حاجز الخوف الذى خشى منه مبارك.. يا ليت مرسى لا يكسره؟ - أميمة كمال - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حاجز الخوف الذى خشى منه مبارك.. يا ليت مرسى لا يكسره؟

نشر فى : الأحد 7 أكتوبر 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الأحد 7 أكتوبر 2012 - 8:45 ص

أقول للسيد وزير المالية ممتاز السعيد حمدلله على السلامة من الوعكة الصحية المزعومة التى عالجتها الوزارة، بإرسال تكذيب رسمى على وجه السرعة مصحوبا بصورة للسيد الوزير بالبدلة الرسمية على مكتبه، مؤكدة أنه فى أتم صحة وعافية. وإن تسريبات مرض الوزير، وإصابته بغيبوبة محض إفتراء. والتهنئة على السلامة هنا من باب الاحتياط، وللتأكيد على سلامة النية فقط.

 

السلامة بدون مرض تستحق التهنئة للوزير. ولكن ما لا يستحق عليه التهنئة هو عدم التوفيق، بل والإخفاق فيما قاله فى حديثه الأخير لجريدة المصور فى رده على سؤال حول ماإذا كان الرئيس مرسى سينجح فى ترشيد الدعم. فقال بالحرف الواحد: «إنه منذ عام 1991 وحتى الآن لم تتمكن، أو لم تتحد الإرادة السياسية لتحريك أسعار السلع، أو تحريك عناصر الدعم المختلفة. وكان الجميع يخاف من عقدة السادات عام 1977. وأؤكد بثقة كاملة أنه لو نجحت حكومة الدكتور مرسى فى كسر حاجز الخوف سيحسب لها. وعلى ثقة كاملة أن المواطن المصرى البسيط سيتقبل ذلك بصدر رحب».

 

●●●

 

الحقيقة لا أستطيع أن أصدق كيف أتى للسيد الوزير ذلك اليقين من أن المواطن البسيط سيتقبل أى رفع جديد فى الأسعار. والمصيبة الأكبر أن الوزير لديه يقين بأن التقبل سيكون مصحوبا برحابة صدر. لا تسعفنى الكلمات للرد الذى يستحقه ذلك اليقين. ولكن ربما لو عرف السيد الوزير أكثر عن معيشة ذلك المواطن البسيط، الذى ربما مشاغله الكثيرة طوال العهود الطويلة فى الوزارة، حالت دون التعرف عليها ولما كان قد صرح بما قاله فى حواره من أن المواطن محدود الدخل هو من يقل دخله عن 1200 جنيه. وأقول للسيد الوزير أنه طبقا لتعريف جهاز التعبئة والإحصاء أن من يصل دخله إلى 1280 جنيها ويعول يعد فقيرا، وليس من محدودى الدخل.

 

والمصيبة أن السيد الوزير يعرف قبل غيره أن إجمالى من يتقاضون اقل من هذا الدخل ممن يعملون فى القطاع العام والحكومة، والقطاع الخاص فى المتوسط يصل إلى 53%. وفضحا للذين يفتحون صدروهم من أصحاب الأعمال فى القطاع الخاص بأنهم هم الذين يخلقون فرص العمل، وبالتالى يستحقون عليها الدعم، نقول إن نسبة العاملين فى القطاع الخاص التى تتقاضى اقل من (1200 جنيه) تصل إلى 78% من إجمالى العاملين فى هذا القطاع. وهؤلاء العاملون يعولون أسرا تأكل، وتشرب، وتركب، وتتعلم، وتتعالج وهو ما يعنى أن أى كسر لحاجز الخوف من غضبهم لن ينفع كثيرا الدكتور مرسى ولا حكومته ولا جماعته. هذه أوضاع من يعملون فما بالك بمن لايعملون.

 

●●●

 

وهذه الإحصائية لا تعنى على الإطلاق أن كل من يعمل فى الحكومة أو القطاع العام يشكو من ضيق العيش. ولكن هذا يعنى أن هناك من يتقاضى أرقاما خيالية وهى ما رفعت المتوسط العام. وبالطبع لو شغل السيد الوزير نفسه قليلا بقضية الحد الأقصى للأجور، بدلا من انشغاله باقتطاع جانب مما يسند زير المواطن البسيط، ويجعله على قيد الحياة فقط، لوفر كثيرا من أموال الموازنة المنهوبة. خاصة وأن السيد الوزير على دراية كاملة، بما كان يتم صرفه لبعض ممثلى الجهات داخل بعض الأجهزة والهيئات. ومنها على سبيل المثال وزارة الاتصالات. فهل يستطيع الوزير أن يصارح المواطن الغلبان كيف كان ممثلو وزارات الداخلية، والدفاع، ورئاسة الجمهورية، واتحاد الإذاعة والتليفزيون، وهيئة الأمن القومى، ووزارة المالية داخل الجهاز القومى للاتصالات يحصلون على 8 ملايين جنيه فى الشهر (والله العظيم بدون مبالغة). هذا عدا مكافأة رئيس الجهاز التى تصل إلى حوال 500 ألف جنيه (نصف مليون جنيه) فى الشهر. والمضحك الوحيد فى الأمر أن ممثلى الجمهور فى مجلس إدارة الجهاز كانا من بعض الوزراء السابقين، ومساعدى الوزراء. أما الشخصيات العامة فكان منها أمين عام مجلس الشعب المحول حاليا للمحكمة. فابحث يا سيادة الوزير عن هؤلاء أولا، وعن أمثالهم فى كل الأجهزة والهيئات، واختبر رحابة صدرهم. ولا تترك تطبيق الحد الأقصى يقع على مسئولية كل فرد. فكيف لنا أن نصدق أن مثل هؤلاء الذين يتقاضون بالملايين فى العام الواحد سوف يتقدمون طواعية بالإبلاغ عن انفسهم بأنهم يتقاضون أكثر من الحد الأقصى. هذا أيضا يحتاج منك إلى شجاعة ربما أولى من الشجاعة على المواطن البسيط.

 

●●●

 

وإذا كنت تريد من الرئيس مرسى أن يمتلك الشجاعة فأخلص له النصيحة. وقل له إن كسر حاجز الخوف برفع الأسعار على الفقراء، ليس هو الشجاعة. بينما الشجاعة الحقيقية هى إعطاء كل ذى حق حقه. ورفع الدعم عن الأغنياء والميسورين. واسترداد الأموال، والمزايا، والعطايا التى اهداها النظام القديم لأنصاره بدون وجه حق. وقل أيضا للسيد الرئيس إن 37% من افراد الأسر التى تصنف ضمن الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة قد انخفض مستوى معيشتها وأصبحت تقع ضمن الشريحة الأقل انفاقا تبعا لآخر تقرير للدخل والإنفاق لعام 2010 وذلك خلال العامين الماضيين. وأن صدور هؤلاء ودعت الرحابة من زمن.

 

ألم يكن من الأولى يا سيادة الوزير قبل أن تتعشم فى رحابة صدر المواطن البسيط أن تمتلك نفس العشم لدى غير البسطاء من اصحاب المصانع الذين قلبوا الدنيا على الحكومة، عندما تجرأت ورفعت أسعار الغاز على شركاتهم بنسبة 30%. بعد سنوات طويلة استحلوا فيها فلوس المواطن البسيط وحصلوا على الغاز بتراب الفلوس. دون حتى أن يستحوا ويقدموا له سلعا رخيصة. وعندما رفض أصحاب المصانع دفع الزيادات، وبدا أن صدورهم غير رحبة، فما كان من الحكومة إلا أن انصاعت وتوسلت لهم أن يدفعوا بالتقسيط المريح. بينما ذات الحكومة تفقد صدرها مع مواطن بسيط لم يستطع أن يسدد فاتورة الكهرباء فيتم تحرير محاضر ضده وتهدده بالحبس.

 

●●●

 

يا سيادة الوزير قبل ان تفكر فى رفع الدعم عن السولار الذى تستخدمه الميكروباصات ووسائل النقل عليك أن تراجع تكلفة بند الانتقالات داخل الأسرة ستجد أنها زادت بنسبة 61% مابين العامين 2008 /2010 (تبعا لجهاز الإحصاء). فهل يستطيع المواطن البسيط ان يتحمل المزيد من رفع الأسعار، لكى تثبت لنا أن الدكتور محمد مرسى لديه قلب أسد، ولا يرتعش من شبح الرئيس السادات، ولا يرتدع من مشاهد انتفاضة 77 مثلما ارتعش قبله مبارك.

 

ولكن لا أستطيع أن ابخسك حقك يا سيادة الوزير فأنت قبل أن تطالب الرئيس بالشجاعة قد امتلكتها بالفعل دون غيرك. وخفضت من دعم اسكان محدودى الدخل من 1.5 مليار جنيه إلى 700 مليون جنيه فى الموازنة الحالية، وكذلك قللت من الكميات المدعومة من السلع التموينية من 900 الف طن من الزيت التموينى الى 855 الف طن. وخفضت كميات السكر بمقدار 22 ألف طن، والارز بمقدار 394 ألف طن. بينما زدت مليار جنيه دعما للمصدرين ليصل إلى 3.6 مليار جنيه فى ذات الموازنة.

 

 وسيادة الوزير أرجوك راجع موضوع الصدور الرحبة هذه. وتذكر أن مبارك خشى من كسر حاجز الخوف من المواطن البسيط فقامت الثورة. فما بالك وأنت تطلب من الرئيس مرسى أن يكسر الحاجز. أما عن التهنئة على السلامة فى البداية فتأتى من باب عدم كسر حاجز الخوف من الوزراء، الذى ورثناه من العهد السابق. لذلك التهنئة كانت من باب الاحتياط ليس إلا.

 

 

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات