إشكاليات نقل وزرع الأعضاء البشرية - علاء غنام - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إشكاليات نقل وزرع الأعضاء البشرية

نشر فى : السبت 8 أكتوبر 2022 - 6:25 م | آخر تحديث : السبت 8 أكتوبر 2022 - 6:25 م

بدأت علاقتى بموضوع نقل وزراعة الأعضاء البشرية منذ التسعينيات عندما جاءت باحثة فى جامعة أمريكية اسعى للحصول على درجة الدكتوراة فى الموضوع فى مصر، لإجراء مقابلة بخصوص بحثها. كان ذلك فى وقت يمر به النقاش عن نقل وزراعة الأعضاء فى وضع شائك من ناحية دينية من حيث تعريف الوفاة، وحكاية موت جذع المخ أم توقف القلب؟. ووقتها قرأت ورقة مهمة لجواز نقل وزرع الأعضاء للمستشار العظيم محمد سعيد العشماوى فى الجدل الدائر، وكان أحد الشيوخ المشاهير أخذ الموقف المضاد ملخصه هذه الجملة Our bodies belong to God وبالتالى لا يجوز نقل الأعضاء.
أغلب دول العالم كانت وضعت لوائح تنظيمية لزراعة الأعضاء ونقلها، مثلا السعودية لديها نظام متميز وقوى وفعال. أغلب الدول سبقتنا فى الموضوع. وبالطبع تأخرنا كثيرا فى إصدار قانون ينظم نقل وزرع الأعضاء حتى سنة 2010، عندما صدر أخيرا قانون يجرم الاتجار فى الأعضاء البشرية أساسا، ويحدد أسس ومعايير وأماكن إجراء مثل هذه العمليات الهامة لإنقاذ بشر فشلت أعضاؤهم المهمة مثل الكلى والكبد والقلب وقرنية العيون.. إلخ.
لكن أين المشكلة الآن؟ المشكلة الأساسية هى وجود قانون المفترض أنه نظريا موجود وجيد، ولكن ناقص وغير مفعل كما ينبغى. وخصوصا فى حالات التبرع بعد الوفاة مباشرة، سواء بوصية مسجلة بذلك أو حتى فى بطاقة شخصية بها علامة بذلك تسمح بالتبرع بعد الوفاة، وطبعا سيظل ذلك أصعب الأمور.
كانت قد مضت سنوات طويلة ومصر ظلت (حتى 2010) من بين الدول القليلة فى العالم التى افتقدت وجود تشريع يجرم تجارة الأعضاء وينظم عمليات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة، خاصة من الأشخاص المتوفين إلى الأحياء.
وأثارت هذه القضية جدلا واسعا فى العقد الماضى، عندما كانت هناك ما يسمى «مافيا تجارة الأعضاء البشرية» التى وقع ضحيتها الفئات الأفقر والأكثر عرضة لتجارة الأعضاء فى المجتمع، فى ذلك الوقت انتشرت مطالبات حثيثة للتوصل إلى تشريع واضح وصارم ينظم الفوضى التى سادت هذا المجال الحيوى فى قطاع أكثر حيوية كقطاع الصحة.
وبعد صدور القانون، ومرور أكثر من 10 سنوات عليه، تظل نسبة كبيرة ممن قد يكونون بأمس الحاجة إلى نقل أو زرع عضو فى مصر دون فرصة للحصول على العضو المطلوب، وذلك بسبب عدم المعرفة بهذا الموضوع أصلا وغياب الترويج والمعرفة القانونية والصحية الكافية به، وأن مسار التبرع، أى الخطوات الإدارية اللازمة، غير واضحة للمواطنات والمواطنين بشكل كاف.
وفى هذا السياق، من المفترض أن القانون أنشأ لجنة معنية بإدارة هذا الموضوع. من المفترض أن يكون لهذه اللجنة دور أكبر على عدة مستويات:
أولا: وضع لوائح واضحة لنقل وزراعة الأعضاء من ضمنها حالات بعد الوفاة، أى مسار واضح معلن، حتى لو كان عدد المستشفيات قليلا. ولا ينبغى التحجج بضعف أو عدم جاهزية النظام الصحى لمثل هذا النوع.
ثانيا: مسئولية نشر أهمية زراعة ونقل الأعضاء بين الأطباء، والطواقم الطبية بشكل عام.
ثالثا: وضع مسار للمواطنات والمواطنين سواء للراغب فى التبرع أو قوائم الانتظار. هل لدى اللجنة قوائم انتظار؟ وإن كانت موجودة كيف تعمل؟ وما هى آلية الربط بين قوائم المتبرعين والمتبرعات وبين قائمة الأولويات؟ هذه كلها أمور ليست معقدة ويمكن حلها بنظام إلكترونى، ثم نشر هذه المعلومات للمواطنات والمواطنين بأن هناك نظاما للتبرع ونقل وزراعة الأعضاء. السعودية لديها نظام قوى وكفء مثلا يمكن احتذاؤه.
يمكن الرجوع مثلا لتقرير أصدرته المبادرة المصرية بعنوان «قانون نقل وزراعة الأعضاء من الاتجار للتبرع» والذى أشاد بالقانون حين صدوره، والذى أشار للتحديات مثل وضع نظام يربط بين الأفراد المتبرعين والاحتياجات الصحية والأولويات وغيرها من التحديات التى ما زلنا حتى الآن نتناقش فيها، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على القانون، ما يعنى أن القانون للأسف لم يتم تفعيله بشكل جيد، ولم يستفد منه بعد آلاف المرضى فى مصر، والذى من المفترض أن يخدمهم القانون فى المقام الأول.
ومن الضرورى الإشارة مرة أخرى لدور اللجنة العليا، فهى المسئولة قانونيا وإداريا عن تفعيل القانون والإشراف عليه.
فى الخلاصة، فإنه لا ينبغى التحجج بعدم جاهزية النظام الصحى لتفعيل حقيقى للقانون، وأيضا لا ينبغى التحجج بأن هناك مقاومة لأسباب دينية من المواطنات والمواطنين، فهناك فتاوى أحدث وعديدة سمحت بذلك من الشيخ جاد الحق إلى اليوم أكدت ذلك.

علاء غنام مسئول الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وخبير فى إصلاح القطاع الصحى
التعليقات