سامي الكيالي في صحبة طه حسين - إيهاب الملاح - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 8:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سامي الكيالي في صحبة طه حسين

نشر فى : الجمعة 8 نوفمبر 2019 - 8:10 م | آخر تحديث : الجمعة 8 نوفمبر 2019 - 8:10 م

سامى الكيالى (1898ــ1972)؛ مثقف وأديب وشاعر سورى كبير من جيل النهضة الأدبية الحديثة التى شهدها النصف الأول من القرن العشرين فى مصر والشام؛ اسمه بالكامل سامى بن على بن محمد الكيالى، ولد فى مدينة حلب (شمالى سوريا)، وفيها توفى. عاش فى حلب والقاهرة، وإسبانيا، والولايات المتحدة الأمريكية. وكان مهتمًا بالآداب، والتاريخ، والرحلات. شغل وظيفة أمين سر بلدية حلب ربع قرن، ومفتشًا إداريًا لبلديات المنطقة الشمالية، وأصدر مجلة «الحديث» فى حلب (1927ــ1960).

عُيِّنَ مديرًا لدار الكتب الوطنية، ومديرًا للمركز الثقافى بحلب، وحاضر فى معهد الدراسات العربية العليا فى القاهرة، وكان مستشارًا ثقافيًا للوفد السورى فى اليونسكو. كما كان عضوًا فى المجمع اللغوى بسوريا ومصر، وعضوًا بالمجلس الأعلى للفنون والآداب فى سوريا ومصر، وعضوًا فى اتحاد الكتّاب العرب بدمشق، وعضوًا فى الجمعية التاريخية بمصر. وأطلق اسمه على أحد شوارع حلب.

هذه نبذة تعريفية سريعة عن الرجل وقيمته، ونحن بصدد الحديث عن كتابه المهم «مع طه حسين» الذى يكاد يكون أهم ما كُتب تعريفا وتأريخا بسيرة الدكتور طه حسين وكفاحه العلمى والفكرى. وقد اقترب الرجل من عميد الأدب العربى وصحبه لما يقرب من ثلاثين عامًا.

صدر الجزء الأول فى سلسلة (اقرأ)، العدد (112)، وقد كتبه فى أغسطس 1951. ثم ظهر الجزء الثانى منه فى سلسلة (اقرأ) أيضًا، العدد (301)، الصادر فى يناير 1968. وتشاء الأقدار أن يرحل التلميذ قبل أستاذه بعام واحد إذ توفى الكيالى عام 1972.

وبعد وفاة طه حسين فى 28 أكتوبر 1973، بادرت دار المعارف بمصر، فى نوفمبر من العام ذاته، بنشر عدد خاص من سلسلة (اقرأ) تحت رقم (375) ضم الجزءين معًا «مع طه حسين»، كتب له مقدمة طويلة المشرف العام على دار المعارف آنذاك، السيد أبو النجا، بعنوان (طه حسين كما عرفته).

«مع طه حسين» لسامى الكيالى، كتاب جمع بين استعراض سيرة حياة طه حسين الإنسانية، والعلمية، والفكرية، يتخلل ذلك سرد لذكريات، وتحليل أهم أعمال العميد، ومزج فيه المؤلف بين الذاتى والموضوعى فى لونٍ من التأليف كان شائعًا فى تلك الفترة، ولغة رصينة تحاول أو تكاد تحاكى بعضًا من إيقاعات أسلوب العميد ولوازمه الأسلوبية (كالترادف، واستخدام المفعول المطلق، والتكرار النغمى، وحسن التقسيم، والتوازى بين الجمل، وتقطيع العبارات.. إلخ)، فالكاتب يسرد تفاصيل مهمة، ويلخص أحداثًا وقعت له مع العميد فى حياته الخاصة، إلى انطلاقته وبزوغه فى الأدب العالمى، ويحاكى تجاربه بين دراسته فى الأزهر إلى أن بغضه بسبب التقييد الفكرى، وكذلك دراسته فى الجامعة المصرية، وتفوقه فى جامعات فرنسا.

يهدى سامى الكيالى كتابه إلى «من قرأت شخصه من الغلاف إلى الغلاف» (إلى قرينة طه حسين). ويهديه إلى «من شرفا بالانتماء إليه» (أمينة ومؤنس طه حسين). وأخيرا إلى الملايين ممن «عشقوا موسيقاه؛ كاتبا وخطيبا ومعلما».

ورغم صغر حجمه (224 صفحة من القطع الصغير لسلسلة اقرأ) يمثل الكتاب بانوراما إنسانية وسيرية شاملة عامرة بالتفاصيل الرائعة والدقيقة والموثقة عن حياة طه حسين؛ ومحطاته الرئيسية منذ الميلاد وحتى سنوات عمره المتأخرة؛ وسرد بأسلوب رائع أبرز العواصف التى أثارها صاحب الأيام؛ والعديد من مواضيع منها الخلافات الأدبية مع المشايخ الأصوليين والكُتّاب التُبّع للرأى العام.. ولا تخفى مواقف له مع أصدقاء خذلوه، وآخرون وقفوا معه وآزروه مثل الأديب الكبير توفيق الحكيم. ولا يهمل الكاتب الدور المهم جدًا، بل يكاد يكون الأهم، وهو دور زوجة العميد السيدة سوزان وكفاحها مع زوجها حتى وصل إلى ذروة نجاحه..

كتب الكيّالى فى مستهل حديثه عن طه حسين: «عميد الأدب العربى، المفكر الحر، صاحب المدرسة الحديثة التى وجهت الدراسات الأدبية وجهة جديدة نقلتها من عصر الميوعة والتزمت إلى عصر القوة والحرية والانطلاق. المؤلف، الناقد، الأديب، القاص، الذى رشحته الهيئات الأدبية فى الغرب لجائزة نوبل. معرى القرن العشرين، ومفخرة مصر والعرب.. الدكتور طه حسين».

لم يكن الكيالى يقصد تتبع حياة العميد وسيرته، كما يوضح فى مقدمته، ولكنه أراد أن يلمح إلى مراحل حياته الفكرية عبر مسيرته العمرية، ويعتمد فى ذلك على ما كتبه طه حسين فقط، ملزما نفسه بذلك ما استطاع.