية.
مرة أخرى، لا يكفى مجرد السعى لتحقيق المساواة فى القوانين المكتوبة. بل نحن فى احتياج إلى مجموعات شاملة من السياسات والمؤسسات ــ فضلًا عن تحويل الأعراف الثقافية والاجتماعية فى كثير من البلدان ــ لتمكين النساء من أن يصبحن عاملات ورائدات أعمال وقائدات ناجحات. وهذا يعنى آليات إنفاذ أقوى للتصدى للعنف فى محال العمل، وتوفير تدابير عملية لخدمات رعاية الأطفال، وتسهيل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية للنساء الناجيات من العنف.
تعمل مثل هذه السياسات على تمكين النساء من الاستمرار فى العمل دون معاناة انتكاسات مهنية، كما تساعد فى سد فجوة الأجور بين الجنسين، وإعادة تشكيل أدوار الجنسين والمواقف المتعلقة بمحل العمل والواجبات المنزلية. ومع صعود مزيد من النساء إلى مناصب قيادية، فإنهن يلهمن أجيالًا جديدة من الفتيات لتحقيق كامل إمكاناتهن.
تستغرق النتائج الإيجابية وقتًا طويلًا حتى تتحقق، لكنها تحدث. وكما لاحظت كلوديا جولدين، الحائزة على جائزة نوبل فى علوم الاقتصاد لعام 2023، فإن الارتفاع الذى حدث فى ستينيات القرن العشرين فى أعداد النساء الأمريكيات اللاتى صعدن إلى وظائف رفيعة المستوى لم يحدث من قبيل المصادفة بل كان نتاج تراكم بطىء لكن ثابت للحقوق القانونية.
إن تكافؤ الفرص يوفر فرصًا اقتصادية بالغة الأهمية، وليس للنساء فقط. فعندما يفوز نصف البشر، يفوز العالم أجمع.

النص الأصلى
التعليقات