وطن إنعام ومها - منى أبو النصر - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وطن إنعام ومها

نشر فى : الجمعة 8 مارس 2019 - 1:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 8 مارس 2019 - 1:50 ص

وسط أسباب البهجة التي واكبت الحضور العربي الكبير بالتزامن مع معرض القاهرة للكتاب هذا العام، لفتتني لقطة آسرة للكاتبة والروائية السورية مها حسن في بيت السناري بالقاهرة، حين وقفت بلمعة عين تلتقط كلمات تعكس طاقات محبتها لصديقتها إنعام كجه جي، وتمنت في كلمتها لو أن هناك كاميرا "مُتلصصة" تلتقط عفوية إنعام ومهاراتها في الحكي المُسترسل في أي مكان تحِل به، مُعتبرة أن هذا جانب من صميم الحالة الإبداعية للكاتبة والأديبة العراقية إنعام كجه جي كـ"حكاءة" فريدة.
كانت مها حسن تضئ بلهجتها السورية المكان، وهي تُعبر عن ولعها بأسلوب إنعام كجه جي عندما "تصطهج" باللهجة العراقية، على حد تعبيرها، وتُنهي كلمتها: "أنا بحبها كتير لإنعام"، وسط ابتسامات خجولة لإنعام واستقبال حميم من الحضور.
لقاء الصديقتين إنعام ومها في محطة القاهرة، قدوما من باريس، كان خلال عرض فيلم تسجيلي من إعداد وإخراج إنعام كجه جي عنوانه "هدية وديع إلى سلمى" في بيت السناري، الذي أداره ونظمه الكاتب الصحفي سيد محمود، والفيلم يروي بنعومة عن لفتة نادرة لإهداء الكاتب والمترجم الكبير وديع فلسطين لمكتبته كاملة لتلميذته اللبنانية سلمى مرشاق، والانتقال السلس للمكتبة الدسمة في "كراتين" شحنا من القاهرة لبيروت، فيلم تسوده نعومة في السرد، واحتفاء بثيمات "الصداقة" و"الإخلاص"و "الذاكرة"، وهو فيلم وصفه الأديب محمد المخزنجي بالمطر العذب، واعتبر أنه انعكاس لنبل شخص صانعة الفيلم الإنساني.
في ظروف مُختلفة استقر الحال والترحال بالعراقية إنعام كجه جي والسورية مها حسن في باريس، واستطاعتا دمغ علامات أدبية على أرضية ذاكرة وأنين وشحوب سوريا والعراق، فلا تترك إنعام كجه جي صاحبة رائعة "الحفيدة الأمريكية" فرصة إلا وأكدت على أن مشروعها الأدبي هو نتاج كل ما تُدين به للعراق بكل ما وصلت له في الصحافة والكتابة الأدبية والثقافة الأدبية، ولكن اختزانها للقلق والأحزان في مسقط رأسها يظل على الدوام يشدها إليه عبر لغته وذاكرته ومذاقاته وصوره وحتى أغنياته، هذا الوازع ستجده ماثلا لدى مشروع مها حسن في الرواية السورية، فرغم رحيلها وإقامتها في باريس إلا أن الحرب السورية لاتزال تشتعل داخلها وتدفعها إلى الكتابة وتدوين الحكايات، وستجد هُويتها الكردية وذاكرتها الحلبية تتنفسان في أعمالها التي تستدرج بها الصباح ليُبدد ظلام ووحشة الحرب السورية.
يقود الاحتفاء بأعمال الكاتبتين العربيتين إلى مقدمة قوائم وترشيحات القراءة باستمرار، وترشيحات الجوائز العربية كذلك، فأخيرا كان وصول "عمت صباحا أيتها الحرب" لمها حسن للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، وتُنافس إنعام كجه جي حاليا على جائزة "البوكر" العربية بعد وصولها للقائمة القصيرة بروايتها "النبيذة".
حالة الوصال الإنساني تلك تنبت على أرض خصبة زرعتها حكايات إنعام كجه جي ومها حسن، حدودها شرق وغرب، ألم وحنين، أمس وحاضر، وطن أول ووطن ثان، حالة عززتها صداقة تجد لنفسها مقعدا مُريحا وسط حلبة المنافسة التي تخلقها الكتابة وتضاعفها الجوائز الأدبية بطبيعة الحال، حالة ربما تُلخصها كلمة لمها حسن كتبتها عبر حسابها على "فيس بوك" عقب عودتها من القاهرة إلى باريس أخيرا، قالت فيها: "لولا إنعام كجه جي لما أحسست بأنني في باريس، لكنني أعيش داخل بلد عربي كبير، بلد اسمه (إنعام)".

منى أبو النصر صحفية مصرية
التعليقات